من رحم ثورة 25 يناير/كانون الثاني2011، وعلى إيقاع أغنيات لعمالقة
الطرب الشرقي العريق مثل أم كلثوم وفيروز والشيخ إمام وسيد درويش، وبمبادرة شبابية مستقلة، استطاع "راديو
جرامافون" على الإنترنت أن يجد لنفسه مكانًا مميزًا بين مستمعيه وأن يحظى بشعبية واسعة في
مصر وخارجها وخاصة بين أوساط الشباب.
ففي مايو/أيار 2011 بثّ راديو "جرامافون" أولى أغانيه على الإنترنت بهدف إحياء التراث الغنائي والارتفاع بالذوق العام من خلال تقديم "المنسي" من الأعمال الفنية لمطربين مصريين وعرب وأجانب، قدّموا روائع الغناء العربي وكلاسيكيات الموسيقى العالمية مثل الجاز والروك ولا يعرفها كثير من الشباب.
ويستخدم راديو "جرامافون" وسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر وساوند كلاود وغيرها، وسيلة للترويج لما يقدمه، وفي نفس الوقت التفاعل مع الجمهور في معرفة آرائهم بشأن هذه الموسيقى "المنسية".
ويوضح أحمد كمال، مؤسس الراديو، كيف كانت البداية البسيطة منذ 3 أعوام، وكيف استطاع الراديو أن يصل إلى مستمعين من 56 دولة يوميًا حسب ما تشير إليه تقارير المشاهدة اليومية التي يسجّلها الموقع.
يقول كمال الذي يدرس في إحدى الجامعات المصرية: "بدأت الفكرة في مارس/آذار 2011 وذلك في أعقاب ثورة 25 يناير، حيث كانت الحماسة كبيرة لتقديم أفكار غير تقليدية تتناسب مع روح الثورة، التي بثّت في قلوبنا كشباب آمالاً وطموحات لتقديم ثقافة ومعرفة بديلة عن تلك السائدة، التي تسيطر عليها وسائل الإعلام التقليدية.
وعن صاحب الفكرة وممولها، يقول كمال: بدأت الفكرة بشخصين كنت واحدًا منهم وبتمويل ذاتي، قمنا بإطلاق موقع على الإنترنت كان أشبه بالمكتبة الصوتية، حيث يمكن من خلاله تحميل أغاني تراثية قديمة، لهذا كان اسم "جرامافون" مناسب جدا لنوعية الأغاني التي نقدمها، ثم بعد أن وجدنا احتفاءً كبيرًا من المستمعين لما نقدّمه طوّرنا الموقع وأصبح إذاعة عبر الإنترنت تبث أغانيها على مدار الأربع والعشرين ساعة يوميًا في كل أيام الأسبوع.
و"الجرامافون" هو جهاز ضخم اخترعه العالم الأمريكي توماس أديسون في القرن التاسع عشر، ليقوم بتسجيل واسترجاع الأصوات التي يتم تسجيلها، وكانت تستخدمه الطبقات الراقية في بدايات القرن العشرين للاستماع إلى أغنيات هذا العصر.
ويضيف كمال: "أول يوم قدّمنا حفلة نادرة للمطربة اللبنانية فيروز، استقبلها الجمهور بحفاوة كبيرة، وفي اليوم التالي مباشرة قدّمنا تعريفًا لفنانة غير مشهورة في مصر وهي المطربة سمية بعلبكي"، مشيرًا إلى أن "جرامافون" تتنوع أغنياته بين الأغاني المعروفة وغير المعروفة للجمهور، مما جعل ما نقدمه يحمل قيمة مضافة أحس بها جمهور المستمعين.
ونوّه "كمال" إلى أنه وزملاءه يبذلون جهدًا كبيرًا لجعل المادة الصوتية التي يقومون بتجميعها من مصادر مختلفة صالحة للاستماع، فبعد أن يتم جمع ما يمكن جمعه من هذا التراث الغنائي من مصر والوطن العربي عبر مساهمات متابعي الراديو، تأتي مرحلة تنقية وإزالة للشوائب في هذه التسجيلات لتخرج تسجيلات نقية تظهر فيها جمال هذه الموسيقى وأصلها.
وحول نيتهم التوسع في المشروع، يقول كمال: "المشروع يضم حاليًا 8 أفراد، ويهدف إلى تطوير آليات إنتاج الموسيقى في مصر، قد يكون الراديو هو البداية ولكن نهدف إلى بناء ستوديو قوي ينافس ستوديوهات الشركات المتحكمة في السوق الموسيقي.