صحافة إسرائيلية

مؤرخ إسرائيلي يكشف سياسة الغيتوهات ضد الفلسطينيين بعد النكبة

نشرت صحيفة هآرتس صورة أرشيفية تظهر الأسلاك الشائكة التي تحدد حدود المنطقة المخصصة للعرب في يافا عام 1948
نشرت صحيفة هآرتس صورة أرشيفية تظهر الأسلاك الشائكة التي تحدد حدود المنطقة المخصصة للعرب في يافا عام 1948

قال مؤرخ إسرائيلي إن "القرار الإسرائيلي بفرض حظر التجوال على مواطنيها لمواجهة وباء كورونا، يشعر الإسرائيليين بأنهم أمام قرار باهت، لكن قلة منهم يعرفون أن العرب الفلسطينيين عانوا من وضع مماثل في الماضي، حين كان النهج الإسرائيلي تجاههم عدوانيًا تمامًا، باستخدام أسوار من الأسلاك الشائكة، وترسيم المناطق المسماة الأحياء اليهودية ومعسكرات الاعتقال".


وأضاف آدم راز، والباحث في معهد عكيفوت لأبحاث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في مقاله بصحيفة "هآرتس"، ترجمته "عربي21" أنه "فور إقامة الدولة بدأ فرض حظر التجوال، وعزل فلسطينيي الدولة عقب غزو القوات الإسرائيلية خلال حرب 1948، وتركت المعارك آلاف العرب تحت السيطرة اليهودية، رغم أنهم لم يقوموا بدور نشط في الحرب، ومن بقوا في المدن من السكان لم يشكلوا خطرا على الدولة".


وأشار إلى أن "الأشهر الطويلة التي أعقبت غزو المدن منتصف 1948، شكلت اختبارا مصغرا للعلاقات المستقبلية للشعبين لاحقا، الفلسطيني والإسرائيلي، ففي حيفا التي تم غزوها في نيسان/ أبريل 1948، لم يبق أكثر من 3500 عربي فقط، أما يافا التي وقعت تحت احتلال القوات اليهودية في 13 أيار/ مايو، فكان لديها سكان عرب قبل الحرب، ولم يبق منهم سوى 4 آلاف فقط، أما مدينتي الرملة واللد فبقي فيهما 2000 عربي فقط بعد الغزو الإسرائيلي في تموز/ يوليو 1948".


وأوضح أنه "في مدن أخرى استولت عليها القوات الإسرائيلية مثل طبريا وصفد وبيسان، لم يبق فيها عرب، وفي غضون فترة وجيزة، وجدت الغالبية العظمى بنسبة 85% من 160 ألف عربي بقوا في إسرائيل نهاية الحرب تحت حكم عسكري، وتعرضوا لحظر تجول دائم، ونظام صارم يطالب بتصاريح للحركة".


وأكد أن "الوثائق الرئيسية عن تلك الفترة موجودة بوزارة شؤون الأقليات منذ منتصف 1949، وهناك وثائق إضافية ذات أهمية كبيرة في محفوظات الدولة وأرشيفات الجيش ما زالت مغلقة، وبعضها تم رفع السرية عنها على مر السنين، لكننا نواجه أحيانًا محاولات لإخفاء وتصفية ملاحظات مختلفة حول السياسة الإسرائيلية تجاه العرب من شأنها أن تبكي بعض اليهود".


وأورد على ذلك مثالا بالقول أن "لغة مسيئة وردت في محضر اجتماع اللجنة الوزارية للممتلكات المهجورة في ديسمبر 1948، وقرر حينها تركيز العرب بأحياء معينة من مدينة اللد لإفساح المجال للمهاجرين اليهود فيها".

 

وأشار إلى أن "المدير العام لوزارة شؤون الأقليات غاد ماكنس أعلن أنه لم يكن هناك مبرر لاحتجاز السكان العرب في معسكرات الاعتقال المسيجة، ويكشف فحص المواد المتعلقة بمصير سكان جميع المدن المحتلة عن نمط مماثل من خلال إنشاء "الغيتوات" فيها، رغم أنه من الصعب ابتلاع مصطلح "غيتو" لدى اليهود حتى ذلك الحين، ولذلك لجأت الدولة لاستخدام مصطلح أقل خشونة وهو "نقل العرب إلى منطقة أمنية"".

 

وأوضح أن "نفس النمط تكرر في كل حالة نقل للعرب من مكان إلى آخر، حتى أن يوسي فاشيتز عضو الحزب اليساري-مابام، تحدث عن الفوضى التي تلت قرارات نقلهم من أماكن سكناهم إلى منازل مهجورة، دون ماء وكهرباء، ووصف ذلك بعمل عنصري وليس عسكريًا، بهدف إنشاء غيتو عربي في حيفا، وتشير وثائق الأرشيف لعمليات نقل وإغلاق مماثلة للمجتمعات العربية في مدن أخرى مثل المجدل وعكا".


وأضاف أن "هذا العمل في حينه سيحدد إذا كانت إسرائيل ديمقراطية أو إقطاعية عادت للقرون الوسطى وقوانين نورمبرغ، لأنها منعت العرب من العيش حيث يرغبون، وتكرر الأمر في حيفا ويافا، وكأن إسرائيل تزرع بذرة سامة في قلب العرب، من خلال إقامتها للغيتو بالأسلاك الشائكة حول الأحياء العربية، وقد شعر سكانها أنهم في معسكر اعتقال".


إسماعيل أبو شحادة أحد سكان يافا، قال للكاتب إن "إسرائيل أحاطتنا آنذاك بأسوار شائكة بثلاث بوابات، سمح لنا بمغادرة المنطقة فقط للعمل في إحدى البساتين المحيطة بالمدينة، ولهذا السبب كنا بحاجة لتصريح من صاحب العمل اليهودي، رغم أن موشيه تشيزيك، الحاكم العسكري للمدينة أكد في محادثات خاصة أن إسرائيل تنتهك شروط وقف إطلاق النار المتفق عليها مع العرب، التي ضمنت لهم حرية الحركة في المدينة".


وأوضح أنه "في مدينة اللد أيضًا تمركز العرب في حي واحد، ووضعوا تحت حظر التجول، وفي إحدى المرات كتبت مجموعة من الشخصيات العربية من الرملة المجاورة إلى ديفيد بن غوريون رئيس الحكومة الإسرائيلية الأول، تشتكي من "إذلال المسنين والنساء والشباب والأطفال" وجعلهم يقفون 8 ساعات "تحت أشعة الشمس الحارقة بدون ماء وطعام، ليس لأي سبب سوى السخرية منهم، والإساءة إليهم".

1
التعليقات (1)
احمد
السبت، 30-05-2020 10:11 م
ما حدث مع الفلسطينيين فعله الأمريكان في العراق وافغانستان، هذا هو دينهم وأخلاقهم، والغريب ان حكام العرب الذين يحكمون شعوبهم بالحديد والنار مثل الأسد والقذافي سابقا وملوك السعودية والسيسي حاليا يفعلون ذلك مع شعوبهم وبخاصة المعارضين

خبر عاجل