ملفات وتقارير

"مصطلحات" يحاول الاحتلال ترويجها لشرعنة قراراته بالضفة

أطلقت وزارة خارجية الاحتلال حملة دبلوماسية لتبرير سرقة الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية- جيتي
أطلقت وزارة خارجية الاحتلال حملة دبلوماسية لتبرير سرقة الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية- جيتي

دأب الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ حملات دعائية مسبقة، لتبرير أعماله العدائية تجاه الشعب الفلسطيني، ولمحاولة شرعنة قراراته الاستيطانية، وهو ما تجسد بشكل واضح بمخططاته الأخيرة، الهادفة لضم أجزاء واسعة من أراضي الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة.


وتعددت المصطلحات المستخدمة تجاه الخطوة الإسرائيلية التي كان مقررا تنفيذها في الأول من تموز/ يوليو الجاري، كما أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أكثر من مرة، إلا أنها اصطدمت بخلاف داخلي وآخر مع الإدارة الأمريكية، أدى إلى تأجيل تطبيقها.


وتحدثت "عربي21" مع مختصين باللغة العبرية والشأن الإسرائيلي، للتعرف على المصطلحات التي يحاول الاحتلال انتقاءها، لشرعنة قرارته بالضفة الغربية المحتلة.


وفي هذا الإطار، قال المختص باللغة العبرية والشؤون الإسرائيلية محمود مرداوي، إن "الاحتلال منذ بداية مشروعه الصهيوني، يحرص على استخدام المصطلحات التي لها أبعاد متعددة، لعل أبرزها البعد الديني"، موضحا أن ذلك يظهر بشكل جلي، حينما يطلق الاحتلال أسماء على حروبه، ويحاول من خلالها تخليد ذكرى دينية.

 

اقرأ أيضا: مؤرخ إسرائيلي: التحذير الدولي والإقليمي من الضم بلا قيمة


وأكد مرداوي في حديثه لـ"عربي21" أن المصطلحات غاية في الأهمية لدى الاحتلال الإسرائيلي، مشيرا إلى أن "الاحتلال يحاول التهرب من مصطلح (الضم)، الذي يطلق عليه باللغة العبرية (סיפוח)، ولا يرغب في وصف عملية الاستيلاء على الأراضي في الأغوار أو مصادرة المستوطنات بالضم، عكس ما هو متداول".


وبحسب تعريف موسوعة "ويكيبيديا"، فإن المصطلح العبري (סיפוח)، يعني الضم العسكري، ويتمثل بإلحاق أو ربط أو ضم عسكري، من خلال إجراء إداري يتعلق بالحيازة القسرية، لإقليم دولة واحدة من قبل دولة أخرى، وهي عملية غير قانونية، بموجب القانون الدولي.


ويتفق مرداوي مع هذا التعريف قائلا: "الضم يعني أن تضم أراضٍ ليست لك"، مشددا على أن "الاحتلال يحاول ترويج مصطلح (فرض القانون الإسرائيلي)، ويقول للعالم إنه لاعتبارات سياسية، نحن نساير الفلسطينيين، وكذلك نقدر الظروف الدولية والإقليمية التي لا تمنحنا فرصة التطبيق".


وتطرق إلى وجود محددات واضحة من الاحتلال الإسرائيلي، بشأن استخدام مصطلح (فرض القانون)، بدلا من أي مصطلحات أخرى، مبينا أن "المسؤولين الإسرائيليين يرفضون مصطلح الضم، ويبدأون بالترويج لما يسعون إليه، حينما يتم توجيه أي سؤال صحفي يحمل هذا المصطلح".

 

التدقيق بالمصطلحات


وبحسب تقدير مرداوي، فإن "الاحتلال لا يستخدم كلمة دون أن يعي مضمونها، وهو يدقق على المصطلحات"، موضحا أن "ذلك يظهر من خلال تركيز الاحتلال على نصوص الاتفاقيات السابقة، والقرارات الدولية، ومحاولته تخفيف حدة النص، وطلب تعديلات ليدس من خلالها السم"، وفق وصفه.


وذكر أن "الاحتلال يعتقد أنه إذا فقد القوة العسكرية سيصبح عرضة للإبادة، وهذه القوة تحتاج لمبررات ومسوغات للدفاع عن العدوان، لذلك يدقق في المصطلحات ويتمسك بما تعزز منطقه الديني والسياسي، وهي ثقافة سائدة لا يتخلى عنها بأي وقت".

 

اقرأ أيضا: أشكنازي يحذر من تضرر العلاقة مع أوروبا بسبب "الضم"


ودعا مردواي إلى ضرورة التدقيق بالمصطلحات الصادرة عن الاحتلال الإسرائيلي، نظرا لوجود بعض المصطلحات التي تنفي الفكرة الحقيقية والواقع، ويفضل أخذ معاني المصطلحات من خبراء اللغة.


وفي السياق ذاته، لفت الأكاديمي الفلسطيني والمختص بالشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر، إلى أن هناك مؤسسات إسرائيلية متخصصة تقوم بصياغة المصطلحات السياسية، لمخاطبة الأطراف الدولية، مؤكدا أن "الكثير من المصطلحات نتعامل معها بطريقة خاطئة".


وشدد أبو عامر في حديثه لـ"عربي21" على أهمية الحذر الفلسطيني من المصطلحات الإسرائيلية، والعمل على تقويضها وطرح مصطلحات بديلة، معتبرا أن "الاحتلال يسعى لترويج مصطلحات بعيدة عن الواقع وتلبي حاجته، المرتكزة على السرقة والهيمنة والاستيلاء على حقوق الآخرين".

 

الدعاية الإسرائيلية


ونوه إلى أهمية وجود مصطلحات محددة تعكس واقع الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، من خلال الاستعانة بخبراء اللغة، "حتى لا نساهم في ترويج الدعاية الإسرائيلية"، مطالبا بضرورة "الدقة والحذر قبل تداول أي مصطلح إسرائيلي".


وأطلقت وزارة خارجية الاحتلال مؤخرا، حملة دبلوماسية لتبرير سرقة الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية، معتمدة على استخدام مصطلحات "منتقاة" لتزوير الحقائق وشرعنة الاحتلال.


وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" المقربة من حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أن "الحملة تشمل استبدال تعبير (فرض السيادة) بمصطلح (تطبيق القانون)"، لمحاولة إقناع المجتمع الغربي بالخطوات الإسرائيلية.


وأوضحت الصحيفة أن "وزارة الخارجية الإسرائيلية أمرت دبلوماسييها باستخدام مصطلح (تطبيق القانون الإسرائيلي)، عند الإشارة إلى خطة الضم بالضفة الغربية"، لافتة إلى أن "اختيار المصطلحات بدقة، يسعى لتقليل اللوم الدبلوماسي تجاه إسرائيل".


وجاء الحراك الدبلوماسي الإسرائيلي، على خلفية الاعتراضات الشديدة من المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي، تجاه أي خطوة أحادية بالضفة الغربية.

 
التعليقات (0)