مع الإقرار الأولي للمؤسسة الأمنية الصهيونية، بأن ما جرى في معتقل الجلبوع هو خطير جداً، يستدعي استنفارا غير مسبوق، فإن هذا الإقرار يترافق مع حقيقة أخرى حاول الإسرائيليون إغفالها، كما حاولت سلطة رام الله، الاستخفاف بها، وهي أوضاع الأسرى والمعتقلين داخل الزنازين الإسرائيلية
اللقاء هو فقط لتمكين السلطة من استمرار عملها على الأرض بعد توجيه التحذير الأمريكي عن اقتراب وشيك لانهيار السلطة، والتركيز في كل جولة محادثات فلسطينية إسرائيلية على بلورة واقع أمني ومدني واقتصادي في الضفة وغزة جُرب منذ أوسلو حتى يومنا هذا
لا يكاد يمر أسبوع، دون وتسجيل فظاعة جديدة بطيران موسكو ونظام الأسد وأجهزته الأمنية، وتسجيل شهادات جديدة لانتهاكات فظيعة بحق المعتقلين من الاغتصاب والتعذيب والقتل، لذلك يندر أن نجد، في التاريخ الحديث، مثيلًا لجرائم الأسد..
ليست المرة الأولى التي يحاول فيها النظام مع حليفيه الإيراني والروسي فرض سيطرة مطلقة على المدينة بعد "بروفة" التسويات التي ابتكرها العقل الروسي للنظام، كمقدمة لخداع معظم المناطق في سوريا، والتي واجهت بدورها تدميرا وتحطيما وحصارا وتهجيرا
لا يمكن قراءة تلك القرارات إلا في خانة الانسجام مع الاشتراطات العربية والأمريكية لدور النظام في تونس بعد الثورة، وانصياعاً للتفريط بحقوق التونسيين الديمقراطية، وتعديا صريحا وخطيرا على أبسط الحقوق وضمانتها في الدستور المُنقلَب عليه من قيس سعيد
في كل الأحوال، ما تمخض عن انقلاب قيس سعيد على الدستور بشكل سريع في الشارع، يعكس الصورة المقبلة للحياة السياسية في تونس في عهده ومزاحمته على موطئ قدم في الثورة المضادة والديكتاتورية الملتحفة بتنميق الكلام وجهوزيتها لـ"إطلاق الصواريخ" من منصاتها حسب تعبيره
يعيد رأس النظام السوري التأكيد على حالة الانفصام التي أصابته منذ عشرة أعوام، باجتراره ذات الخطاب في كل مناسبة رافقت سياسته الكارثية التدميرية على المجتمع والشعب السوري برمته
العقد الأخير من حياة أحمد جبريل وسياسة فصيله (القيادة العامة) على الساحة السورية، ومشاركته في حصار مخيم اليرموك وتدميره وتعفيشه مع عصابات الأسد، ومسؤوليته عن مقتل مئتي محاصر من الجوع، كل ذلك يعيد التأكيد على الأهمية التي حظي بها الرجل عند النظام السوري تاريخياً..
الأمر الطبيعي أن تمارس الشعوب حياتها الديمقراطية في ظل السيادة والاستقلال، وليس تحت حراب الاحتلال والاستيطان وسيطرة قوة استعمارية. والأمر غير الطبيعي أن تمارس سلطة تحت الاحتلال ممارسته ضد شعبها..
جربت المؤسسة الصهيونية كل الوسائل والأساليب، والمتوجة بإنشاء سلطة فلسطينية تقوم عقيدتها الأمنية تحت رعاية أمنية أمريكية إسرائيلية؛ على التنسيق مع الشاباك (أو شين بيت) الإسرائيلي لتطويع العقل الفلسطيني عند حدود القبول بما هو قائم والتعايش معه..
برهنت مسيرة المواجهة الأخيرة مع الاحتلال وتطوراتها الميدانية المستمرة داخل الخط الأخضر على أن السعي الصهيوني للتحول نحو تسويق التطبيع والأسرلة لهزيمة الشارع العربي وهزيمة سكان فلسطين الأصليين قد فشلت بشكل مريع، وأن مفهوم التكيف مع سياسة العدوان المستمر والاستيطان والتهويد ومحاولات طمس الهوية لم تنجح
القرائن والشهادات والصور والوثائق التي تدين نظام الأسد جوبهت بنفاق لم يشهد له التاريخ إلا مع المحتل الصهيوني، لكن التهنئة الفجة بوقاحتها تأتي من بين ظهرانينا، بتهافت فصائل فلسطينية رسمية، في مقدمتها زعيم السلطة، على تقديم تهنئة للأسد بمناسبة "فوزه" بالانتخابات، وتهنئة أخرى من الجبهة الشعبية..
من تُوجه له التحية ومن تنحني له الهامات هو قتيل "فرع فلسطين" تحت التعذيب، ومن هو صامد في الجليل والمثلث والنقب والقدس وغزة، ومن يُشكَر هي شوارع عربية تئن تحت الظلم، وما زالت ترى في المشروع الصهيوني وخدمهِ في أنظمة القتل والقهر عدواً رئيسيا لها وللشعب الفلسطيني