مقابلات

حجي لـ"عربي21": مستقبل مائي مجهول لمصر بعد سد النهضة

توقعات بعواقب كارثية على الأمن المائي المصري بسبب السد الإثيوبي - عربي21
توقعات بعواقب كارثية على الأمن المائي المصري بسبب السد الإثيوبي - عربي21


قال عالم الفضاء المصري، عصام حجي؛ إن "مصر ستواجه مستقبلا مائيا مجهولا، حتى في حال تخطيها أزمة سد النهضة، حيث ستدفع ثمنا باهظا من مخزونها الاستراتيجي من بحيرة ناصر ومن مواردها الاقتصادية، مما سيجعلها أكثر هشاشة أمام أي أزمات مائية وبيئية أخرى تلوح في أفق قريب"، مشدّدا على أن "العلم هو الحل الوحيد لمواجهة أزمة العجز المائي المتزايدة".

وأوضح حجي، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أنه "في سيناريو الملء السريع لسد النهضة، ستستخدم مصر أغلب مخزونها المائي الاستراتيجي لسد العجز المائي، الأمر الذي يعني بالتبعية أنه في حال تعرضها لجفاف بعد 3 سنوات ستكون التداعيات كارثية بكل المقاييس؛ لأننا حينها سنكون قد فقدنا مخزوننا الاستراتيجي من المياه".

ولفت إلى أنه "في حال عدم التعامل مع الأزمة بالشكل المناسب لسد العجز المائي، المُقدر بـ 31 مليار متر مكعب في السنة، قد تفقد مصر ما قد يصل إلى 72% من مساحتها الزراعية، وقد تزيد معدلات البطالة من 14% إلى 25%، وسيفقد الناتج الزراعي خلال 3 سنوات ما قد يصل إلى 51 مليار دولار، ومن ثم يتراجع متوسط دخل متوسط المواطن 8%، وهذه أمور كارثية بلا شك، ويجب علينا ألا نتجاهلها بأي صورة من الصور".

ورفض تحميل ثورة يناير مسؤولية أزمة سد النهضة، قائلا: "ثورة يناير ليست سبب هذه الأزمة أو غيرها من الأزمات، وإذا كان الادعاء بأن إثيوبيا استغلت بشكل سيئ فترة الثورة منذ العام 2011 وحتى صيف 2013، فلماذا لم تستغل الأزمات الأكبر والأخطر التي حدثت عقب 3 تموز/يوليو 2013 وحتى الآن؟ وإذا كان ذلك صحيحا، فلماذا لم يستغل النظام المصري حالة عدم الاستقرار التي حدثت مؤخرا في إثيوبيا كما استغلت هي حالة الاضطراب لدينا كما يُقال؟".

وتاليا نص المقابلة:

كيف بدأت فكرة البحث العلمي الذي قمت بالإشراف عليه الخاص بالعجز المائي في مصر وآثار سد النهضة، الذي أثار ضجة واسعة في مصر؟

بدأت الفكرة عام 2017 عندما قمنا بتطوير نموذج لحساب العجز المائي الحالي والمستقبلي في المياه الجوفية لكل دول شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية في ظل التغيرات المناخية؛ فقمنا بتطوير نموذج يحاكي كمية المياه المُستخدمة وكميات المياه الموجودة، والعجز الذي سيحدث فيها خلال الـ 35 سنة المقبلة، وقمنا بتقسيمه إلى 5 سيناريوهات مناخية واقتصادية استنادا إلى عدد السكان، وتم نشر البحث عام 2018 في مجلة جلوبال إنفايرمنتل شينج  Global Environmental Change، وهي من أكثر المجلات العلمية المرقومة في علوم البيئة والمياه.


وقد وصلنا في هذا البحث إلى أن المياه الجوفية في العالم العربي مُهددة بالاختفاء خلال 150 إلى 200 عام في شمال أفريقيا، و70 إلى 90 عام في منطقة شبه الجزيرة العربية، وتم تداول البحث والاسترشاد به على نطاق واسع، ثم قلنا في عام 2019 إنه ينبغي علينا استخدام هذا النموذج لكي نفهم عجز الموازنة المائية لمصر في ظل وجود سد النهضة، وبالفعل أخذنا النموذج وقمنا بتطويره لحساب إجمالي العجز لمصر في العقود القادمة، وأضفنا عليه العجز الخاص بسد النهضة تحت كل السيناريوهات المُعلن عنها والمنشورة في دورات علمية محكمة.

والخميس الماضي، تم نشر البحث في مجلة Environmental Research Letter البريطانية العريقة المتخصصة في القضايا البيئية العاجلة. وأصبح البحث هو الأكثر قراءة في أبحاث هذه المجلة لعام 2021، واحتل المركز الخامس في تاريخ الأبحاث التي نُشرت في هذه المجلة.

وعليه، فلم يخرج هذا البحث من الفراغ، ولم يكن له أي علاقة لا من قريب أو بعيد بالاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب الذي عُقد قبل أيام في قطر - كما يزعم بعض الناس.

هناك مَن تحدث عن تمويل هذا البحث.. فمن هي الجهة التي قامت بتمويله؟

البحث مُموّل من منحة التميز العلمي بمركز المياه في جامعة جنوب كاليفورنيا الأمريكية، وتشارك فيه جامعة كورنيل، وكلاهما من أكثر الجامعات الأمريكية تمويلا للأبحاث، ولا علاقة له على الإطلاق بأي جهة أو دولة عربية أو أجنبية، ولو حصلنا على تمويل من أي دولة لسعدنا بإعلان ذلك بكل شفافية، وهذا أحد شروط النشر، ولا توجد جهة عربية تهتم بتمويل بحث كهذا، لأن الجميع على يقين تام بأن القيادة في مصر لا تتخذ القرارات المصيرية بناء على نتائج وتوصيات مثل هذه الأبحاث أو الدراسات العلمية، سواء كانت داخلية أو خارجية.

ومع الأسف، بعض الدول العربية تهتم بتمويل المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلاميين في القنوات الفضائية من أجل تشكيل الرأي العام، وبالتأكيد لا يعنيها تمويل بحث لن يقرأه إلا باحثون لا حول لهم ولا قوة، ولا أحد أصلا يعرف شيئا عن وجودهم، وليس لهم أي تأثير على المجتمع أو على اتخاذ القرارات المصيرية.

ما أبرز النتائج التي خلص إليها هذا البحث العلمي الذي قمت بالإشراف عليه؟

البحث يقوم بحساب عجز الموازنة المائية في مصر وفق سيناريوهات مختلفة عقب ملء سد النهضة، وقمنا بحساب كل استهلاك الموارد المائية في مصر، سواء في قطاع الزراعة أو الصناعة أو السياحة وكل القطاعات الأخرى، اعتمادا على الأرقام المنشورة والموثقة والمُحكّمة، وقمنا بحساب دخل مصر المائي (نهر النيل، ومياه جوفية، وأمطار، وإعادة تدوير المياه، وغيرها).

وخلصنا إلى أن العجز الموجود حاليا يعادل 20 مليار متر مكعب، والذين ستتم إضافتهم على متوسط العجز الذي سيحدثه سد النهضة، من ثم سيكون الإجمالي نحو 31 مليار مكعب في المتوسط، وحينما تتم ترجمة هذا العجز في قطاع الري الزراعي، فذلك سيتسبب في عجز عن ري 72% من المساحة الحالية تقريبا إذا لم يتم تعويض العجز، وذلك ضمن سيناريو الملء السريع الذي يتمثل في ملء السد خلال 3 سنوات، وهو السيناريو الذي يحدث الآن، فبكل تأكيد سيؤدي هذا العجز المائي إلى خسائر كبيرة في المساحة الزراعية، ونحن نتجه يوميا نحو هذه السيناريو الأسوأ الذي ينذر به بحثنا.

لماذا لم يتحدث بحثكم عن احتمالية نجاح مصر في مواجهة هذا العجز المائي المتوقع؟

لأنه لا بد من حساب حجم خسائر في ظل استمرار زيادة العجز المائي الداخلي ووجود سد النهضة. وكما أوضح البحث أنه يمكن تجنب هذا السيناريو من خلال الاستفادة من المياه الموجودة خلف السد العالي من أجل تعويض الفاقد من تلك المياه، إلا أنه في سيناريو الملء السريع، ستستخدم مصر أغلب مخزونها المائي الاستراتيجي لسد هذا العجز، الأمر الذي يعني بالتبعية أنه في حال تعرض مصر لجفاف بعد 3 سنوات ستكون التداعيات كارثية بكل المقاييس؛ لأننا حينها سنكون قد فقدنا مخزوننا الاستراتيجي.

كما أنه لا بد من حصر نسبة الخسائر بهذا الشكل كي نعرف الأثر الاقتصادي لملف عجز المياه، لأن الكثيرين قد لا يرون ذلك الملف كأولوية مهمة إن لم يكن له أثر اقتصادي واضح. وعلينا أيضا أن نأخذ هذا السيناريو الأسوأ بعدم القدرة على سد هذا العجز في حال حدوث تقلبات سياسية أو عدم إمكانية تفعيل الحلول التقنية، ومن ثم فاحتمال وقوع السيناريو الأسوأ قائم.

 

اقرأ أيضا: خبير سدود يكشف لـ"عربي21" مخاطر سد النهضة على مصر

وفي حال عدم التعامل مع العجز المائي المتزايد بالشكل المناسب، فقد تفقد مصر ما قد يصل إلى 72% من مساحتها الزراعية، وقد تزيد معدلات البطالة من 14% إلى 25%، وسيفقد الناتج الزراعي خلال 3 سنوات ما قد يصل إلى 51 مليار دولار، ومن ثم يتراجع متوسط دخل متوسط المواطن 8%، وهذه أمور كارثية بلا شك، ويجب علينا ألا نتجاهلها بأي صورة من الصور، وبالمناسبة أنا أكثر شخص أتمنى أن تكون هذه النتائج غير صحيحة، لكنْ، هناك فرق هائل بين التفكير بالتمني والتفكير العلمي.

كيف استقبلت هجوم بعض مؤيدي النظام المصري على بحثكم العلمي؟

يتمثل ردي على مَن اختاروا طريق التخوين والتكذيب، والتقليل من خطورة أبعاد القضية، واقتطاع أجزاء صغيرة من البحث لتكذيب المعنى العام (مثل لا تقربوا الصلاة)، عوضا عن القراءة الكاملة والمتأنية للبحث، والنقد عن طريق النقاش، وتداول الخبرات، في أنني أرحب بكل نقد لورقتنا البحثية، وأرحب أيضا بنشر أي ورقة بحثية ترد على نتائجنا بالسلب، وسأقوم بنشرها في حسابي بمواقع التواصل، وحق الرد موجود في المجلة.

حيث تستخدم المجلة العلمية نظام المراجعة Double Blind Review ، وهو لا يترك المجال لأي تحيز، وكل البيانات المستخدمة في البحث متاحة في صفحة النشر النهائي لمَن يرغب في إعادة التدقيق.

والبحث يهتم بحساب عجز الموازنة المائية لمصر بسبب سيناريوهات الملء المختلفة لسد النهضة وآثاره الاقتصادية في حالة عدم معالجة العجز، وذلك لحصر حجم الخسائر، ويقدم فاعلية الحلول المقترحة، ويوضح أنه لا يشمل دراسة أضرار أخرى مثل الأضرار البيئية والانهيار وغيره، التي هي خارج نطاق البحث.

أما في حال عدم وجود اتفاق، فأعتقد أن مصر ستواجه مستقبلا مائيا مجهولا، حتى في حال تخطيها أزمة سد النهضة؛ حيث إنها ستدفع ثمنا باهظا من مخزونها الاستراتيجي من بحيرة ناصر ومن مواردها الاقتصادية، مما سيجعلها أكثر هشاشة أمام أي أزمات مائية وبيئية أخرى تلوح، مع الأسف، في أفق قريب.

وأرى أن تدخل جهات دولية مثل مجلس الأمن الدولي، والبيت الأبيض، والاتحادين الأوروبي والأفريقي، والمناورات العسكرية في السودان، ليست لكسر حالة الملل، ولكن هي دليل بأن هناك أزمة حقيقية تكمن في الاعتداء الصارخ على نهر النيل. ليس دورنا في البحث تضخيم الأزمة أو تصغيرها، بل محاولة تحديد حجمها بناء على البيانات المنشورة.

والبحث مجهود مشترك ونتاج نقاشات كثيرة وعمل لمدة 18 شهرا، وأي مساهمة إيجابية يقدمها هي مشتركة مع زملائي الباحثين، وإن كان هناك أي خطأ ما، هو مسؤوليتي الشخصية.

متى سيشعر المصريون بالنتائج التي انتهى إليها بحثكم وبالعجز المائي في ظل قيام إثيوبيا بالملء الثاني لسد النهضة؟

من المفترض أن يكون لمصر مخزون مائي يمكنها الاعتماد عليه خلال فترة ملء سد النهضة، وأعتقد أن هذا المخزون من الصعب أن يستمر لأكثر من 3 أعوام في حال تم الملء في أسرع وقت، وهذا هو أسوأ السيناريوهات وما لم يحدث اتفاق بين الدول الثلاث، ويجب علينا متابعة مستوى منسوب المياه في بحيرة ناصر خلف السد العالي كمؤشر للوضع المائي العام، ومن الصعب الآن التنبؤ بأي مدى ستكون هشاشة الأوضاع عقب استهلاك كل المخزون المائي.

وما هي الحلول التي تقترحونها لمواجهة تلك الأزمة "الكارثية" المحتملة؟

أرى أنه ينبغي الاستفادة من المخزون المائي خلف السد العالي، وأن يكون هناك استخدام جزئي للمياه الجوفية، وتطوير الترع ووسائل الري، واختيار محاصيل زراعية لا تستهلك مياها كثيرة، ومنع المحاصيل التي تستهلك الكثير من المياه، وهي إجراءات بالفعل بدأت مصر بتفعيلها، ولكن يجب أن يكون هناك وعي شعبي بأن الحفاظ على المياه مهمة الجميع، وليس الدولة فقط، وذلك بوقف الهدر.

والأزمة ليست مائية فقط، بل هي أزمة غذاء بالدرجة الأولى؛ لأننا قد نخسر رقعة زراعية كبيرة، ولهذا اقترحنا أن تتفق مصر وإثيوبيا على أن يتم حساب مساحة الرقعة الزراعية التي لن تستطيع مصر تعويضها بسبب العجز المائي خلال فترة الملء، ثم تقوم إثيوبيا بتأجير هذه المساحة الزراعية نفسها لمصر في الأراضي الإثيوبية الخصبة على مدى طويل، بعقد به امتيازات لتعويض مصر الخسائر التي قد تحدث في وفرة الأغذية، وبهذا ستستفيد إثيوبيا من تطوير بنيتها التحتية للأرض الزراعية، ومصر ستستفيد بتعويض الفاقد من الإنتاج الغذائي.

وماذا عن خيار تحلية المياه الذي لجأت إليه الدولة المصرية بالفعل؟

محطات تحليه مياه البحر لن تسد العجز المائي المُقدر بـ 31 مليار متر مكعب في السنة، ومن الصعب أن يكون لها مردود إيجابي سريع في هذه الأزمة.

البعض يرى أن الخيار العسكري بات هو الورقة الأخيرة في يد مصر للتعاطي مع أزمة سد النهضة.. ما تعقيبكم؟

لا يمكن معالجة الأزمة بأزمة أكبر وأخطر، ولا أعتقد أن مصر في حرب مع إثيوبيا، بل إن الدولتين في حرب مشتركة ضد الجوع والعطش والفقر الذي يهددهما جميعا. وشيء مؤسف للغاية أن يطرح البعض هذا الخيار في التعامل مع القضايا البيئية، وأن نطالب بـ "دماء من أجل الماء"، فهذا يعني أن العلم تأخر كثيرا في أن يكون له صوت في هذا النزاع، ونحن نرى نتيجة ذلك اليوم، فمجرد نشر أبحاث علمية يؤدي إلى كل هذه الضجة والصخب غير المعقول.

الرئيس عبد الفتاح السيسي قام بتحميل ثورة يناير مسؤولية أزمة سد النهضة.. هل تتفق معه في ذلك؟

لا أرى أن ثورة يناير هي سبب هذه الأزمة أو حتى غيرها من الأزمات، وإذا كان الادعاء بأن إثيوبيا استغلت بشكل سيئ فترة الثورة منذ العام 2011 وحتى صيف 2013، فلماذا لم تستغل الأزمات الأكبر والأخطر التي حدثت عقب 3 تموز/يوليو 2013 وحتى الآن؟ وإذا كان ذلك صحيحا فلماذا لم يستغل النظام المصري حالة عدم الاستقرار التي حدثت مؤخرا في إثيوبيا كما استغلت هي حالة الاضطراب لدينا كما يُقال؟ لا أحد يتربص بنا، نحن مَن نحارب نفسنا بنفسنا، علينا التوقف عن تبرير أخطائنا وإلقاء اللوم على الآخرين.

برأيك، من المسؤول عن العجز المائي المتوقع في مصر؟

الزيادة الكبيرة لعدد سكان حوض نهر النيل بشكل عام، ورؤوس الأموال المتعطشة للربح السريع بالاستثمار المؤذي لنهر النيل، ولا أستثني أي دولة من دول حوض النيل التي جميعا تقوم باستقطاب استثمارات خارجية على حساب التوازن البيئي لنهر النيل، الأمر الذي يؤدي لأخطار بيئة خطيرة مستقبلا، مثلما رأينا الاستثمارات على حوض نهر الأمازون، بعدما تم تجريف الغابات الاستوائية إلى أن تدخلت حكومة البرازيل والعديد من الحكومات الأخرى لإيقاف ما يحدث.

والاستثمار في توليد طاقة رخيصة على حساب بيئة نهر النيل خطر جدا، فالسدود الكبرى مثل السد العالي وسد النهضة لها تأثيرات سلبية على نهر النيل، وكان يمكن استخدام مصادر للطاقة من خلال بدائل أخرى دون اللجوء لهذه السدود المثير للجدل؛ فالسد العالي كان ينتج 100% من طاقة مصر، بينما اليوم ينتج أقل من 10%، فضلا عن أنه تسبّب في تآكل الدلتا ونحر الشواطئ، والأضرار البيئية نفسها قد يحدثها سد النهضة ويجب دراستها، ومن ثم، فالجميع سيدفع ثمن العبث بنهر النيل، وعدم الاهتمام بالدراسات العلمية، وكل ما ننادي به هو دراسة آثار المشروعات قبل أن تُنفذ.

وما تفسيرك لدعم بعض الدول لسد النهضة؟

نظرا لأنه مصدر للطاقة الرخيصة وفرصة للاستثمارات الزراعية للعديد من الدول التي لا تتوفر لها مساحات أو مناخ زراعي مناسب، فالسد سيكون فرصة حقيقية لها لتحقيق اكتفاء في الطاقة وأمن غذائي، ولذلك هي تستثمر وتدعم مشروعات السدود في منابع نهر النيل، بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى.

وكيف تنظر إجمالا لآثار السدود الكبرى على حوض نهر النيل في المستقبل؟

هذه السدود ليست شفافة، وسيكون لها تداعيات سلبية تحتاج إلى دراسات وأبحاث علمية دقيقة لتحديد آثارها. ومع الأسف أقول هنا؛ إن مراكز دراسات المياه في دول حوض النيل من أفقر المؤسسات العلمية على مستوى العالم، وكل شيء بها يجعلها شبه عاجزة عن تقديم أي حلول للأزمات التي تواجههم.

ببساطة، نحن الآن نحاول حل أزمة لا نفهم كل طبيعتها وأبعادها على المدى القصير أو الطويل، ونناقش قرارات قد تصل إلى مستوى الحرب في مشكلة يمكن حلها بدراسات متأنية. مع الأسف نحن في الدول العربية والأفريقية لدينا تاريخ سيئ للغاية في إدارة الصراعات الخاصة بالموارد، الأمر الذي يجعل أزمة سد النهضة هي قمة جبل الجليد؛ نظرا للعقود الطويلة من إهمال علوم البيئة والمياه، وعدم تمويل المراكز البحثية المختصة.

 هل مصر قادرة على الخروج من أزمة سد النهضة في ظل فشل كل الحلول الدبلوماسية حتى الآن؟

الخروج من الأزمة يتطلب ضرورة فهم طبيعتها ثم التعامل معها بطريقة علمية وواقعية بعيدا عن العنتريات وشعارات الوطنية، وهذا ما نأمله، ونعتقد أن نشر بحثنا – أو غيره- هو من أجل المساهمة في الجهود العلمية المتعقلة بحل تلك الأزمة التي ليس لها مخرج غير التوافق المبني على حقائق علمية، مع تجنب النزعات القومية. وأؤكد أن العلم هو الحل الوحيد لمواجهة أزمة العجز المائي المتزايدة في مصر.


التعليقات (1)
ابوعمر
الجمعة، 02-07-2021 08:41 ص
أي مستقبل أصلا لبلد تحكمه الدبابة والنعال الخشنة التي ينتعلها الهمجيون البربريون المتوحشون...أي مسقبل أو حتى حياة لشعب وبلد تحتله البيادة