تتزايد معاناة الشعب
اللبناني يوما بعد الآخر، لا سيما بعدما أقر مجلس النواب اللبناني قبل نحو أسبوعين، قانونا جديدا للضرائب يفاقم أوضاع المواطنين، ويثقل كاهلهم بأعباء إضافية تستنزف قوت يومهم.
وأقر مجلس النواب اللبناني في 9 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أول سلة للمواد الضريبية المعنية بتأمين إيرادات مالية لتمويل سلسلة الرتب والرواتب.
ومن أبرز
الضرائب، رفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 إلى 11 في المئة، وزيادة رسم الطابع المالي على فواتير الهاتف، وفرض رسوم بنسبة 15 في المئة على ضريبة الدخل.
وفرضت الحكومة أيضا، رسوما على عقود البيع العقاري، وضريبة على أرباح الشركات المالية، وزيادة الرسوم على جميع أنواع التّبغ والتمباك (تبغ النرجيلة) والخمور.
كذلك، طالت الزيادات الضريبية رسوم بطاقات السفر، وفرض رسوم على إنتاج الإسمنت.
ارتفاع الأسعار
وبدأت أسعار السلع تسجل ارتفاعا، إذ يقول أحد تجار المواد الغذائية: "اضطررت لرفع الأسعار لأنني اشتريها من المصدر بأسعار أعلى".
ويظهر جليا في الشارع اللبناني امتعاض المواطنين من الضرائب والرسوم الجديدة، إذ يصف أحد المواطنين -رفض الإفصاح عن اسمه- قانون الضرائب الجديد بـ"التهجيري" كونه يهدف إلى تهجير المواطنين من وطنهم (أي الهجرة للبحث عن مصدر رزق خارج البلاد)، وسرقة لقمة عيشهم.
وقال أحد المواطنين: "تحتار الطبقة الحاكمة بكيفية سرقة ما تبقى لنا من عيش كريم، والضرائب وسيلة جديدة لسرقة قوتنا اليومي".
اتساع الفقر
من جهته، قال الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة، إن "رفع الضريبة على القيمة المضافة 1 في المئة مع السلة الضريبية التي أقرتها الدولة، سيزيد عدد الفقراء في لبنان (العائلات التي لا يتجاوز مدخولها الستة دولارات في اليوم)".
وأضاف أن نحو 170 ألف شخص، سيُنتَزعون من أسفل الطبقة الوسطى ليضافوا إلى الطبقة الفقيرة المتمثلة بمليون و800 ألف فقير، ما يرفع نسبة الفقر في لبنان من 31.52 في المئة إلى 33.93 في المئة.
وأشار إلى أن "ضريبة القيمة المضافة التي تمت زيادتها ستكون عاملا أساسيا وراء زيادة نسبة الفقر، كونها تطال كل السلع، بشكل مباشر وغير مباشر".
وأوضح الخبير الاقتصادي، أنه على اعتبار أن المكونات التي تدخل في تكوين السلعة أو الخدمة هي عرضة لضريبة القيمة المضافة، وعلى رأسها المحروقات التي تدخل بنسبة 95 في المئة في السلع والخدمات، ما يرفع أسعار السلع جميعها بنسبة تتراوح بين 10- 15 في المئة.
وضرب عجاقة مثالا على ذلك وهو "
الخبز"، إذ إنه معفى من كل الضرائب، لكن سعره سيرتفع إلزاميا، لأن المحروقات تدخل في مراحل تصنيعه ونقله للبيع إلى المستهلكين.
تمويل الرواتب
وأوضح أن الضرائب "تأتي تحت ذريعة تمويل قانون رفع الحد الأدنى للرواتب والأجور، وإعطاء زيادة غلاء المعيشة للموظفين في القطاع العام الصادر بتاريخ 21 آب/ أغسطس الماضي، الذي تبلغ تكلفته أكثر من مليار دولار".
وبحسب عجاقة، فإن "هناك مليون موظف سيدفعون ضرائب من دون أي يتم تصحيح أجورهم".
ولا يختلف رأي الخبير الاقتصادي غازي وزني كثيرا عن رأي عجاقة، ولا يستبعد "أن تساهم هذه الضرائب بزيادة نسبة الفقر في لبنان".
ويقسّم وزني قانون الضرائب الجديد بحسب تأثيراته على الشكل التالي: "55 في المئة من الضرائب تطال المواطنين اللبنانيين بشكل مباشر، و26 في المئة تطال القطاع المصرفي، و19 في المئة تطال القطاع العقاري".
وعن تأثيرات الضرائب، أكد أن "أولى تأثيرات الضرائب ستنعكس تضخما في الأسعار بنسبة تتراوح بين 5 و10 في المئة، تبعا لنوع السلع".
وثاني التأثيرات، سيكون الغلاء في أسعار الشقق السكنية، وثالثها الارتفاع في أسعار العقارات بين 3- 5 في المئة، كما أن تأثيراتها ستطال المودعين في المصارف نتيجة زيادة الفوائد عليهم من 5 إلى 7 في المئة.
أما أبعاد هذه التأثيرات، فيشير وزني إلى أن "الركود الاقتصادي في لبنان لا يتحمل إجراءات ضريبية، لأن ارتفاع الأسعار سيؤثر على الاستهلاك، بالتالي على النمو الاقتصادي الضعيف أصلا".