سياسة عربية

وفاة مسؤول قضائي مصري بمحبسه.. انتحار أم تصفية حسابات؟

توفي بمحبسه وهو على ذمة التحقيق- أرشيفية
أثار انتحار أمين عام مجلس الدولة السابق، المستشار وائل شلبي، في محبسه بعد ساعات من بدء التحقيق معه فيما يعرف بـ"قضية الرشوة الكبرى"، وحظر النشر فيها، العديد من التكهنات والتساؤلات بشأن ملابسات "انتحاره"، أو "نحره"، وتورط شخصيات فاسدة كبيرة في القضية.
 
وكانت نيابة أمن الدولة العليا أمرت في الساعات الأولى من صباح اليوم بحبس "شلبي" 4 أيام على ذمة التحقيق، بعد يوم من القبض عليه، عقب قبول استقالته لاتهامه في القضية واتهامه بتلقي رشوة.
 
واضطلعت هيئة الرقابة الإدارية، التي يعمل بها نجل عبد الفتاح السيسي، -الأسبوع الماضي- باعتقال مدير المشتريات بمجلس الدولة، علي جمال اللبان، وبحوزته مبالغ مالية ضخمة بمنزله، حصل عليها عن طريق الرشوة والتربح واستغلال النفوذ.

"عصابة تحكم"

رجح عضو التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، إسلام الغمري، أن يكون قد تم "تصفية المستشار وائل شلبي"، وقال لـ"عربي21": "واقعة اليوم تشير إلى أن هناك عصابة تحكم، وقد تكون هناك أطراف متورطة من مصلحتها التخلص منه لإغلاق القضية، وهو ما يلقي بالغموض على الحادث، ويحمل السلطة المسؤولية".

واعتبر الحادث "مؤشر على تدهور الأوضاع في مصر بشكل كبير، وهناك محاولة لجزر القضاة عبر القوانين الجديدة التي يريد أن يمررها السيسي بحيث يسيطر بشكل مطلق على كافة أجهزة الدولة، وما يتم الآن برغم اختلافنا مع بعض القضاة الذين أيدوا الانقلاب العسكري، نرفضه دون أدلة واضحة وقاطعة".

وأكد أنه "لا يمكن التسليم باتهامات النظام؛ لأنه يبحث بنفسه عن الفاسدين لينصبهم"، متسائلا "فما مصلحته من التخلص من أحدهم إذا صدقت روايتهم، إلا إذا كان تصفية حسابات بين كبار الفاسدين، وهذا القتل جاء للتغطية عليه".

وأشار المتحدث إلى أن "حظر النشر في القضية يأتي في إطار حجب الحقائق، من خلال إجراءات غامضة"، مطالبا "بتحقيق مستقل وشفاف لكشف ملابسات القضية من البداية وحتى الآن، ويجب ألا تغلق بانتحار أو قتل أمين عام مجلس الدولة".

احتمالات كثيرة

من جهته، لم يستبعد الناشط الحقوقي والسياسي، هيثم أبو خليل، جميع الاحتمالات في التعامل مع "انتحار" أو "نحر" المستشار وائل شلبي، وقال في تصريح لـ"عربي21": "الاحتمالات كثيرة، وكل شيء وارد في جمهورية الموز، أو شبه الدولة، ربما يكون الأمر هو تصفية وقتل خارج نطاق القانون؛ لأن موضوع انتحاره غير منطقي أبدا".

وأضاف "من المعروف في مراكز الاحتجاز أن المحبوس احتياطيا يتم تجريده من كافة متعلقاته الشخصية، وأن إعلان أنه انتحر بالكرافتة أو رباط الحذاء،  أو بحبل كان موجودا بالصدفة في الزنزانة، أمور لا يصح أن تطرح في عام 2017، ربما نكون أمام إعادة إنتاج مسلسل الانتحار كما في عهد مبارك وغيره".

رسائل النظام

قال عضو جبهة الضمير، عمرو عبد الهادي، إن رواية انتحار أمين مجلس الدولة تحمل ثلاث رسائل، الأولى للقضاة بأن النظام يملك جميع ملفاتهم، ويستيطع كشفها في أي وقت، الثانية، أن النظام حصل على ما يريد، واستعاد الأموال المنهوبة، وظهر كأنه محارب للفساد، والثالثة، أنه تخلص من طرف رئيسي في القضية التي أثارها بنفسه، لأغراض خاصة، وتخلص بمجرد تحقيقها".

وأكد أن "مراكز الحبس يفترض أنها خالية، ولا تحتوي أية أدوات قد تساعد المسجون على الضرر بنفسه؛ خاصة إذا كان متهم في قضية كبرى، ولم ينته التحقيق معه بعد، وأن المحبوس هو مسؤولية قوات الأمن".

ورأى أن السرعة التي "تم التخلص فيها"، من أمين عام مجلس الدولة "تحمل العديد من التساؤلات في وقت لم تكتمل فيه التحقيقات بعد"، مطالبا "بفتح تحقيق في القضية، وإظهار الحقائق للرأي العام، لا حظر النشر فيها، وهم من روجوا لها منذ البداية في الصحف والإعلام".

شكوك حول النظام

من جهته، قال الباحث في المرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد الطنوبي، لـ"عربي21": إن "الرواية الرسمية حول انتحار المستشار وائل شلبي داخل محبسه تلقي بظلال من الشك بعد تسريبات حول تورط قيادات كبري في الدولة في تلك القضية ما يجعل تلك الأطراف صاحبة مصلحة في التخلص من المتهم لدفن أدلة اتهامهم وتحميلها لمدير المشتريات المتهم الأول في القضية".
 
وذهب بالقول إلى أن "الأرقام التي ظهرت في نهاية العام المنصرم حول كشف قضية فساد واحدة بقيمة 168 مليون جنيه تؤكد أن الأرقام التي أعلنها رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، المستشار هشام جنينة، هي أرقام متواضعة، في ظل عمليات الفساد المنهجية التي تتورط فيها مؤسسات رسمية وكبيرة كمؤسسة القضاء".

وأقيل المستشار جنينة من منصبه في آذار/ مارس 2016، بالمخالفة للدستور، بعد تشكيل لجنة تقصي حقائق زعمت في تقريرها أن تقديرات جنينية بشأن الفساد 600 مليار جنيه "لا أساس لها من الصحة"، لتتولى نيابة أمن الدولة التحقيق معه، وإحالته لمحكمة الجنح التي أصدرت حكما بحبسه لمدة عام، في تموز/ يوليو 2016، ومن ثم رفض محكمة جنح مستأنف القاهرة الجديدة طعن "جنينة" وتأييد حبسه في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.