مع انتشار الإنترنت وسهولة استخدامه أصبح من السهل نشر الإشاعات التي تغلف بشيء من المصداقية، عن طريق استخدام بعض المعلومات الصحيحة أو استخدام أسماء أشخاص أو مؤسسات علمية معروفة.
وكان آخر هذه الإشاعات ما نشر في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية عن انعدام
الجاذبية في بداية عام 2015، حيث سيكون الناس "على موعد مع ظاهرة انعدام الجاذبية على كوكب
الأرض".
ويقول الخبر المفبرك إن هذه الظاهرة الفريدة تحصل مرة كل ألف سنة، وفي يوم 4 كانون الثاني/ يناير المقبل، ستعطي فرصة للتحليق في الهواء نتيجة انعدام جاذبية الأرض لمدة ثلاث ثوان كاملة.
ويذكر "الخبر" أن عالم
الفلك البريطاني، باتريك مور، قال إنه خلال هذه اللحظة يصطف كوكب المشتري وكوكب بلوتو في خط واحد، حيث ستسحب كتلتهما الكبيرة تأثير الجاذبية الأرضية عليهما، مما يضعفها بعض الشيء بالنسبة للسكان. هذه الظاهرة ستسمح لكل شخص بأن يشعر وكأنه يعيش حالة انعدام الوزن، وسيمكنه القفز عاليا بخفة غير معهودة.
وعالم الفلك المعروف باتريك مور كان مشهورا ببرنامجه الشهري "ذي سكاي آت نايت"، الذي كان يقدمه على تلفزيون "بي بي سي"، حيث بثت أول حلقة منه بتاريخ 24 نيسان/ أبريل 1957، وكانت آخر حلقة في 7 كانون الثاني/ يناير عام 2013، وكانت تلك الحلقة هي آخر حلقة يسجلها للتلفزيون قبل وفاته بتاريخ 9 كانون الأول/ ديسمبر عام 2012. وكان ضيفا دائما على الراديو والتلفزيون في الأمور العلمية المتعلقة بالفلك أو الفضاء.
وعلاقة هذا العالم بانعدام الجاذبيه هو أنه قال على الراديو عام 1976 مازحا إن اصطفاف بلوتو والمشتري سيتسبب بفقدان الجاذبية في تمام الساعة 9:47 من الأول من نيسان/ أبريل، حيث يستطيع الشخص أن يقفز في الهواء، وتأخذ رحلة عودته للأرض حوالي ثلاث ثوانٍ بدلا من عشري الثانية التي يأخذها في الظروف العادية، ويقال إن بعض الناس اتصلوا بالراديو ليقولوا إنهم جربوا وقفزوا وأحسو بأن الجاذبية كانت أقل.
وقد اعتاد راديو وتلفزيون الـ "بي بي سي" أن يقدم كل عام
كذبة نيسان، وفي كثير من الأحيان من خلال برنامج جاد أو علمي، ففي أحد الأعوام قدم التلفزيون برنامج بانوراما كاملا عن "كيفية جني المعكرونة (الإسباغيتي) عن أشجار المعكرونة"، حيث ذهب فريق إلى "مزرعة معكرونة" في إيطاليا وصوروا عملية جني المعكرونة وتجفيفها وتغليفها قبل وصولها إلى المستهلك. ويقول أحد المشاركين في إعداد البرنامج: قضينا ساعات نلصق خيوط المعكرونة على أغصان الأشجار قبل أن نقوم بتصوير عملية جنيها وجمعها في سلال للتجفيف.
ولكن كيف تحول التاريخ من الأول من نيسان/ أبريل إلى الرابع من كانون الثاني/ يناير؟
يبدو أن من أعاد تدوير كذبة نيسان هذه، التي مر عليها ما يقارب الأربعين عاما، أمريكيا أو ثقافته أمريكية، حيث إن الإنجليز عندما يكتبون التاريخ بالأرقام يقدمون اليوم على الشهر، بينما الأمريكيون يقدمون الشهر على اليوم، أي أن 1-4 عند الإنجليز يعني 1 نيسان/ أبريل، وعند الأميركيين 4 كانون الثاني/ يناير.
الجدير بالذكر أيضا أن الكذبة ذاتها كانت ذكرت العام الماضي عن الرابع من كانون الثاني/ يناير 2014، ورد عليها في وقتها الفلكي الأمريكي بل بليت، وقال إنه وببساطة فإن جاذبية أي كوكب مهما كانت قوية لن تصل لدرجة أن تؤثر علينا على الأرض؛ بسبب المسافة الكبيرة التي تفصل تلك
الكواكب عنا.