تشهد أسعار لاعبي الكرة المصريين خلال العام الجاري حالة من الجنون،
ما دفع بأكبر ناديين بالدوري المصري للشكوى من استغلال الأندية لحاجتهم للاعبين، فيتم المغالاة غير المنطقية في أسعارهم.
هذه
الحالة زادت حدتها خلال الأشهر الماضية في أكبر صفقتين بمصر، الأولى من نصيب مهاجم
نادي إنبي الشاب صلاح محسن، الذي اشتراه النادي الأهلي بمبلغ 35 مليون جنيه مصري (مليون 850 ألف دولار)، بعد منافسة مع غريمه الزمالك. أما الثانية، فكان بطلها نجم
الأهلي عبد الله السعيد، الذي وقع على عقود انتقال لم تتم للزمالك بقيمة 41 مليون
جنيه (مليونين و300 ألف دولار).
وزاد
من جنون الأسعار المبالغ التي تم تسريبها لعقد مدرب الأهلي الأجنبي، والتي تدور في
حدود 2 مليون دولار سنويا، وكذلك الحديث عن رفع راتب مدرب المنتخب المصري لـ200
ألف دولار شهريا.
هذا
الجنون دفع الأندية الصغرى بالدوري المصري لرفع أسعار لاعبيها المطلوبين في
الأندية الكبرى والأندية العربية، وكان لاعب نادي إنبي محمد مجدي قفشة هو الحالة
الأبرز، حيث يتسارع عليه الأهلي والزمالك، وحدد ناديه مبلغ 20 مليون جنيه (مليون
و100 ألف دولار) لبيعه، وكذلك لاعب أسمنت أسيوط مهند لاشين، الذي حدد ناديه مبلغ 13
مليون جنيه للاستغناء عنه (730 ألف دولار)، ولاعب مصر المقاصة أحمد سامي، الذي عرضه
ناديه بمبلغ 40 مليون جنيه (مليونين و200 ألف دولار).
من
جانبه، أكد مدير الكرة السابق في النادي الأهلي، سيد عبد الحفيظ، في تصريحات صحفية، أن
الأندية الصغرى تستغل حاجة الأندية الكبرى للاعبين المتميزين، وبالتالي تقوم برفع
الأسعار بشكل جنوني وغير منطقي، بينما ألمح رئيس نادي الزمالك، مرتضى منصور، إلى أن
التدخلات الخارجية هي التي رفعت من أسعار اللاعبين المغمورين.
من جانبه، يؤكد الناقد الرياضي علاء عبد المجيد لـ"عربي21" أن أسباب عديدة قفزت بأسعار اللاعبين بهذا الشكل،
أبرزها منافسة الأندية الكبرى، خاصة الأهلي والزمالك، حيث يقوم كلا الناديين
بالمكايدة في الآخر، والمستفيد هو اللاعب الذي عليه المزاد، وفي كثير من الأحيان
يقوم نادي منهما برفع سعر اللاعب؛ ليورط النادي الآخر فيه، أو يشتريه بالفعل بعد
دفع مبلغ كبير، لمنع النادي الآخر من الاستفادة منه.
ويشير
عبد المجيد إلى أن تعويم الجنيه وانخفاض سعره أمام الدولار جعل كثيرا من الأندية تحدد مطالبها بالدولار، مستغلة حاجة الأندية للمواهب الموجودة لديهم، بالإضافة لدخول
ممولين خارجين لحسم مثل هذه الصفقات، أبرزهم الرئيس الشرفي للنادي الأهلي تركي آل
الشيخ.
ويضيف
الناقد الرياضي أن الدوري المصري لا يستحق هذه الأرقام المبالغ فيها، خاصة أن
الأندية التي تشتري اللاعبين بهذه المبالغ الخيالية لم تحقق مكاسب تعوض هذه
الأرقام، باستثناء النادي الأهلي، الذي أيضا لم يستغل معظم لاعبيه بالشكل الأمثل، فلجأ إلى إعارتهم لفرق أخرى مصرية وعربية.
ويرى
عبد المجيد أن قرار اتحاد الكرة الأخير بتحديد قائمة كل فريق بـ25 لاعبا يمكن أن
تعرقل هذا الارتفاع، ويمكن أن تزيده في الوقت نفسه؛ لأنها سوف تجعل المنافسة شرسة
على المواهب، بينما سيكون هناك فائض كبير في باقي اللاعبين.
ويضيف
المتخصص في علم التسويق بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى عبد الخالق، لـ "عربي21"، أن كرة القدم أصبحت مشروعا استثماريا، وهناك أندية
صغرى تقوم بتدريب مجموعة من الناشئين المتميزين، وينافسون بهم في المسابقات
المختلفة، حتى إذا وصلوا للدوري الممتاز يقوم ناديهم بطرحهم للاستثمار، وبالتالي
فمشاركته في الدوري ليست من أجل اللعب، وإنما من أجل عرض لاعبيه على الأندية الكبرى، كما فعل نادي النصر، وتفعل أندية مثل مصر المقاصة وأسمنت أسيوط.
ويوضح
عبد الخالق أن فكرة الاحتراف أصبحت عاملا كبيرا في تسويق اللاعبين، وهناك وكلاء
مهمتهم عرض اللاعبين وتسويقهم، لبيعهم بأعلى الأسعار، بالإضافة لوجود لاعبين أجانب
في الدوري المحلي، وهؤلاء اللاعبون يتم شراؤهم بالدولار، ما يدفع اللاعبين
المحليين للمطالبة بالمثل، وغالبا ما ترضخ الأندية لمطالبهم في النهاية، خاصة إذا
كانوا متميزين.
ويشير
عبد الخالق إلى أن وجود محترفين مصريين متميزين في الأندية العربية والأوربية، يتم
بيعهم وشراؤهم بمبالغ مالية فلكية، دفع الأندية الصغرى لاستغلال الأندية الكبرى
مثل الأهلي والزمالك الذين يبحثون عن اللاعبين الجاهزين والمتميزين، الذين يمكن
بيعهم لأندية أوربية وتعويض ما دفعوه.
وأكد
عبد الخالق أن الحكومة لا يمكن لها أن تتدخل في تحديد الأسعار، ولكن يمكن لها أن
تتخذ خطوات أخرى تضبط بها سوق اللاعبين، مثل تفعيل نسبة الضرائب الخاصة بهم، وكذلك
تحديد نسب للمشاركة، ومحاسبة الأندية التي تقوم بالمزادات على اللاعبين، لما يمثله
ذلك من ضرر على الرياضة والاقتصاد معا.
الأهلي يتعرض لهزيمة مريرة في دوري الأبطال (شاهد)
محمد صلاح أمل وفخر المصريين الذين أثقلت السياسة كاهلهم
الشرطة تعتقل مشجعين من روما بتهمة "الشروع في القتل"