هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للصحافي باتريك كوكبيرن، يتحدث عن الاحتجاجات في إيران، ويناقش الأسباب التي دعت إلى قيام تلك التظاهرات.
ويجد الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن الذي يغذي هذه التظاهرات هو الاحتجاج على الفساد، وغياب المساواة، مشيرا إلى أن إيران تشهد أكبر تظاهرات منذ عام 2009، ويتزايد زخمها، حيث قتل العشرات، مع أن ظروف وفاتهم لا تزال غير معروفة.
ويعلق كوكبيرن قائلا إن "السبب الرئيسي وراء هذه الاحتجاجات هو اقتصادي، إلا أن الشعارات سياسية، وموجهة مباشرة ضد المؤسسة الدينية التي تسيطر على البلاد منذ الثورة الإسلامية في عام 1979".
ويشير الكاتب إلى أن هذه التظاهرات بدأت احتجاجا على ارتفاع الأسعار في مدينة مشهد، التي تعد ثاني أكبر مدينة في البلاد، ومرقد أحد الأئمة، وهي مكان ينظر إليه على أنه معقل من معاقل المتشددين.
ولا يستبعد كوكبيرن تشجيع هؤلاء المتشددين أو تسامحهم مع التظاهرات؛ كوسيلة لإضعاف الرئيس حسن روحاني، الذي يمثل تيار الاعتدال والمنتخب بأغلبية ساحقة العام الماضي.
ويستدرك الكاتب بأن "التظاهرات خرجت عن سيطرة المتشددين، وانتشرت في أنحاء البلاد كلها، بشكل يكشف عن حالة السخط التي تعيشها البلاد، وربما كانت إشارة إلى تحضيرات سرية قامت بها الجماعات المعارضة للنظام".
ويلفت كوكبيرن إلى أن "الرئيس الامريكي دونالد ترامب هدد العام الماضي بدعم الجماعات المحلية المعارضة للحكومة، إلا أن هذا لا يعني أن إدارته قد قامت بالتحريض على هذه الاحتجاجات، واتهم في تغريدته الأخيرة القيادة الإيرانية بتحويل البلد إلى (دولة مارقة فارغة اقتصاديا وأهم ما تصدره هو العنف والدم والفوضى)، وقد تجد السعودية ما يدعوها لدعم الجماعات الاثنية، مثل أكراد إيران، الذين استبعدوا من الحكومة المركزية".
ويبين الكاتب أنه "مع ذلك، فإن القيادة الإيرانية قد تستخدم الخطاب العدواني من ترامب للتقليل من مصداقية المتظاهرين، واتهامهم بأنهم بيدق في يد القوى الأجنبية، وتعاني إيران من انقسام سياسي منذ انهيار نظام الشاه، لكن الأحداث التي شهدتها البلاد منذ الحركة الخضراء كانت اقتصادية في طابعها، وبهذا المعنى فإن المظالم التي يعبر عنها المتظاهرون الإيرانيون تشبه تلك التي تواجهها الدول المنتجة والمصدرة للنفط، حيث الفساد وعدم المساواة، حيث سجلت نسبة البطالة العام الماضي 28.8% ، ورغم رفع العقوبات عن إيران، بموجب اتفاقية عام 2015، إلا أنها لم تؤد للمنافع الاقتصادية المنشودة، وفي الميزانية الأخيرة زادت قيمة الوقود بنسبة 50% وأسعار البيض والدجاج بنسبة 40%".
ويقول كوكبيرن: "من الباكر الحديث عن وجهة التظاهرات، وتعامل الحكومة معها، وأثرها على استقرار إيران السياسي، ولا نعرف حجم التظاهرات بسبب غياب شهود العيان؛ وذلك بسبب القيود التي تفرضها الحكومة على التغطية الإعلامية الحكومية والأجنبية، ما يؤدي إلى فراغ في المعلومات، وتأتي معظم الأخبار من المرسلات الإخبارية التي تديرها الجماعات المنفية، وعادة ما تبالغ في تقدير الأحداث الداخلية في البلاد".
ويضيف الكاتب: "كنت في طهران بداية عام 2011، عندما حدثت تظاهرة حقيقية في مدينة في شمال البلاد، لكنها كانت صغيرة الحجم من الفيلم الذي وضع على (يوتيوب) وتم تحريره بطريقة متقنة، وقد تكون الصور عن المتظاهرين وهم يمزقون صور المرشد الأعلى للثورة حدثا معزولا، بالإضافة إلى الهتافات المؤيدة للشاه والناقدة لدعم الحكومة لسوريا.
وينوه كوكبيرن إلى أنه "في الوقت الحالي كان تعامل حكومة روحاني مع المتظاهرين بشكل منخفض، وطالبتهم بالهدوء، واعترفت بحقهم للتظاهر، حيث تأمل بأن تفقد تلك التظاهرات زخمها، لكن العكس هو ما يحدث، وهناك مئات المعتقلين، وربما تعرض روحاني لضغوط ليقوم بقمع المتظاهرين لئلا يظهر بمظهر الضعيف".
وبحسب الكاتب، فإنه "قد يفعل هذا في النهاية، وفي حال تم قمع المتظاهرين فإن الدعم العام سيزيد لهم، وربما حاولت الولايات المتحدة والدول الغربية القفز على العربة، والمطالبة باحترام حقوق الإنسان في إيران، وبحماس أكبر من ذلك الذي أبدوه في اليمن، الذي يواجه حملة تقودها السعودية، وحصارا أدى إلى تجويع الملايين وانتشار الكوليرا".
ويختم كوكبيرن مقاله بالقول: "أدى القمع ضد المتظاهرين إلى دفع الغرب الأوروبي لتبني موقف ترامب العدواني من إيران، خاصة في ما يتعلق بالاتفاقية النووية، وإن تحولا كهذا سيقوي من موقع المتشددين الذين سيقولون إن محاولة التقارب مع الغرب التي يقودها روحاني فشلت".