سياسة عربية

انخفاض معدل النمو السكاني في مصر.. وخبراء يحذرون من "خطر عظيم"

خبير: لو استمر هذا التناقص سيحدث خلل في الهرم السكاني المصري خلال الـ20 عاما المقبلة- عربي21
خبير: لو استمر هذا التناقص سيحدث خلل في الهرم السكاني المصري خلال الـ20 عاما المقبلة- عربي21
بلغ عدد سكان مصر في الداخل 105 ملايين نسمة السبت، في تأكيد لتربع القاهرة على عرش البلدان العربية من حيث عدد السكان والثالثة بقارة أفريقيا بعد نيجيريا وإثيوبيا، مسجلة الترتيب الـ 14 عالميا.

لكن في الوقت ذاته سجلت معدلات النمو السكاني في البلاد تراجعا لافتا في رقم جديد يعيد إثارة الجدل بين النظام الحاكم وبين معارضيه حول مدى خطورة الزيادة السكانية من ناحية، وبشأن أهميتها من ناحية أخرى.

105 ملايين نسمة هذا الرقم الذي جاء، وفقا للساعة السكانية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، تمثل زيادة غير مرغوب بها رسميا وتتهمها أجهزة الدولة بالتهام جهود التنمية لحكومة رئيس النظام عبدالفتاح السيسي.

ورغم تراجع مؤشر معدلات الإنجاب بالسنوات الماضية إلى 2.85 قياسا بـ 3.5 خلال عام 2014، إلا أن مستشار رئيس جهاز التعبئة والإحصاء الدكتور عبدالحميد شرف، وعبر برنامج تليفزيوني، قال إن الوضع الراهن يتطلب مضاعفة معدل النمو الاقتصادي بمقدار 4 مرات النمو السكاني.

وذلك بعكس ما يراه خبراء ومراقبون تحدثوا لـ"عربي21"، مؤكدين أن العنصر البشري أهم عناصر التنمية، ويحذرون من تراجع نسب الإنجاب، ويعتبرون تراجع النمو السكاني خطر كبير على تركيبة السكان في مصر.

"تراجع ملحوظ"

والزيادة السكانية هي الفرق بين أعداد المواليد والوفيات، بالبلاد، ولذا فإنه بوصول عدد السكان 105 ملايين نسمة، يكون قد وُلد نحو مليون نسمة في 245 يوما (8 شهور و5 أيام)، أي حوالي 4082 نسمة يوميا، وبمعدل زيادة يبلغ فرد كل 21.2 ثانية، وفق تقرير الجهاز.

وكان معدل الإنجاب المسجل رسميا في مصر لعام 2020 على مستوى إجمالي الجمهورية هو 2.9 طفل لكل سيدة.

وفي آب/ أغسطس الماضي، كشف تقرير رسمي للجهاز عن انخفاض معدل المواليد في مصر، ليبلغ 2.85 مولود لكل سيدة مصرية، وفق المسح الصحي للعام 2021، وذلك مقابل 3.5 مولود لكل امرأة وفق مسح عام 2014.

وفي تموز/ يوليو الماضي، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن عدد سكان مصر سيصل 124 مليون نسمة عام 2032، حال ثبات معدل الإنجاب عند 2.9 مولود لكل سيدة، وأن احتمالات انخفاضه 117 مليونا حال انخفاض المعدل إلى 1.6 بالعام 2032.

لكنه وبحسب بيانات البنك الدولي، فإن معدل النمو السكاني الحالي في الدول النامية يتراوح بين 2 إلى 4 بالمئة، بينما لم يتجاوز 1.5 بالمئة سنويا في أوروبا وأمريكا الشمالية.

اظهار أخبار متعلقة


"هنا المشكلة"

وفي قراءته للنتائج والآثار المترتبة على الزيادة السكانية أو تراجعها في مصر اجتماعيا واقتصاديا، قال المؤرخ والأكاديمي المصري الدكتور عاصم الدسوقي: "ليست المشكلة في نسب الإنجاب، بل المشكلة في سياسات الدولة الرأسمالية".

وفي حديثه لـ"عربي21" اتهم الدولة بأنها "أهملت الرعاية الاجتماعية، ومن ثم ألقت التهمة على المواطنين وزيادة الإنجاب عندهم"، موضحا أن اتهامها هذا يأتي "مع أن نسبة الزواج أصبحت قليلة وبالتالي قل الإنجاب".

الأكاديمي المصري، أكد أنه "يمكن لمصر استغلال العنصر البشري في الناحية الاقتصادية حتى لا يبقى عنصرا سلبيا من الجانب الاجتماعي"، موضحا أنه يمكن ذلك بـ"العمل في كافة مواقع العمل والإنتاج".

وأوضح أن "هذا لا يتم إلا إذا أخذت الدولة قرارا يُفرض على أصحاب العمل؛ لأنهم في النظام الرأسمالي يوظفون الحد الأدنى من اليد العاملة حتى لا يدفعوا أجورا كثيرة تخصم من أرباحهم".

"الزواج والطلاق"

المثير هنا وفق حديث الدسوقي، أن تلك الزيادة السكانية تأتي في ظل تراجع مثير ولافت بنسب الزواج في مصر، يقابله زيادة مضطردة في نسب الطلاق بالبلاد، ما يعني تراجع نسب الإنجاب والنمو السكاني، وهو ما تشير إليه الأرقام الرسمية.

وفي 15 أيار/ مايو الماضي، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، استمرار تراجع نسب الزواج في مصر من 927 ألفا و844 عقد زواج عام 2019، إلى 880 ألفا و41 عقدا في 2021، (آخر عام إحصائي)، بانخفاض بلغ نحو 47 ألفا و803 حالة زواج.

ووفق، ذات التقرير، وصلت عدد حالات الطلاق عام 2021، حوالي 254 ألفا و777 حالة طلاق، بمعدل 2.5 لكل ألف من السكان، وذلك مقابل 222 ألفا و36 حالة عام 2020، بزيادة نحو 32 ألفا و741 حالة طلاق، بنسبة بلغت 14.7 بالمئة.

"تناقص لا زيادة"

وفي قراءته في أرقام النمو السكاني في مصر، يرى رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام " تكامل مصر"، الباحث المصري مصطفى خضري، أن "الأرقام السابقة تدل على حدوث تباطؤ في النمو السكاني المصري لعامي 2022-2023".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أن "معدل النمو وفقا لتلك المؤشرات بلغ 1.4 بالمئة على أساس سنوي، مقابل 1.7 بالمئة على أساس سنوي عام 2021"، مستدركا بقوله: "ولكن يظل معدل النمو أعلى من معدل النمو العالمي الذي يبلغ 1.17 بالمئة على أساس سنوي".

وحول دلالات تلك الأرقام، يظن أن "الظروف الاقتصادية الحالية ومع ما ترتب عليها من انخفاض معدلات الزواج، ونقص المعدلات الإنجابية نتيجة للخوف من المستقبل؛ كان لها تأثير سلبي على معدلات النمو السكاني، حيث حدث تناقص بنسبة 17.6 بالمئة".

"خطر عظيم"

الخبير المصري في التحليل المعلوماتي وقياس الرأي العام، وفي تقديره للنتائج المترتبة على تلك الأرقام في النمو السكاني اجتماعيا واقتصاديا، قال إن "هذه المؤشرات جرس إنذار لخطر قادم لو لم يتم تدارك الأمر من الجهات المختصة".

وأكد أنه "لو استمر هذا التناقص في النمو السكاني وعلى نفس الوتيرة؛ سيحدث خلل في الهرم السكاني المصري خلال الـ20 عاما المقبلة، وهو ما سيترتب عليه انخفاض بالقوة البشرية العاملة وارتفاع لاحتياجات الرعاية الطبية لزيادة أعداد كبار السن مقابل الفئات الشابة".

وعن تأثير الزيادة السكانية المحتملة مستقبليا، أوضح خضري، أنها "ليست زيادة، بالعكس فهناك تناقص في النمو، وما سيترتب عليه خطير، ولو لم يكن عام 2022-2023 استثنائيا، واستمر ذلك التناقص في النمو لسنوات مقبلة؛ فإن مصر ستتحول من نمط الهرم السكاني المتسع للهرم السكاني الثابت ثم المتناقص وهو خطر عظيم".

اظهار أخبار متعلقة


"السيسي والزيادة السكانية"

ووفق مراقبين فإن الحكومات المصرية المتتابعة منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر (1956- 1970)، ومرورا بالرئيس أنور السادات (1970- 1981)، وخلفه حسني مبارك (1981- 2011)، وحتى سنوات حكم السيسي (منذ 2014)، لم تنجح في تحقيق المعادلة الاقتصادية والاجتماعية بالتوازن بين معدل النمو السكاني ومعدلات التنمية.

الدستور المصري، في مادته (41)، يلتزم الدولة بـ"تنفيذ برنامج سكاني يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة، وتعظيم الاستثمار في الطاقة البشرية وتحسين خصائصها، وذلك بإطار تحقيق التنمية المستدامة".

ووصل عدد سكان مصر نحو 5 ملايين نسمة، قبل نحو 173 عاما، وذلك خلال حكم الخديوي عباس حلمي الأول، وتحديدا في العام 1850، ليسجل تعداد البلاد نحو 20 مليون نسمة عام 1950، مع قرب نهاية حكم أسرة محمد علي.

وفي عهد الرئيس محمد أنور السادات وبعد 28 عاما تضاعف عدد سكان مصر ليصل نحو 40 مليون نسمة، ليصل عام 2007، قبل نهاية حكم مبارك بنحو 3 سنوات إلى 70 مليونا، ليتخطى رقم الـ100 مليون نسمة عام 2020، بعهد السيسي.

وكان عدد سكان مصر قد بلغ 104 ملايين نسمة في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 2022، وهو ما سبقه وتبعه أحاديث ومبادرات ومشروعات للسيسي، تحذر من الزيادة السكانية ومخاطرها، وتطالب المصريين وتحفزهم على خفض نسب الإنجاب.

من بين ما أطلق السيسي، في هذا الإطار ما يسمى "المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية"، في شباط/ فبراير 2022، وذلك بهدف تحسين الخصائص الديموغرافية مثل التعليم والصحة والتمكين الاقتصادي والثقافة، مع ضبط النمو السكاني.



وأطلقت حكومة السيسي، حملة "2 كفاية" في كانون الثاني/ يناير 2019، وأعلنت في آذار/ مارس الماضي، حوافز مالية لسيدات مصر لإنجاب طفلين فقط، مع وعد بأن تدخر الدولة مبلغ ألف جنيه مصري سنويا، لكل امرأة متزوجة لديها طفلان، تحصل عليه مع بلوغها 45 عاما.

وفي شباط/ فبراير 2021، أطلقت وزارة الأوقاف حملة للتوعية بتحديد النسل، فيما تقوم وزارة التعليم بدمج مفاهيم الصحة الإنجابية في النظام التعليمي، بالتعاون مع الأمم المتحدة، كما يمول الاتحاد الأوروبي حملات للصحة الإنجابية عبر منظمات المجتمع المدني المحلية.

وفي 4 كانون الثاني/ يناير الماضي، أرجع السيسي، الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر إلى الزيادة السكانية، قائلا إنها "سبب عدم شعور المواطن بثمار التنمية"، نافيا أن يكون الأمر بسبب "فساد حكومي أو إداري".

وفي 22 نيسان/ أبريل 2022، حذر السيسى من الزيادة السكانية، مؤكدا أنها أصبحت "أكبر من طاقة عمل الدولة"، مشددا على ضرورة ضبط زيادة السكانية، مخاطبا المصريين بقوله: "بدونها لن تشعروا بتحسن اقتصادي".

"إخصاء اجتماعي"

وعن مدى نجاح دعاية النظام المصري من عدمه في تقليل نسب الإنجاب، قال الباحث المصري مصطفى خضري: "ليست دعاية النظام هي سبب تقليل معدلات النمو السكاني؛ وإنما ممارسات النظام الاقتصادية".

وأضاف: "تلك السياسيات التي جعلت من حياة المصريين جحيما، وأثرت على معدلات الزواج والرغبة في الإنجاب -أو القدرة عليه- ولذلك فإن هذا النظام يقوم بعملية إخصاء اجتماعي للمصريين، وممارسته هي ضد الأمن القومي المصري".

التعليقات (1)
هدف اسرائيل الاول
الإثنين، 05-06-2023 06:41 م
لان رعب اسرائيل الاول هو اكثر من 100 مليون عدو على حدودها يرونهم محتلين لابد من رحيلهم و هي نفس رؤية السيسي للزيادة السكانية المصرية

خبر عاجل