هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن لبنان الذي بات على مشارف التحول إلى مستنقع جديد للحرب المسلحة في الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن حرب لبنان ضد حزب الله قد تضاف إلى حروب سوريا واليمن والعراق. في الأثناء، دفع هذا الأمر العديد من وسائل الإعلام في المنطقة، بما في ذلك اللبنانية، إلى مراقبة النزعة العدوانية لولي العهد السعودي، الرجل القوي محمد بن سلمان، وتحالفه مع إسرائيل ضد إيران، بشيء من القلق.
وبينت الصحيفة أن الأمير السعودي البارز، عبد العزيز بن فهد آل سعود، تعرض مؤخرا للاعتقال؛ بسبب خلافاته مع الرياض فيما يتعلق بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وعلى الرغم من أن هذه الحادثة لم تحدث أي فرق على المستوى الدولي، إلا أن احتجاز ابن فهد قد يكون ذا صلة مباشرة بالتوترات العظيمة التي تشهدها المملكة العربية السعودية خلال هذه الأيام.
وفي هذا السياق، شنّ محمد بن سلمان حملة عدائية على جبهات مختلفة، حيث أمر باعتقال العشرات من كبار المسؤولين، أحد عشر فردا منهم ينتمون إلى العائلة المالكة، إلى جانب أربعة وزراء من حكومته.
وأوردت الصحيفة أن هذه الاعتقالات تزامنت مع استقالة رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، غير المتوقعة، التي أعلن عنها انطلاقا من السعودية وليس في لبنان. وفي حين أن الرئيس اللبناني لم يوافق بعد على هذه الاستقالة، لكن الواضح أن هذا القرار نهائي، الأمر الذي من شأنه أن يفتح أبواب أزمة جديدة على مصراعيها في هذا البلد الصغير.
وبعد ساعات قليلة من استقالة الحريري، تم إطلاق صاروخ باليستي من اليمن باتجاه الرياض، لتبادر وحدات الدفاع السعودية بإسقاطه قبل أن يصل إلى هدفه. وفي هذا الإطار، اتهمت سلطات الرياض إيران بتأمين الصواريخ الموجهة ضدها، كما أقرت بأن حزب الله يقف وراء إطلاق هذا الصاروخ من الأراضي اليمنيّة التي يسيطر عليها الحوثيون، دون تقديم أي أدلة ملموسة على ذلك.
وأوضحت الصحيفة أن وزير الدولة السعودية لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان، وجه أصابع الاتهام للبنان، مشيرا إلى أنه "أعلن الحرب" على السعودية من خلال حزب الله، موجها الاتهامات ذاتها إلى طهران. في الحقيقة، تحمل هذه الكلمات في طياتها إشارة واضحة إلى نزاع مسلح محتمل في لبنان، من المرجح أن تتورط فيه إيران.
في الوقت ذاته، يبدو أن السلطات الإسرائيلية تسير على خطى القادة السعوديين، خاصة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وفي هذا الصدد، قام كلا البلدين باستهداف لبنان وإيران، في حين شجعا الدول الغربية على النسج على منوالهما. في المقابل، لا يزال الدور الذي يلعبه دونالد ترامب، في خضم هذه الفوضى، غير واضح.
وذكرت الصحيفة أن ابن سلمان ونتنياهو يعدّان الشخصيتين الرئيسيتين في قلب هذا السيناريو، فكلاهما يستخدم نفوذه بشكل دقيق، وذلك بغية التصدي لطهران. لكن ذلك لا ينفي المشاركة العميقة لكليهما في مختلف الصراعات الإقليمية. فقد مني السعوديون والإسرائيليون بنكسة كبيرة في سوريا، في حين يحاولان إلى حد الآن تدارك الوضع.
والجدير بالذكر -وفقا لأحد المصادر- أن هناك بعض المسؤولين في السفارة السعودية في واشنطن كانوا على صلة ببعض السعوديين الذين ارتكبوا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001. في الأثناء، لا تزال الدعاوى القضائية لعائلات المئات من ضحايا هجمات 11 من أيلول/ سبتمبر، التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، على المحك. وللحد من هذه المطالب، يحتاج السعوديون إلى دعم إسرائيل.
وأفادت الصحيفة بأن بعض المصادر، على غرار صحيفة نيويورك بوست الأمريكية، شككت في علاقات التعاون التي تجمع بين البلدين. وفي هذا الشأن، صرح الصحفي الإسرائيلي، باراك رافيد، بأن نتنياهو أصدر تعليمات إلى مختلف السفارات الإسرائيلية بالدفاع عن مواقف المملكة السعودية في جميع أنحاء العالم.
من جهته، يحتاج محمد بن سلمان إلى المزيد من الوقت؛ في سبيل بلورة الوعود التي قطعها على شعبه، والتي تهدف إلى تحديث البلاد في غضون 13 سنة. ففي الحقيقة، يسعى ابن سلمان إلى الحد من الاعتماد على النفط، وتركيز مبادئ الإسلام المعتدل في صلب الدولة، لكنه يدرك أنه بغية تحقيق مآربه لا بد أن يحكُم بقبضة من حديد، وأن ينتهج الاستبداد سياسة.ا
وأقرت الصحيفة بأن إسرائيل، الحليف الرئيسي لابن سلمان، تسعى إلى الاستفادة من ضعف حزب الله، الذي يمر في الوقت الراهن بأسوأ فتراته في لبنان، خاصة أن ثلة من مقاتليه المهمين للغاية يحاربون في سوريا. بناء على ذلك، تطرقت بعض وسائل الإعلام اللبنانية والإقليمية إلى أن إسرائيل قد تحاول تصفية حساباتها مع حزب الله من خلال السعوديين. وبالتالي، ستتمكن من تنفيذ ضربة مزدوجة ومتزامنة لكل من حزب الله وإيران.
وفي الختام، أبرزت الصحيفة أنه من مصلحة بنيامين نتنياهو أن يقحم ترامب في حرب ضد إيران، وهو ما تسعى إسرائيل جاهدة لبلوغه، لكن فرص حدوث ذلك محدودة. وفي انتظار أن يتخذ ترامب قراره بشكل من الأشكال، يمكن أن يكون حزب الله "فريسة" سهلة، وعلى قدر إمكانيات إسرائيل والسعودية في مواجهة إيران.