كتاب عربي 21

لبنان يعطل السبت بدل الجمعة

نزيه الأحدب
1300x600
1300x600
مع أنه لا وجود في لبنان حالياً للطائفة اليهودية إلا أن الدولة قررت اعتبار يوم السبت عطلة رسمية، ومع أن أكثر من نصف اللبنانيين ينتمون إلى الطوائف الإسلامية إلا أن الدولة قررت أيضاً اعتبار يوم الجمعة يوم عمل رسمي مع إتاحة الفرصة بساعتَي استراحة للمؤمنين الراغبين بأداء صلاة الجمعة، أما عطلة الأحد الأسبوعية فثابتة من قبل ومن بعد.

في التبرير السياسي الإقتصادي للخطوة هو أن البورصات والمصارف العالمية تتوقف أيام السبت عن العمل، وقد استشهد بعض أهل السلطة بعطلة السبت المعمول بها في معظم الدول العربية، متناسين أن السبت مضاف في هذه الدول إلى عطلة الجمعة وليس الأحد. وإذا كانت جدوى العطلة اللبنانية اقتصادية، فاقتصاد لبنان مرتبط بمحيطه العربي أكثر من أي محيطٍ آخر. 

إقرار هذه العطلة الجديدة تم في مجلس النواب الذي يتفوق فيه مجموع الكتل الشيعية والسنية  والدرزية على مجموع الكتل المسيحية، وبالتالي فإن إعادة تحديد العطلة لم يُفرض على المسلمين من المسيحيين بل من كتلهم النيابية التي ارتأت انسحاب العطلة ليومين متتاليين، دون التفكير بإلغاء عطلة الأحد المعمول بها أصلاً، فكان الضحية يوم الجمعة ما خلّف امتعاضاً كبيراً في كثير من الأوساط الإسلامية، عبرت عنه بشكل أساسي دار الفتوى التي أطلقت حملةً لإعادة تصويب الأمر واعتماد الجمعة عطلة أسبوعية بدلاً من السبت. وهو قرار اعتمدته بعض البلديات في المناطق السنية شمالي البلاد، فأعلنت باعتبارها سلطة محلية يوم الجمعة عطلة رسمية من كل أسبوع.

هناك من لا يفوت فرصة في لبنان لتنمية شعور المسلمين بالغبن في عالمٍ هم فيه الأضعف من مجلس الأمن الدولي إلى دورة الألعاب الأولمبية وما بينهما من مجالس وهيئات تتحكم بمصير الدول والشعوب، يبدو المسلمون ضيوفاً على هذا الكوكب يستهلكون ما يقدّم لهم مقابل ثرواتهم بمقدار. مع وجود أو "إيجاد" نفرٍ متطرف يجعل الأمة متهمة من أقصاها إلى أقصاها. ولم يكن ينقص المسلمين في لبنان إلا هذه المنقصة الجديدة.

على الجانب "السني" يحمّل رجال الدين تيار المستقبل ورئيس الحكومة سعد الحريري المسؤولية الرئيسية عن هذا الخلل في أصول العيش المشترك. ويستغرب المراقبون موافقة "المستقبل" على هذا القرار عشية انتخابات نيابية يبدو الأضعف فيها بين القوى الرئيسية في البلاد على صعيد الإستعدادات التعبوية والسياسية والإعلامية والمالية. ولا شك أن خصوم تيار الحريري قد بدأوا منذ الآن استثمار قرار العطلة الرسمية العرجاء لتسديد مزيد من الأهداف في مرمى "المستقبل" الذي تنتّفت شباكه على مدى الأعوام الماضية.

حتى داخل الكيان الإسرائيلي العطلة الأسبوعية الرسمية تشمل يوم الجمعة طالما أن المسلمين يشكلون هناك الطائفة الثانية. إلا في لبنان يبدو المسلمون في العطلة التي أقرها مجلس النواب خارج التعداد السكاني، وبخلاف المحيط العربي والإسلامي من سوريا إلى الخليج العربي فإيران.
 
0
التعليقات (0)