قضايا وآراء

الأراضي الفلسطينية في ظل القانون الدولي الإنساني

عبد اللطيف خضر
1300x600
1300x600
أكدت اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب على سريان أحكامها وقت النزاعات المسلحة، كما تنطبق الاتفاقية المذكورة والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 على حالات النزاعات المسلحة الدولية المتعلقة بكفاح الشعوب ضد السيطرة والاحتلال الأجنبيين، ويبدأ سريان الاتفاقية منذ اللحظة التي تبدأ فيها العمليات الحربية بشكل فعلي، بصرف النظر عما إذا كانت هذه العمليات معلنة أو غير معلنة أو اعتراف بها أحد الأطراف المتعاقدة أم لم يعترف.

تسري أحكام اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ويستمر سريانها ما دام الاحتلال الحربي قائما، وأكدت قرارات الأمم المتحدة في قرارات متتابعة على وجوب تطبيق القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك أحكام اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وانتقدت الإجراءات المتخذة من قبل سلطات الاحتلال تجاه هذه الأراضي وسكانها، كما أدانت التغييرات التي أحدثتها إسرائيل على الأوضاع في مدينة القدس واعتبرتها باطلة وغير شرعية، وطالبت بإلغائها على نحو فوري، وأك مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة على ضرورة سريان اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية.

يحدّد القانون الدولي الإطار الذي ينبغي لإسرائيل أن تلتزم به في ممارساتها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة، يسري القانون الإنساني الدولي في أوقات النزاعات المسلّحة في زمن الاحتلال، ويسري قانون حقوق الإنسان في أوقات السِّلْم، من المتّبع اليوم أنّ أحكام قوانين حقوق الإنسان يستمرّ سريانها أيضا في أوقات الحرب وفي زمن الاحتلال بالتوازي مع سريان أحكام القانون الإنساني الدولي، ولأن الحماية التي يوفرها القانون الإنساني الدولي للمواطنين وضحايا الحرب أضيق من تلك التي يوفرها قانون حقوق الإنسان يوسع التصور الجديد بقدر ملحوظ نطاق حماية المواطنين في أوقات النزاعات المسلحة، في الحالات الاستثنائية التي تتناقض فيها أحكام القانون الإنساني مع أحكام قانون حقوق الإنسان أثناء القتال في سياق النزاع المسلح .

يحدد القانون الإنساني أيضا الأحكام السارية على دولة الاحتلال، وفقا لهذه الأحكام فإن الاحتلال مؤقت - بحُكم تعريفهما لا تعتبر القوة المحتلة أبدا صاحبة السيادة على الأرض المحتلة، كَوْن الاحتلال مؤقتا هو منبع ومصدر القيود المفروضة على القوة المحتلة وخاصة المبدأ الذي يمنع القوة المحتلة من إجراء تغييرات دائمة في المنطقة التي تحتلها (فرض وقائع على الأرض)، إلا إذا كانت الغاية منها مصالح السكان المحليين أو الاحتياجات العسكرية الآنية للقوّة المحتلة، من ضمن ذلك ممنوع على الدولة المحتلة أن تغير القوانين السارية في المنطقة وأن تقيم مستوطنات ثابتة دائمة وأن تستغل موارد المنطقة المحتلة، تحدد هذه الأحكام أيضا أن السكان القاطنين في المنطقة المحتلة منذ ما قبل الاحتلال " محميون" ومن هنا ممنوع على القوة المحتلة أن تفرض إجراءات عقاب جماعي على هؤلاء السكان ولا أن تستخدم العنف ضدهم ولا أن تصادر ممتلكاتهم الخاصة ولا أن تطردهم من بيوتهم.

على أساس هذا الإعلان صاغت دول العالم على مر السنين سلسلة من المواثيق الإضافية، الوثيقتان في هيئة الأمم المتحدة عام 1966 وهما: الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية والميثاق الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأكدت هذه المواثيق أن من واجب الدول حماية حقوق الإنسان لجميع البشر القاطنين ضمن منطقة سيادتها وأضافت أيضا حقين جماعيين هما: حق جميع الشعوب في تقرير المصير وحق تلك الشعوب في استخدام مواردها الطبيعية، وأكدت الدولة على مر السنين بأن الأراضي الفلسطينية محتلة وتنطبق عليها أحكام القانون الإنساني الدولي رغم ذلك أقامت إسرائيل عشرات المستوطنات على أراضي الضفة وسلبت مئات آلاف الدونمات، وبذلك فإن المستوطنات التي أقامتها دولة الاحتلال في الأراضي المحتلة غير مشروعة نظرا لانطباق أحكام القانون الدولي الإنساني على الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية.

نلحظ مما تقدم وبما لا يدع مجالا للشك سريان اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك انطباق القانون الدولي الإنساني بما يجري داخل فلسطين، رغم ذلك فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي التي سبق أن اعترفت بخضوع أراضي الضفة الغربية لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة إبان احتلال الضفة الغربية وعبر أمر عسكري إسرائيلي صدر في حينه؛ سرعان ما تراجعت عن تصريحها، ورفضت ولا تزال ترفض تطبيق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
0
التعليقات (0)