صحافة دولية

بلومبيرغ: سياسة بايدن الأخلاقية تصطدم مع مصالح السوق

هستينغ قال إن كل الدول تقوم بتنازلات يومية ومساومات من أجل المصالح التجارية- جيتي
هستينغ قال إن كل الدول تقوم بتنازلات يومية ومساومات من أجل المصالح التجارية- جيتي

نشرت وكالة "بلومبيرغ" مقالا للمعلق ماكس هستينغ، تناول فيه السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، واصطدامها بمصالح السوق.


وقال هستينغ في مقاله الذي ترجمته "عربي21" إن "كل الدول تقوم بتنازلات يومية، ومساومات مع الشيطان من أجل المصالح التجارية، ويواجه الغرب معضلات يومية، في وقت أصبحت فيه انتهاكات حقوق الإنسان أكثر صراحة، فالصعود الذي لا يقاوم للديمقراطية الليبرالية، حل محلها صعود الطغيان".

وفي الوقت نفسه، قال هستينغ إن الإدارة الأمريكية الجديدة التي تسلمت الحكم باستبدال الرئاسة الخالية من الأخلاق في عهد دونالد ترامب تعهدت بعودة القيم الأمريكية، الحرية، العدالة والاستقامة، داخل أمريكا وخارجها، فحركة "اليقظة" التي باتت تمارس تأثيرا كبيرا على مستوى العالم، خاصة في الولايات المتحدة، تحاول أن يكون لها اليد العليا أخلاقيا. 


وتساءل: "ماذا نفعل اليوم بدولة مثل السعودية؟ فهي دولة حليفة للولايات المتحدة في مواجهة إيران، ومحاولات تحقيق الاستقرار في كل من العراق وسوريا. وهي سوق مهم، لكن ولي عهدها الذي يحكمها هو من أقبح الرموز الذين اعتلوا قمة الدولة النفطية، وهذا له دلالته".

 

اقرأ أيضا: أمير سعودي لواشنطن: احترام قيادتنا واجب وليس خيارا

وأضاف هستينغ : "لا أحد يشك أن محمد بن سلمان هو الذي دفع باتجاه قتل وتقطيع الصحفي جمال خاشقجي في إسطنبول في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، وحينها تبنى بايدن عندما كان مرشحا موقفا لا لبس فيه، وأكد أنه سيكون واضحا، ولن يبيع أسلحة جديدة لهم، وسيجعلهم يدفعون الثمن".


وكانت إدارة بايدن نشرت تقرير المخابرات الأمريكية عن مقتل خاشقجي، وأعلنت تعليقا مؤقتا لصفقات السلاح إلى السعودية، لكنها ترددت بفرض عقوبات على محمد بن سلمان ومن حوله في الرياض. 


وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين باسكي، بداية هذا الشهر، إنه بدلا من وضع حاكم قاتل على القائمة السوداء، تعتقد الإدارة أن هناك طرقا أخرى "أكثر فعالية للتأكد من عدم حدوث هذا مرة أخرى، وترك مساحة للعمل في المجالات المتبادلة، وعندما تكون هناك مصلحة أمن قومي للولايات المتحدة". 


وحول هذا الموقف، قال هستينغ، إن بايدن يواجه واقع السلطة، فهو لم يعد نافذ الصبر ليحمل سيف العدالة ضد محمد بن سلمان، كما أن دبي الجارة للسعودية كانت في الأخبار قبل فترة، بزعم اختطاف وسجن أميرتين من العائلة الحاكمة، فقط لأنهما أرادتا اختيار طريقهما في الحياة. 


وشدد المعلق على أن "بريطانيا في وضع أصعب للحديث وبشدة مع حكام الخليج، فهي المصنع الرئيسي للسلاح لهم، وستكون شركة أنظمة الدفاع، بي إي إي سيستمز، في وضع سيئ لو خسرت السوق هناك، وهذا يفسر السبب الذي رفضت فيه بريطانيا الانضمام لأمريكا وفرض حظر مؤقت على صفقات السلاح لدول الخليج". 


وكشف هستينغ أنه تحدث ذات مرة مع مسؤول بارز في وزارة الدفاع حول لاأخلاقية حشد الخليج بأسلحة متقدمة، فأجاب مبررا وبصراحة غير معهودة بين مسؤولي الحكومة حتى في الأحاديث الخاصة: "نقوم بخلق حديقة خردة عظيمة من التكنولوجيا المتقدمة لم ير العالم مثلها، وهي لا تؤذي أحدا، وتقدم لنا دخلا ماليا مستمرا. وهي أحسن الوسائل لإعادة تدوير البترودولار". 

 

اقرأ أيضا: بايدن "قلق" من معاهدة التعاون الاستراتيجي بين الصين وإيران

وبالمقابل، تمثل الصين بحسب هستينغ مشكلة عظيمة، وعملت بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى جانب الولايات المتحدة وكندا، وفرضت عقوبات على مسؤولين على علاقة باضطهاد المسلمين الإيغور، ولو أراد البريطانيون تجنب مواجهة مع الصين، فإن مسألة التجارة مهمة، ويحاول جونسون تجنب دعم شامل لأمريكا في صدامها مع الصين والترويج للعلاقات الاقتصادية الثنائية معها في الوقت نفسه. 


ويتفق قادة الاتحاد الأوروبي مع هذا الموقف، فالمستشارة أنجيلا ميركل تريد الحفاظ على مسافة متساوية. وتعطي تصرفاتهم صورة بأنهم يفضلون التجارة على المبادئ، وهم حريصون على علاقات مع الهند، ولن يتحدثوا بقوة حول سياسات رئيس الوزراء ناريندرا مودي غير الليبرالية، مثل قانون المواطنة الذي يحرم المسلمين من جنسيتهم، وقمعه للقضاة والصحافيين الناقدين له.  


وشدد هستينغ على أنه من الصعب وضع قواعد عالمية يمكن من خلالها معاقبة المذنب على تجاوزاته. وأي دولة تعتقد أنها قامت بعمليات قتل خارج القانون ضد أعدائها في الخارج، فمثلا في كتاب "انهض واقتل أولا" عام 2018 ناقش الصحافي الإسرائيلي رونين بيرغمان سلسلة من مئات الاغتيالات للناشطين العرب قتلوا في الشرق الأوسط. 


 وختم المعلق بالقول، إن الوقائع السياسية الصعبة تزاحم أجندة الإدارة الجديدة، فإيران التي تأمل واشنطن باستئناف المحادثات النووية معها والحد من دورها في الشرق الأوسط، لا تزال عنيدة. والصين وروسيا تتحدان في الهدف لتحدي الغرب. وتقامران على أن العالم بحاجة لأسواقهما أكثر من مبادئهما التي يؤمنان بها، وربما كانتا محقتين. وفي عالم فوضوي متعدد الأقطاب فقد تحتاج لأن تتعامل مع الأصدقاء أينما وجدتهم، وربما اقتضى هذا معاملة محمد بن سلمان على أنه ليس واحدا من رجال العصابات في العالم.

التعليقات (0)