نشرت صحيفة "فوكس الألمانية" تقريرا عن الهجوم الذي تتعرض له السياسية الألمانية المسلمة ذات الأصول الفلسطينية،
سوسن شبلي، منذ تعيينها الخميس الماضي مسؤولة عن الشؤون الخارجية في مجلس شيوخ مقاطعة برلين، مشيرة إلى أن هذا الهجوم يأتي على خلفية "تصريحات دافعت فيها شبلي عن المسلمين والشريعة الإسلامية".
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن السياسية الصاعدة التي برزت في المشهد السياسي الألماني، سوسن شبلي، تم تعيينها في منصب مسؤولة عن الشؤون الخارجية في مجلس شيوخ برلين، لتكون مكلفة بالتنسيق بين السلطات الفيدرالية وحاكم مقاطعة برلين ميكائيل مولر، لافتة إلى أن النائب عن حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، كاي فاغنر، لم يتوانَ عن شن هجوم ضدها بسبب دفاعها عن المسلمين.
وأضافت أن فاغنر وجه انتقادات لاذعة لشبلي، على خلفية تصريحات اعتبرها هذا النائب متعارضة مع قيم التعايش في برلين قائلا: "إذا كانت السيدة شبلي تدافع عن
الشريعة؛ فلا يجب أن يتم تكليفها بمهام حكومية".
وذكرت الصحيفة أن فاغنر كان قد وجه رسالة خطية إلى حاكم المقاطعة ميكائيل مولر، نشرتها بعض الصحف الألمانية، دعا فيها إلى حرمان شبلي من المنصب الذي رشحت له، بسبب تصريحاتها حول الشريعة، مدعيا أن "قيم المساواة والاندماج واحترام حقوق الإنسان لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية".
وأضاف فاغنر: "لا يجب أن يتم التغاضي عن هذا الموضوع.. أنا أنتظر موقفا صريحا وواضحا من كل المعنيين بالأمر".
وذكرت الصحيفة أن هذا الجدل يتمحور حول تصريحات أدلت بها شبلي في شهر آب/ أغسطس الماضي، في حوار أدلت به بصحبة ميكائيل مولر لصحيفة فرانكفورته ألغيماين تسايتنغ، تمحور في أغلبه حول المسلمين في ألمانيا، والديانة الإسلامية، وملفات الاندماج والتعايش. وقد تضمن هذا الحوار مقطعا اعتبر فاغنر وبقية منتقدي شبلي أنه يهدف إلى "التقليل من خطورة الشريعة".
ونقلت الصحيفة التصريح الذي أدلت به شبلي، والذي جاء فيه أن "الجميع يتحدث حول الشريعة، ولكنهم بالكاد يعرفون معنى هذه الكلمة. إن كلمة شريعة بالألمانية تعني الطريق إلى الأصل، وبالتالي الطريق إلى الله.. إنها نظام للحياة والعلاقة بين الإنسان وربه، وهي تتمحور حول أشياء مثل الصلاة والصوم والزكاة".
وأضافت شبلي: "أنا أمارس الديمقراطية في حياتي اليومية، وفي نفس الوقت أعتبر أنني مسلمة، إذ إنه لا وجود لأي تعارض بين الإسلام والديمقراطية، والشيء نفسه ينطبق على المسيحية واليهودية".
وأشارت الصحيفة إلى أن فاغنر اعتبر أن هذه التصريحات لم تكن في محلها، متهما شبلي بأنها "تغاضت عن العقوبات الجسدية التي تتضمنها الشريعة الإسلامية".
وأكدت الصحيفة أن هذه العقوبات ليست إلا جزءا يسيرا من القوانين الإسلامية التي ليست بدورها سوى جزء يسير من الشريعة الإسلامية، "وبالتالي فإن تعريف سوسن شبلي لهذه الكلمة لم يكن خاطئا، ولو قامت بمغالطة؛ لتصدى لها أحد الصحفيين المحاورين لها، وهو مراسل الصحيفة في تركيا، رينر هيرمان، الذي لديه اطلاع كاف حول هذه المسألة".
واعتبرت الصحيفة أن هذا الحوار الذي أجرته سوسن شبلي، والذي أصبح ذريعة للتهجم عليها؛ تضمن تأكيدا لا لبس فيه من جانبها على احترامها للديمقراطية والقوانين الألمانية، وتأكيدها أيضا أن شأنها شأن الأغلبية الساحقة من المسلمين في ألمانيا، وهو أنهم ملتزمون بالقانون دون استثناءات أو شروط.
وخلال حوارها مع الصحيفة؛ قالت شبلي إنه "بالنسبة لنا نحن المسلمين؛ تكتسي مسألة احترام القوانين أهمية خاصة، لأنها تحمينا كأقلية في البلاد، وتضمن لنا حريتنا الدينية بشكل لا نتمتع به حتى في الدول الإسلامية".
من جهتها؛ نشرت صحيفة فيلت تقريرا حول هذه القضية، اعتبرت فيه أن قصة نجاح سوسن شبلي تشبه قصص الخيال الجميلة، فهذه الفلسطينية ولدت سنة 1978 من أبوين قدما من مخيم للاجئين في لبنان مع عائلة مكونة من 13 طفلا.
وانتقلت شبلي بصحبة عائلتها إلى برلين، وكان والداها لا يتكلمان غير العربية، ولم تتمكن من تسوية وضعيتها القانونية حتى سن الـ15، "لكنها على الرغم من كل التحديات التي واجهتها؛ فقد شقت طريقها نحو النجاح الدراسي والمهني. وفي الوقت الراهن؛ يُنظر إليها على أنها مثال يحتذى به في اندماج المسلمين داخل المجتمع الألماني، وفي النجاح أيضا".
وأضافت الصحيفة أن سوسن شبلي، المنتمية للحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ سنة 2001، تعد أيضا مثالا على الانضباط والجدية والمثابرة، وهو ما مكنها من تخطي جميع الحواجز الاجتماعية والسياسية والقانونية، وحين يتحدث عنها زملاؤها في الحزب، فإنهم يقولون إن "شبلي تأتي للمكتب في الساعة السادسة صباحا، وتنصرف في الليل.. إنها طموحة ومتفانية".
لكن شبلي منذ ترشيحها للمنصب الجديد في مقاطعة برلين؛ فقد وجدت نفسها وسط دوامة من الاتهامات والنقد. وبالإضافة للهجوم الذي يشنه عليها النائب كاي فغنر؛ فقد اعتبر إيرول أوزكاراكا، نائب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، تعيين شبلي في منصب مسؤولة الشؤون الخارجية بمجلس شيوخ برلين "خطأ فادحا".
وفي الختام؛ بينت الصحيفة أن شبلي عبّرت في مناسبات عدة عن آراء إسلامية محافظة، مؤكدة أنها تعمل على جعل الإسلام المحافظ أمرا واقعا في ألمانيا، وأن
الحجاب للمرأة المسلمة واجب ديني، وعلى الرغم من أنها لا ترتديه؛ فإنها تدافع عن حرية النساء المحجبات.