مقالات مختارة

مصر وإثيوبيا.. الانطلاق.. أو الانكسار

عماد الدين حسين
1300x600
1300x600

حسب النهاية التي ستنتهي إليها قضية سد النهضة، سوف يتحدد شكل وحالة مصر في السنوات وربما العقود المقبلة، وأتمنى أن نكون على وعى كامل بهذه الحقيقة، حتى لا نصل إلى طريق مسدود، ووقتها لن ينفع الندم. وبالطبع هذا الكلام موجه إلى الحكومة والمشرفين على الملف وليس للناس، التي صارت هذه القضية شغلها الشاغل في الأعوام الأخيرة.

نوع الحل الذي سوف تنتهي إليه القضية مع إثيوبيا، إما أن يقود إلى مصر قوية منتصرة ومنطلقة، وإما إلى مصر ضعيفة منهزمة ومنكسرة ــ لا قدر الله ــ وإما أن يتم الوصول إلى حل وسط، وتبقى الأمور على ما هي عليه في كلا البلدين أي مصر وإثيوبيا.

إذا قدر لمصر الانتصار في هذه المعركة المصيرية ــ وهذا ما نتمناه بطبيعة الحال ــ فستكون أفضل انطلاقة لمصر، وستكرسها قوة إقليمية ورائدة في المنطقة العربية والشرق الأوسط وقارة إفريقيا بأسرها خصوصا بعد أن نجحت في وقف التهديدات القادمة من الحدود الغربية، حينما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي الخط المصري الأحمر في سرت والجفرة. وسيكون هذا الانتصار أفضل هدية يقدمها الرئيس السيسي والحكومة والدولة، للشعب المصري في الفترة المقبلة.
وإذا حدث هذا السيناريو المأمول، فسوف يجعل من الرئيس عبدالفتاح السيسي بطلا شعبيا فذا ليس في مصر فقط بل في المنطقة العربية، وزعيما إقليميا ذا كلمة مسموعة في إفريقيا والشرق الأوسط، كما حدث للرئيس جمال عبدالناصر بالضبط في معركة تأميم قناة السويس، وصد العدوان الثلاثي والانتصار عليه سياسيا عام ١٩٥٦.

انتصار مصر في هذه القضية إن شاء الله، سيجعل عملية الإصلاح الاقتصادي والتنمية الجارية حاليا، تتقدم وتتزايد وتترسخ في جميع المجالات، خصوصا الزراعة واستصلاح الأراضي والصناعة.

أما السيناريو الثاني فهو كابوسي بامتياز وسيكون عكس السيناريو الأول تماما، وسيضعف مصر بصورة كبيرة، ويسمح لبعض القوى الإقليمية في المنطقة أن تؤكد أن دورها حان في القيادة والريادة، وسيجعل من إثيوبيا القوة الإفريقية الأهم في مجالات كثيرة خصوصا تجارة وبيع المياه لمن يدفع، بل والتأثير في استقلالية القرار المصري. وإذا حدث هذا السيناريو المتشائم ــ لا قدر الله ــ فسوف يشبه ــ إلى حد كبير في نتائجه ــ ما حدث لمصر في يونيو ١٩٦٧، مع فارق المسرح والتفاصيل. هزيمة يونيو 67 القاسية والمؤلمة، لانزال نعاني منها وندفع ثمنها نحن والمنطقة العربية حتى الآن.

إصرار إثيوبيا على الحل المنفرد للأزمة، يعني أن نكون تحت رحمتها سياسيا، وأن تتعثر عملية التنمية الشاملة، التي بدأها الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه الحكم عام ٢٠١٤، وأن تتوقف كثير من مشروعات التنمية خصوصا استصلاح الأراضي، بل ربما التأثير على الأرض الزراعية في الوادي والدلتا.
وهناك سيناريو ثالث أن يتم الوصول لحل وسط لا يجعل طرفا فائزا أو منهزها بالضربة القاضية، بل تحقيق الحد الأدنى من مطالب كل طرف، وفي هذه الحالة سوف تستمر الأوضاع على ما هي عليه من دون مكسب كاسح أو هزيمة مدوية.

طبعا كل مصري وطني غيور على مصلحة بلده، يتمنى حدوث السيناريو الأول، الذي لن يتحقق إلا عندما تصل رسالة واضحة لإثيوبيا، بأن مصر قادرة على إيذائها وتعطيل عملية تنميتها، وإعادتها للوراء عشرات السنوات، إذا هي أصرت على المضي في طريق التحدي والصلف والعناد.

وبالطبع أيضا، فهناك دول وقوى إقليمية ودولية تساند إثيوبيا، وتدعمها في هذا الطريق الوعر، لكي لا تجعل مصر تنطلق للأمام، وتعطل مسيرتها، وتجعلها عاجزة أو مكسحة أو في الأفضل الأحوال «ثابتة على وضعها الراهن».


كل من لا يضغط على إثيوبيا كي تعود لطريق الرشد مشارك بالصمت والتواطؤ في هذه الجريمة، لكن في النهاية نحن لا نستطيع أن نلوم إلا أنفسنا، حينما سمحنا بأن يصل الأمر إلى ما وصل إليه الآن.

سد النهضة ليس مشكلة الحكومة الحالية فقط، ولكنه حصيلة تراكم حكومات وأنظمة مصرية متعاقبة، أهملت إفريقيا، وفرطت في عوامل قوتنا الشاملة، حتى وصلنا إلى مرحلة تقول لنا فيها إثيوبيا: «اخبطوا دماغكم في أقرب حائط»!!

علينا أن نحسم الأمر ولا ندع إثيوبيا تحكم علينا أن نعيش منكسرين لعقود وربما لقرون. إنها المياه، يعني حياة أو موتا.

(الشروق المصرية)

1
التعليقات (1)
عبدالله محمد
الثلاثاء، 27-04-2021 11:34 ص
لا تقلق على أثيوبيا مع السيسي عمرك شفت انسان يوافق على لف حبل حول رقبته بشرط أن تترك له مجال للتنفس لا الحبل حول رقبتنا نحن و مع ذلك ما زلنا نطبل للسيسي البطل مبروك عليكم السيسي الذي لم توافق عليه انجلترا وافق عليه السيسي و البس علشان خارجين