قال نشطاء حقوق الإنسان بالمغرب إن المملكة بإمكانها أن تكون نموذجا يحتدى به في مجال حقوق الإنسان في منطقة شمال أفريقيا باعتبارها تمتلك جميع المؤهلات لذلك.
في هذا الصدد، أوضح الناشط الحقوقي الأمازيغي، أحمد عصيد، في تصريح لـ"
عربي21"، الأحد، بالرباط (العاصمة)، أن
المغرب من الممكن أن يكون نموذجا متميزا في حقوق الإنسان في منطقة شمال أفريقيا "وذلك لأن لديه جميع المؤهلات"، واستدرك: "لكن تردد السلطات المغربية، وكذلك الصراع بين دواليب الدولة، بين الماضي والحاضر، بين التقاليد البالية وبين المبادئ والقيم الجديدة، يجعلنا نتأخر، ويدفعنا لأن لا نصبح نموذجا بقدر ما سنصبح مثلنا مثل الآخرين نمارس
انتهاكات حقوق الإنسان في الوطن".
ولفت عصيد خلال
المسيرة الوطنية التي نظمتها هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المكونة من مجموعة من المنظمات والهيئات الحقوقية والمدنية، بالرباط، الأحد، إلى أن "الحكومة المغربية لا تريد أن تحسم في اختيار الأسس والمرتكزات الأساسية للديمقراطية وبالتالي يجعل هذا أن السياسات العمومية مرتبكة وكذلك القوانين".
واعتبر عام 2005 سنة "للقوانين المجهضة غير مطابقة للدستور"، وذلك بسبب التراجع عن العديد من المكتسبات الحقوقية التي عرفها المغاربة.
وأكد الناشط الأمازيغي خلال مشاركته في المسيرة التي نظمت احتفالا باليوم العالمي لحقوق الإنسان وكانت تحت شعار: "من أجل مغرب الحقوق والحريات للجميع"، أن التراجع على المكتسبات دليل على أن "الدولة المغربية مرتبكة وليس لديها قرار حاسم لتختار الديمقراطية وحقوق الإنسان وتؤسس لها سواء في المنظومة التربوية، أو الإعلامية، أو في الفضاء العام والخطاب اليومي، وكذا في القوانين وفي الممارسات السياسية".
وأشار إلى أن "عنف القوات العمومية مازال مستمرا ضد كل من يتظاهر أو يعبر عن الرأي، ونرى أن المحاسبة غير موجودة، فجميع الذين انتهكوا القوانين من المسؤولين لا يحاسبون.. نهب المال العام مستمر بدون محاسبة"، مشددا على أن كل هذه المظاهر "تعني أننا لم نتقدم كثيرا للأسف، وإن كان لدينا أمل أن يكون الغد أفضل من اليوم والأمس".
ودعا عصيد كافة الحقوقيين والقوى المدنية والسياسية للتكتل في جبهة متراصة من أجل الضغط المدني والسياسي لانتزاع المزيد من المطالب الحقوقية، "ولردع السلطة حتى لا تقوم بالانتهاكات التي مازالت تفعلها.. وأعتقد أننا في حاجة ماسة لهذه الجبهة الوطنية نظرا لوجود مخاطر المزيد من التراجعات في المجال الحقوقي".
من جانبه، قال رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير، محمد العوني، في تصريح لـ"
عربي21"، إن "الجميع يعلم أن العديد من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي تضمنها التقرير الختامي مازالت عالقة ولم تنفذ إلى اليوم في مقدمتها تقديم الدولة المغربية اعتذارا علنيا ومسؤولا باسم رئيس الحكومة أمام البرلمان".
وطالب "بعدم الإفلات من العقاب، فكل مسؤول ارتبط بملفات لها علاقة بالانتهاكات لحقوق الإنسان يجب تقديمه للمساءلة والمحاكمة من أجل أن نضمن عدم تكرار ما وقع في سنوات الرصاص".
وأوضح العوني أن "الفاعلين والنشطاء الحقوقيين يمثلون يقظة الضمير الإنساني لتوجيه الرسائل من أجل عدم تجديد الانتهاكات". مشيرا أنه "في كل مرة تسجل اعتداءات على حقوق الإنسان في المغرب يكون هناك رد فعل للنشطاء الحقوقيين من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات".
وأكد على ضرورة "تطبيق القانون في نهاية المطاف، وأن يتم التعامل مع المواطنين والمواطنات على قدم المساواة أمام القانون كيفما علا شأن الذي يمكن أن يشكل مصدر اعتداء على حقوق الإنسان والحريات العامة".
وعرفت المسيرة مشاركة العشرات من الحقوقين والفاعلين السياسيين ومنظمات المجتمع المدني، رفع خلالها لافتات وشعارات تطالب الحكومة المغربية بالالتزام بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومحاسبة المتورطين في كافة الانتهاكات الحقوقية.