تقارير

مسجد السيد هاشم في غزة يحتضن قبر جد الرسول هاشم بن عبد مناف

مسجد السيد هاشم في غزة من أهم مساجد المدينة القديمة- (عربي21)
مسجد السيد هاشم في غزة من أهم مساجد المدينة القديمة- (عربي21)

يعتبر مسجد السيد هاشم من أهم المساجد في مدينة غزة بالبلدة القديمة، حيث يوجد به قبر جد الرسول صلى الله عليه وسلم، هاشم بن عبد مناف الذي ارتبط اسمه باسم المدينة (غزة هاشم).

ويقع المسجد في حي الدرج، ويحمل طابعاً تاريخياً لأن قبر هاشم بن عبد مناف جد "الرسول محمد صلى الله عليه وسلم" موجود في إحدى غرفه الجانبية، ويحمل اسمه.

وعلى الرغم من أن كثيرا من الروايات التاريخية تؤكد دفن جد الرسول في موقع القبر تماماً، إلا أن روايات أخرى تشكك في دقة موقع القبر إلا أنها ضعيفة.

وأكد المؤرخ الدكتور عبد اللطيف أبو هاشم، مدير المخطوطات والآثار بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية وصاحب عدة مؤلفات حول معالم غزة التاريخية ومساجدها؛ أن مساحة المسجد تبلغ 2371م2، وهو من أكبر جوامع غزة وأتقنها بناء.

وقال أبو هاشم لـ"عربي21": "يعتقد أن السيد هاشم بن عبد مناف جد الرسول صلى الله عليه وسلم مدفون فيه، والراجح أن المماليك هم أول من أنشاه وقد جدده السلطان عبد المجيد العثماني سنة 1266هـ/ 1850م)".

وأضاف: "كان في الجامع مدرسة أنشأها المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في فلسطين من مال الوقف، وقد أصابت الجامع قنبلة أثناء الحرب العالمية الأولى (1914- 1917) فخربته ولكن المجلس الإسلامي الأعلى عمره وأرجعه إلى أحسن مما كان عليه".

 



وأكد أبو هاشم أن جد الرسول هو أول من سن الرحلتين لقريش للتجارة، وكان في كل سنة يأتي لمدينة غزة ويقيم فيها مدة الصيف وفي آخر مرة من رحلته توفي بها، ودفن بإجماع المؤرخين ولذلك نسبت المدينة إليه فقيل لها من ذلك الوقت (غزة هاشم)، مشيرا إلى أن مدفنه كان بموضعه المعروف، وكانت بلقعاً (غير ظاهر) لا بناء فيها بالقرب من سور المدينة من الجهة الشمالية.

وأوضح أنه بعد ذلك أصبح دفن الناس حوله، حتى صار عنده تربة كبيرة، وخفي أثره بتوالي الأزمان والحروب ولكن موضع المغارة التي دفن فيها معروف عند أهل الخبرة.

وأشار إلى أن النابلسي نوه في رحلته وذكر أنه زاره في سنة 1101هـ ثم أظهر في أثناء القرن الثاني عشر وأحيط حوله بالبناء وجعل فوقه قبة، وصار يقصد للزيارة.

وذكره الدمياطي أيضا في رحلته أثناء القرن الثالث عشر، جدد ضريحه وبني مكانها جامع ومدرسة ومأوى للغرباء بمنارة عالية وبيت كبير للصلاة بمحراب ومنبر وصحن متسع وإيوانات بعمد على دائرة نقلت إليه من موضع (المينا) القديمة بساحل البحر ونقل إليه بلاط وأنقاض المارستان وغيره من الجوامع المندرسة حتى صار من أعظم الجوامع وأتقنها وأنفس الآثار وأحسنها، وكان ذلك بمساعي مفتي غزة الكبير المرحوم الحاج أحمد محيي الدين عبد الحي الحسيني والذي بذل الجهد وواصل السعي حتى كتب إلى السلطان عبد المجيد خان في شأنه يطلب المعونة في إتمام عمارته، فأصدر إرادته بصرف (مائة وخمسين ألفا) من (الخزينة الأميرية) لهذه الغاية كما ساعد الأغنياء والوجهاء من الأهالي حتى تم على أحسن نظام وأبدع إتقان، وكان ذلك سنة 1267هـ.

وأوضح أبو هاشم أن للمسجد مكتبة عظيمة أكثرها من الكتب المخطوطة النفيسة، وصارت تقام فيه الصلوات الخمس والجمعة وأقام بحجراته بعض أهل العلم والطلبة والقراء، وآوى إليه أبناء السبيل والغرباء وجعل له موسما في كل عام ثمانية أيام بلياليها، وينتهي ليلة الثاني عشر من شهر ربيع الأول يزدحم فيها الناس وتؤمه الرجال والنساء من غزة وضواحيها.

وقال: "في سنة 1323هـ نقضت منارة المسجد السيد هاشم لخلل واعوجاج ظهر بها وجدد بناؤها وعمر بجانبها من الجهة القبلية بيت آخر للصلاة محاذٍ للبيت الأول وصدر الإذن السلطاني بإقامة صلاة الجمعة به وبالخطبة فيه فهي تقام فيه من ذلك التاريخ".

وأوضح أنه تعرض لخراب كبير إبان الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أن مكتبته العامرة والقيمة فقدت بالسرقة والسلب والتمزيق حتى لم يبق لها أثر، منوها إلى أنه بالسعي والإلحاح المتكرر جرت عمارته تدريجيا حتى عاد كما كان عليه.

وقال أبو هاشم: "قدمت له بعض قواعد للعمد من الرخام ثم أقام المجلس الإسلامي فيه مدرسة لطلبة العلم وعين لها أربعة من المدرسين، ثم ألغاها، واكتفى بمدرسة العجزة لتعليم وتجويد القرآن العظيم بمعلم واحد من الحفاظ المجيدين، ثم انتقلت به لمدرسة الفلاح الوطنية بضع سنوات ثم انتقلت إلى مقرها الذي كان الجيش الإنكليزي قد احتله في مدة حرب الألمان".

ومن جهته أكد الباحث الفلسطيني الدكتور إبراهيم شاهين أنه وفي أوائل القرن الثاني عشر الميلادي، أزيلت المغارة التي دفن فيها السيد هاشم وأحيط القبر بجدران تعلوها رقبة ثمانية الشكل مسقوفة بقبة كبيرة.

وقال شاهين لـ "عربي21": "في العام 1855م قدم مفتي المذهب الحنفي في قطاع غزة أحمد بن محي الدين الحسيني طلباً للسلطان العثماني عبد المجيد الأول بإنشاء مسجد قرب قبر السيد هاشم، فاستجاب السلطان العثماني للطب وتم بناء بيت للصلاة وفقاً للطراز المملوكي بنظام الأقواس، حيث ألحقت به الأروقة الجنوبي والشمالي والغربي التي يحملها تسعة عشر عموداً رخامياً ومسقوفة بسبعة عشر قبة صغيرة وقبتين كبيرتين".

 

 

                      جانب من مسجد السيد هاشم في غزة


وأشار إلى أن بيت الصلاة مبني في الجهة الشرقية من المسجد هو شبه مربع، وبه محراب يتجه نحو القبلة، ومنبر، وباقي المساحة عبارة عن ساحة رخامية وأروقة تحيط بالساحة من الشمال والجنوب والغرب، وتمتد على طول الأروقة أعمدة رخامية على الطراز "الكورنثي"، وهو نظام معماري كلاسيكي ينسب إلى مدينة "كورينثوس" اليونانية يمكن معرفته من شكل تاج العمود والزخارف المزينة له، ويزين تاج العمود زخرفة محفورة من أوراق نبات الأكانتس" و"الخرشوف".

وقال شاهين: "على الرغم من أن بيت الصلاة في مسجد السيد هاشم بني على الطراز المملوكي، إلا أن الأروقة وساحة المسجد بنيت على الطراز العثماني، فقد حرص العثمانيون على أن تلحق بالقبة الرئيسية لمساجدهم عدة قباب أصغر منها".

وتتميز جدران مسجد السيد هاشم بالسماكة، فسمك الجدار الواحد 90 سم، وذلك لتكون قادرة على حمل القباب الحجرية التي تعلوها.

ويحيط بساحة المسجد مجموعة من الغرف كانت عبارة عن مدرسة لتعليم المذاهب الإسلامية، من ضمنها غرفة تحتضن رفاة جد الرسول وهي تقع في الجهة الشمالية الغربية لساحة المسجد.

وقامت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بإعادة ترميم مسجد السيد هاشم نهاية عام 2009 بعد تآكل حجارته بشكل واضح، حيث تم إزالة البطانة الرخامية لغرفة قبر السيد هاشم والتي كانت تحبس الرطوبة في الحجارة الرملية للغرفة ما يؤدي إلى تآكلها بشكل كبير.

ومن جهته أكد الكاتب والصحفي هشام ساق الله على أهمية مسجد السيد هاشم في حياة سكان مدينة غزة بشكل عام وحي الدرج الذي يحتضنه بشكل خاص.

وقال ساق الله في حديث لـ "عربي21": "مسجد السيد هاشم يعتبر من أقدم مساجد غزة، وأتقنها بناء، ويقع في حي الدرج في المنطقة الشمالية لمدينة غزة القديمة، ويبعد عن المسجد العمري (الكبير) مسافة كيلومتر واحد تقريبًا، وقريب من وسط البلد سوق الزاوية وشارع فهمي بيك".

 

 


وأشار إلى الدور الكبير الذي يعلبه هذا المسجد في حياة سكان هذا الحي سواء على المستوى الروحاني أو الثقافي بمكتبه العامرة أو الديني من خلال الدروس الدينية.

وقال: "أما على الصعيد الوطني والمقاوم فقد كان لهذا المسجد صولات وجولات مع قوات الاحتلال إبان انتفاضة الحجارة التي اندلعت نهاية عام 1987م".

وأضاف أن "عددا من الشبان استشهد بعضهم وأصيب بعضهم الآخر خلال هذه المواجهات"، مشيرا إلى أن "المسجد يتمتع بموقع استراتيجي كونه يقع على تلة مرتفعة في حين كان يتمركز جنود الاحتلال تحت شجرة السدرة في منطقة منخفضة".


التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم