آراء ثقافية

سلطة رابعة أم راكعة؟ خالد هويسة وفظاعات إعلام الديكتاتور

أداء خالد هويسة في هذا العمل كان متذبذبا
أداء خالد هويسة في هذا العمل كان متذبذبا

عاد الفنان خالد هويسة إلى خشبة المسرح بعد غياب دام 12 سنة بسبب انشغاله بأعمال تلفزية وسينمائية، بمسرحية "ذات جودة مع أشخاص موهوبين" على حد تعبيره.

"السلطة الرابعة" مسرحية تنتمي إلى جنس المونودراما، أخرجها عبد القادر بن سعيد الذي اشترك في كتابة النص مع صاحب الفكرة، الصحفي ناجي الزعيري.

كان خالد هويسة يفكر في مسرحية من نوع مختلف، فشاءت الأقدار أن يلتقي الصحفي ناجي الزعيري الذي كتب نصّا عن عالم الصحافة منذ سنة 2010، ليكون منطلقا لمونودراما السلطة الرابعة: "ليس من السهل تقديم عمل عميق عن عالم صعب الدخول فيه والتطرق إلى مواضيع تهم الصحافة والإعلام، والتركيز على واقع الصحفيين من زاوية فنية."

عالم الصحافة، عالم تلفه شبهات الكذب والتواطؤ مع السلطة، وتزييف الحقائق لفائدة السلطة ورأس المال المتحالف معها. كان المعارضون زمن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي يطلقون على الصحافة صفة "السلطة الراكعة" في إشارة لانبطاحها وتذيلها للاستبداد.

ولم تتغير نظرة التونسيين أو شريحة كبيرة منهم بعد ثورة العام 2011، للصحافة ووسائل الإعلام، التي صارت موصومة بـ"إعلام العار"، وصار كل من يشتغل في هذا القطاع رمزا وزلما من أزلام المنظومة الحاكمة، يبرر ويفتي، مزينا قراراتها، ومثنيا على إنجازاتها.

المسرحية محاولة لرصد كم الانتهاكات التي شهدها القطاع زمن المخلوع من حجب للمواقع الإلكترونية والاعتداء على عدد من الصحفيين والتضييق عليهم وعلى المؤسسات الإعلامية، أو شراء ذممهم وإغداق الأموال على المؤسسات الموالية عبر "وكالة الاتصال الخارجي" التي تكفلت بتركيع الصحفيين وترويضهم.

 



"علي الشامخي" صحفي شاب، طموح، حلم بالشهرة والمجد في عالم الصحافة، ولما تأكد أنها تحتاج نفسا طويلا، ولا تقبل إلا صنفين: صنف يتحمل أعباء لا يقدر عليها إلا أولو العزم من الصحفيين، أو زمرة من باعوا ضمائرهم مؤثرين الجلوس على الربوة التي تطل على قصر السلطان وتفوح منها رائحة الطيبات، حسم أمره واصطف مع الكتيبة الثانية. اكتسب علي الشامخي قواعد المهنة الصحفية وأخلاقياتها في الجامعة، كل ما تم تلقينه إياه لم يجد له صدى في الصحيفة التي انتدبته، يرفض رئيس التحرير كلّ مواضيعه التي تلتصق بهموم المجتمع، بل يكلّفه بإنجاز مقال حول عيد الحب.

كانت رغبته لا تقاوم في التسلق والظفر بعطايا السلطان، خاصة بعد خيبة أمله والعقبات التي تعرض لها واصطدامه بعالم كان يجهله، قصم ظهر أحلامه. كان العبء ثقيلا والواقع عنيفا، عاتية أمواجه. تدرج في المهنة، أغراه موقعه رئيسا للتحرير، قبل أن تعصف به ثورة 2011.

قال أحد النقاد عن خالد هويسة: "هو أحد المظلومين في الدراما التونسية. قد يكون ضحية كبريائه وعزة نفسه. وبعض المخرجين يفضلون من يتذلل ويتمسح وينبطح لهم. هذا الممثل أثبت كلما نال فرصته أنه من طينة الكبار، الذين إذا قرأوا دورا تقمصوه إلى حد التماهي، وإذا جسدوا شخصية يختفي الشخص فيهم. هو فنان مثقف جمع بين الموهبة والتكوين، شهد له الكبار بالموهبة والنضج، منهم توفيق الجبالي الذي كونه، وفتحي الهداوي الذي مثل معه. ولا يحتاج خالد سوى مخرجين مقياسهم الوحيد، الكفاءة والموهبة."

خالد هويسة كان يفكر في العودة إلى الفن الرابع بمسرحية من نوع مختلف، لكن شاءت الصدف أن يلتقي بناجي الزعيري الذي كتب نصّا عن عالم الصحافة منذ سنة 2010 فقررا الاشتغال عليه.

تعددت اللقاءات بين الصحفي ناجي الزعيري لمزيد الغوص في عالم الصحافة، حتى يطور الممثل ملكات اللعب عنده بمزيد إثراء رصيده بما يدور في كواليس الصحافة. وتتالت الجلسات مع المخرج طيلة ستة أشهر حتى اتضحت الصورة وخطوط اللعب العريضة.

قرر خالد هويسة العودة بمسرحية ذات جودة مع أشخاص موهوبين، قائلا "ليس من السهل تقديم عمل عميق عن عالم صعب الدخول فيه والتطرق إلى مواضيع تهم الصحافة والإعلام والتركيز على واقع الصحفيين من زاوية فنية.

 



الصحفي ناجي الزعيري قال: "كنت أبحث عني على خشبة المسرح بعد أن تهتُ مني لسنوات طويلة، رأيتني في بعض الكلمات، رأيتني أختفي خلف ملامح الفنان على خشبة المسرح، ورأيت رفقاء الجريدة وأصدقاء السنوات صعبة المراس، حبست أنفاسي، وكتمت دموعي عندما رأيت ذلك الشاب الصحفي حالما ومنكسرا، صلبا ومهتزا ومحبا في تلك اللحظات المسروقة من الزمن."

ثالث أعمدة هذا العمل هو المخرج المسرحي عبدالقادر بن سعيد الفنان والشاعر الذي أخرج العديد من الأعمال مثل: "عطيل" و"أنتيغون" و"فاوست"، كما شارك في عدة أعمال مثل: "برج لوصيف" و"فريدوم هاوس". عبد القادر بن سعيد شاعر في رصيده عدة مجموعات شعرية منها "وجهان" و"الجسر" و"نقطة خارج المستقيم".

استنجد مخرج العمل عبد القادر بن سعيد بديكور بسيط، تمثل في مرآة في خلفية الركح (خشبة المسرح)، استغلها الممثل خالد هويسة في ضبط هندامه في كل مرة يغير فيها الشخصية، فهل كانت مجرد مرآة أم لعبت دورا رمزيا لتطرح سؤالا ماكرا: هل عكست المرآة حقيقة علي الشامخي الذي بدوره يلفه سؤال كبير: هل عكست بكتاباتي تطلعات الشارع؟ هل كنت وفيا ومؤتمنا على الحبر؟ وبدت القتامة طاغية على الركح، وأحيانا متحركة بما يتماشى ومسار الفعل المسرحي الذي أنعشته بعض المؤثرات الصوتية مثل "هدير" المطبعة.

أداء خالد هويسة في هذا العمل كان متذبذبا، فهو يتحرك في ركح فقير بل جنح في أحيان كثيرة على الخطاب الوعظي المباشر في حديثه عن أخلاق الصحفي وشرف مهنته، والنص المعد له ليس ثريا كي يدهش أو يصرف النظر عن طريقة لعبه وأدائه وتقمصه لشخصيات ثرية حقيقية مثل "الجنرال" الذي كان يعبث بمقالات الصحفيين ويستهين بها مدعوما من صاحب الجريدة، أو ذاك التياه الذي كان يعشق تأنيب الصحفيين كلما كان في مكتبه جميلات للتباهي، وإبراز سلطته ونفوذه. النص لم يعمق هول الكبت الإعلامي ولم يوثق تلك السنوات المظلمة من التزييف يما يليق يسطوتها وانعكاساتها التي ما زالت تلقي إلى اليوم بظلالها على المشهد الإعلامي، حيث أن رموز تلك الحقبة تمت إعادتهم للمشهد وما زالوا فاعلين.

 

 

1
التعليقات (1)
نسيت إسمي
الإثنين، 04-07-2022 01:37 م
1 ـ (للأسف طول عمرنا كنا نشتري الجرائد عشان صفحة الحوادث) "سمير غانم" من مسرحية فارس وبني خيبان : تدور أحداث المسرحية في "الباطنية"، حيث عالم المخدرات والإدمان، يحقق أحد الصحفيين ويدعى "فارس مهران" في القضية التي تتهم إحدى المدرسات العائدات من الكويت أن بحوزتها كمية من الهرويين، ويكتشف أنها بريئة، وهناك من دس لها هذا الهرويين، فيذهب إلى "الباطنية" للحصول على دليل براءتها، ولكنه يتعاطى هناك بعض المخدرات خطئًا، والتي تُدخله في حالة تيه تأخذه في مغامرات خطيرة. 2 ـ (أورسون ويلز و"المواطن كين": أفضل فيلم من دون لوائح صحافية) عندما قدّم ويلز "فيلم الموطن كين 1941" ، كان كل واحد يعرف أنه يتحدث عن عملاق الصحافة الأمريكي وليم راندولف هيرست لكن لم يقل هذا بشكل رسمي طبعاً ، و تظاهر الجميع بأنهم لا يفهمون إن الموطن كين هو أحد أعمدة الإقتصاد الأمريكي ، و إمبراطور الصحافة .. الرجل الذي يملك كل شئ ، و بنى لنفسه مملكة خاصة إسمها زانادو فيها كل شئ حتى الأفيال و النمور ! مات كين وحيداً .. و كانت آخر كلمة فيها بعد لاحظت مجلة إمباير خطأ في المشهد ، لأن أحداً لم يكن بجواره على الإطلاق عندما لفظ هذا الإسم في الفيلم قالها "هي برعم الوردة" : مشهد الوفات يعجّ بالظلال و الغموض ، كما ينطق بتلك الحقيقة القاسية المثيرة للشفقة : مهما بلغ تراؤنا و نفوذنا فنحن نموت وحيدين . 3 ـ (إدوارد سامسون ، الكاتب بجريدة "بوسطن غلوب") جميعنا يحدث معنا الكثير الأشياء الغريبه و الغامضه سواء في حياتنا الواقعيه أو في أحلامنا سوف ترا كلمت أحلامنا وتستعجب ما التي سوف يكون في أحلامنا ولكن هذا الحقيقه يمكن من خلال أحلامنا أن نرا ما الذي سوف يحدث في المستقبل هذا من النادر ما يحدث ولكن هذا حدث مع إدوارد سامسون الذي شاهد المستقبل ورؤيته لجزيره تم تدميرها ولم يصدقه أحد سوف نرصد لكم ما الذي حدث مع إدورد في أحلامة ورد فعل من حوله على هذا. كان إدواد صحفياً متميزاً للغاية ، ذو أسلوب رائع في الكتابة ، لذلك يعشقه القراء و إعتبره رئيس التحرير فتاه المدلل ، حتى ذلك اليوم الذي دخل فيه إلى مكتبة و هو يشعر بيأس و إحباط شديدين لعدم تمكنه من العثور على أي سبق صحفي يكتبه ، و بينما هو مستغرق في همه ، إذ غلبه النعاس و شاهد كابوساً فضيعاً في العادة تكون الكوابيس عبارة عن مطاردات من أشخاص أو حتى أشباح ، أو شئ له علاقة بمخاوفك الشخصية ، و لكن كابوس صديقنا إدوارد كان عجيباً و مخيفاً للغاية ، لدرجة أنه قلب موازين الصحافة في العالم كله ، و أبى أن يفارق ذاكرته طوال حياته بعد ذلك . رأى إدوارد نفسه يطير عالياً فوق جزيرة إستوائية جميلة ، كان يعرفها في الحلم بإسم جزيرة "برالاب"، و هبط على أرضيها و أخذ يسير بين أشجارها ، وشاهد الاشخاص الموجودين على الجزيره يأكلون و يشربون وكان كل شي على ما يرام ، طبعاً إنها بداية رائعة لأي حلم ، و لكن بعد مده قليلا بدات الجزيره تنهار و كان ذلك بسبب البركان الذي يوجد في الجزيره حيث اندلع البركان ارض الجزيره ثم بعد ذلك حصل زالزال ضرب البيوت ادت الي انهيارها ولم ينتهي الامر عند ذلك الحد بل ارتفع البحر عن مستوي الارض حيث تدمر كل شئ في الجزيره . بعد هذا الحلم استيقظ ادوارد مفزوعا مما رآه ولكن اقنع نفسه ان هذا مجرد لا شئ وانه مجرد حلم ولكن كان ادوارد يفكر في هذا الحلم مما جعله ان يقوم بكتابته في ورقه ولكن هذا الورقه سببت له شهره سيئه ادت الي فقدان عمله . بعد مغادره ادوارد مكتبه جاء رئيس التحرير الي مكتبه ليبحث عن ادوارد ولكن لم يكن موجودة أثناء خروج رئيس التحرير من مكتب ادوارد حيث شاهد ورقه موجوده علي مكتب ادوارد و من كثره فضوله اخذ الورقه ليقرائها و عندما فتح الورقه وجد خبر عن تدمير جزيره . بعد قرائتها من رئيس التحرير ان هذا حقيقا فاسرعان ما ذهب الي المطبعه لينشر هذا الخبر و بالفعل انتشر الخبر وبعد انتشار الخبر اصبحت تتعجب الصحف الاخري حول هذا الخبر لان من الطبيعي ان الخبر يكون منتشر في جميع الصحف و عندما بحثت الصحف الاخري عن مصدر الخبر و عن جزيره برالاب لم يجدو جزيره بهذا الاسم لهذا تاكدو ان لا صحه لهذا وان الخبر كاذب . بعد ذلك انتشر كذب الصحيفه و انها تنشر اخبار لا صحه لها فقررت الصحيفه فصل الصحفي ادوارد لم يياس ادوارد بل ظل يبحث عن اماكن اخري ليعمل فيها ولكن لم احد يقبل بيه بسبب فضيحته لنشره خبر كاذب. بعد اسابيع قليلا حدثت معجزه و هي مجئ سفينه محطمه من احد الرحلات البحريه و هي تحمل على ظهرها بعض البحاره الذين كانو منهكين حيث قالو انهم قادمين من جزيره كراكاتاو في المحيط الهادي و انهم تفاجأ بحدوث بركان في هذا الجزيرة و بعد ذلك حدث زالزال أدى إلى إنهيار البيوت و إرتفاع الماء عن الارض قالو بظبط ما حدث في حلم ادوارد . بعد ذلك علم الجميع بالأمر و إندهشو كثيراً و بعد ذلك قامت صحيفه التي كان يعمل بها ادوارد نشر الخبر مرة أخري و قالت الصحيفه إنها تتشرف بانفرادها بهذا الخبر. أصبح بعد ذلك الصحف تتصارع على ادوارد و تقدم له إغراأت ماديه كبري من أجل قبول الإنضمام إليهم وكانت تتمني الصحف مجرد مرور إدوارد من جانب سورها فقد أصبح أشهر صحفي ولكن فضل إدوارد العوده الي جريدته القديمه . بالطبع كلنا نعرف أن في حلم إدوارد ذكر أن إسم "الجزيره برالاب" و البحارة ذكرو أن الجزيره التي حدث فيها البركان إسمها كراكاتاو حيث إتضح بعد ذلك أن إسم برالاب كان الإسم القديم لجزيرة كراكاتاو أي أن إدوارد لم يخطئ في الحلم وإنما نقله بأدق التفاصيل الممكنه . أما عن ذلك الكابوس الذي حصل على لقب أغرب حلم في التاريخ ، فقد قام بعض العلماء المتخصصين في التاريخ بالبحث عن تلك الجزيرة ، ووجدوا أن الإسم الأول للجزيرة كان برالاب ، و حتى الآن لم يتمكن أحد من إعطاء تفسير حول معرفة إدواد بتلك الجزيرة أو رؤية أحداث مستقبلية عنها .