مقالات مختارة

مساعٍ إسرائيلية-أميركية لبلورة استراتيجية مضادة

علي أبو حبلة
1300x600
1300x600

سباق التسلح الذي تشهده المنطقة، إنه صراع الوجود والبقاء الهاجس الإسرائيلي في ظل الصراع المحتدم الذي لا نهاية له بحسب الدلائل والوقائع على الأرض، إسرائيل لن تستطيع تحقيق انتصار خاطف كما تحقق لها في حرب حزيران 67 ولن تتمكن من تحقيق حلمها بإسرائيل الكبرى، فإخفاقات حرب 73 وحزب تموز 2006 على لبنان وحروبها على غزه ضد حماس هذه الحروب أكدت وتؤكد تآكل قوة الردع الإسرائيلي، وأي تغير في موازين القوى والتحالفات التي تشهدها المنطقة لن تكون في صالح إسرائيل، وحتى مشروعها في فلسطين يواجه بقنبلة الديموغرافية الفلسطينية بحيث لن تتمكن إسرائيل من تحقيق سعيها لتحقيق حلمها بيهودية الدولة ولن تتمكن من ذلك بحكم التنوع العرقي والطائفي للمجتمع المتنوع الذي يعيش فوق ارض فلسطين انه الصراع الإلهي الذي كتب على هذه المنطقة في ظل تآكل قوة الردع الإسرائيلية.


بدا إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نجاح تجربة صاروخ «حيتس 3» الاعتراضي، في ولاية ألاسكا الأميركية، كما لو أنه احتفاء بما هو أكثر من إنجاز تكنولوجي ــــ عسكري، ينطوي على رسائل مدروسة في اتجاهات متعددة. نحو الداخل، تعمّد أن يبدو كمن يزفّ البشرى إلى الجمهور الإسرائيلي، حتى كاد يعلن العثور على السلاح «السري والخارق» الذي سيمنع تدمير إسرائيل، ويفكّ القيد الذي عطّل جزءاً مهماً من الدور الوظيفي للكيان الإسرائيلي.


«التجربة تخطّت الخيال... التنفيذ كان مثالياً، وكل إصابة كانت في الصميم».


مفردات ردع تخفي وراءها إقراراً بالمخاطر المحدقة بإسرائيل. ومن أجل اكتمال عناصر الإثارة، منعت الرقابة العسكرية نشر أي معطيات حول التجربة، في حظر لم يتم رفعه (بحسب المعلق السياسي في «القناة 13»، باراك رابيد) إلا في الوقت الذي كان فيه نتنياهو يكشف عن ذلك أمام الكاميرات، خلال جلسة الحكومة.


وتأتي التجربة لحيتس 3 في ألاسكا  بعد دراسة صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب يدعو إلى إعادة صياغة أهداف إسرائيل في كل حرب قادمة وتغيير أنظمة دفاعها وهجومها، بعدما بات من غير الممكن تكرار انتصار 1967، ويستخف البحث عن «صورة انتصار» كما كان في حرب لبنان الثانية.


وتتساءل الدراسة عن أهداف إسرائيل في الحرب وتقر أن انتصارا موضوعيا على غرار انتصارها في حرب 1967 يبدو غير ممكن. وتقول الدراسة إن «النصر الذاتي» المتمثل في الحصول على «صورة انتصار» هو موضوع مرتبط بالعلاقات العامة وبالدعاية الموجهة للرأي العام، مؤكدة أن مثل هذه الصورة ليست هدفا جديرا في نظام ديمقراطي يدافع عن ذاته.


وتؤكد الدراسة أنه مع صعود إيران ومجروراتها فإن إسرائيل تمثل أمام تحديات بكل الجبهات: حزب الله في سوريا ولبنان، الجيش السوري الذي يرمم قواه تدريجيا، الميليشيات الشيعية في العراق، حماس والجهاد الإسلامي في غزة، والراعية الأولى إيران. وتعتقد الدراسة أن التهديدات المركّبة تولّد ثلاثة سيناريوهات حربية متداخلة: حرب لبنان الثالثة، حرب الشمال مع حزب الله وسوريا، وحرب شاملة مع إيران ومجروراتها.


وبرأي الدراسة على الجيش الإسرائيلي أن يستعد بكل الجبهات لسيناريوهات مختلفة ومتنوعة، إضافة للدفاع عن الجبهة الداخلية. وتتساءل الدراسة الإسرائيلية بالقول في مثل هذا الواقع المعقد والسائل جدا ما هي أهداف إسرائيل؟ مؤكدة أن نصرا ساحقا على شكل حرب 1967 غير ممكن اليوم.  


هناك إجماع لدى كبار المسئولين في دولة الاحتلال الإسرائيلي، أن قوة الردع الإسرائيلية باتت في «خبر كان». وهناك شبه إجماع على أنّ قوّة الردع «الإسرائيليّة» باتت في خبر كان، وهذا الاعتراف «الإسرائيليّ» هو بحدّ ذاته اعتراف بالفشل والإخفاق في «ترويض» المُقاومة الفلسطينيّة في القطاع، وبالإضافة إلى امكانية ، انتقالها إلى الضفّة الغربيّة المُحتلّة.


وهنا تكمن أهمية القراءة الجديدة للتحالف الأمريكي الإسرائيلي لبلورة إستراتيجية مضادة ضد إيران وحزب الله وقوى المقاومة،السفير الأميركي لدى «إسرائيل»يفختر بالشراكة بين»إسرائيل» والولايات المتحدة بمناسبة تجربة صاروخ «حيتس»، ورئيس حزب «أزرق أبيض» بني غيتس يعتبر أن التجربة رسالة لإيران.


وهذا ما تطرّق اليه  سفير الولايات المتحدة الأميركية في «إسرائيل» ديفيد فريدمان في افتتاح جلسة الحكومة الإسرائيلية التي دعي إليها بمناسبة التجربة الناجحة التي أجرتها «إسرائيل» والولايات المتحدة الأميركية على منظومة «حيتس 3».


وقال فريدمان: «النتائج كانت رائعة. هذا نموذج للتعاون المتميز بين الدولتين، ونحن فخورون بشراكتنا مع «إسرائيل». سنواصل العمل لتحويل العالم الى مكان اكثر آمن».


وبحسب مواقع إسرائيلية، كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تطرق خلال افتتاحه الجلسة الأسبوعية للتجربة على منظومة «حيتس 3» التي أجريت في الولايات المتحدة الأميركية وقال إن»حيتس 3» اعترضت بنجاح كامل صواريخ باليستية خارج الفضاء وعلى ارتفاعات وسرعات لم نعرفها من قبل، معتبراً أن التنفيذ كان كاملاً».


وبحسب كلام نتنياهو «اليوم يوجد لدى»إسرائيل» القدرة على العمل ضد صواريخ باليستية تطلق ضدنا من إيران او من أي مكان آخر وهذا إنجاز هائل لأمن إسرائيل».


وبحسب إعلان وزارة الأمن الإسرائيلية، فإن سلسلة التجارب تمت عبر استخدام رادار أميركي، وإن سبب إجراء التجربة في ألاسكا هو لفحص قدرات المنظومة التي لا يمكن تنفيذها في «إسرائيل».


وقال رئيس مديرية «حوما» الإسرائيلية المكلّفة تنفيذ المشروع، موشيه فتال «إن الأمر يتعلق بإنجاز عملاني وتكنولوجي غير عادي لإسرائيل، شارك فيه آلاف العاملين والضباط والمهندسين في وزارة الأمن والصناعات الأمنية وسلاح الجو الإسرائيلي وشركاؤنا الأميركيون». وأضاف أن الأمر «يتعلّق بعمل مشترك مذهل وفريد للحكومتين الأميركية والإسرائيلية، يجسد عمق التعاون الوثيق والاستراتيجي بين الدولتين في مجال الدفاع الصاروخي».


لم يخفِ نتنياهو أن أصل إعلانه عن التجربة هدَفَ الى توجيه رسالة ردع محددة في مواجهة إيران: «ليعلم جميع أعدائنا أننا نستطيع التغلب عليهم في الدفاع وفي الهجوم على حدّ سواء»، لكن أداءه المسرحي، وحصر الإعلان عنه بشخصه وأمام الكاميرات، أظهرا كما لو أن صاروخ «حيتس» كان مُوجّهاً بالدرجة الأولى نحو الداخل، وأن رسالته الرئيسة هي للجمهور الإسرائيلي بأن «إسرائيل لن تعود للعصر الحجري». 


رسالة تشي بأن مفاعيل مواقف أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، لا تزال حاضرة في خلفية هذا المشهد المغطى بالصوت والصورة. وهذا ما يؤكد حقيقة أن إسرائيل باتت تعيش مأزق وجودي ولا يخرجها من ذلك إلا بتحقيق السلام والاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس والإقرار بحق ودول شعوب المنطق هان تعيش بسلام وتنهي إسرائيل حلمها ومقولتها بتحقيق حلم إسرائيل الكبرى.

(جريدة الدستور الأردنية)

0
التعليقات (0)