كشف ضابط متقاعد من الجيش البريطاني كان يشغل
منصب مدير عمليات لمشروع يشرف على بناء شبكة اتصالات للحرس الوطني السعودي تفاصيل
هربه من الرياض إلى بلاده بعد اكتشاف عمليات رشى بملايين الدولارات.
وقال الضابط إيان فوكسلي الذي خدم الجيش
البريطاني 24 عاما واتجه بعدها لقطاع الاتصالات الخاص إنه تقدم لوظيفة أحلامه بعد
قراءة إعلان في صحيفة "صنداي تايمز" عام 2010 لمنصب مدير عمليات مشروع
سيمتد لـ 10 أعوام لصالح الحرس الوطني السعودي لتوفير شبكة اتصالات داخلية وعبر
الأقمار الصناعية.
وأوضح فوكسلي في التقرير الذي ترجمته "
عربي21" أن الشركة المنفذة للمشروع
"جي بي تي" والتي تحولت لـ"إيرباص" لاحقا متعاقدة مع وزارة
الدفاع البريطانية وعملها في المشروع كان جزءا من مذكرة تفاهم حكومية سعودية
بريطانية.
وأشار إلى أنه قام ببناء شبكتين من كوابل
الاتصالات عبر الألياف البصرية ويقول: "لا يوجد شيء في هذا المشروع لم أكن
أعرفه".
لكن فوكسلي كشف عن أنه كان المدير الثالث في غضون ستة أشهر وقام هو
أيضا بمغادرة
السعودية خلال فترة وجيزة بعدما "ظهرت رائحة كريهة وأصبح العمل
يسير بطريقة عدائية".
وقال الضابط البريطاني السابق إن ما كان يجري
عبارة عن مخطط نظامي من قبل شركة إيرباص لرشوة مسؤولين سعوديين بملايين الدولارات
وهو ما يجري فيه تحقيق رسمي بريطاني حاليا.
وتنقل مجلة "بيزنيس إنسايدر" عن
المتحدث باسم "إيرباص" قوله إن المملكة المتحدة تجري تحقيقا رسميا في
بعض جوانب عمل شركة "جي تي تي" لإدارة المشاريع الخاصة في السعودية وهي "شركة
محلية تابعة لإيرباص لكن أعمالها تقتصر على وزارة الدفاع".
ورفض المسؤول تقديم معلومات إضافية عن الفضية
لأنها "مدار تحقيق حاليا" من قبل السلطات البريطانية.
ويكشف فوكسلي أنه وبعد مضي مدة طويلة على
مباشرته العمل في السعودية طلب منه التوقيع على "شراء خدمات" في أول
مشروع رئيسي لـ"جي بي تي".
وأشار إلى أن المسؤولين أخبروه أن هذه الخدمات
تتمثل في الاستعانة بمصادر خارجية لكن التكلفة كانت 1.6 مليون جنيه إسترليني أي
أكثر من رسوم المقاول الرئيسي، مضيفا: "شراء خدمات من جهة ما بهذه القيمة التي
تمثل 16 بالمائة من تكاليف المشروع وبالتالي ستصبح أكبر مقاول فرعي بحجم
الدفع".
وتابع: "هذا المقاول الغامض لم يعطني أي خدمة ولا أي منتج ولم
ألتق به قط أو أسمع عنه حتى".
وقال إنه في تلك اللحظة بدأ بطرح الأسئلة وأصبحت الأمور تزداد سوءا
شيئا فشيئا.
ويتشبه فوكسلي بأن هناك مدفوعات مخفية من قبل
مقاولين في
العقود التابعة لـ"جي بي تي" تعود للعام 1978 وتقدر القيمة
الإجمالية للعقود منذ ذلك الحين بنحو 5 مليارات جنيه إسترليني.
ولفت إلى الـ 16 بالمائة لو أخذناها من مجموع
تلك المليارات فنحن نتحدث عن 750 مليون جنيه إسترليني قيمة مدفوعات "شراء
خدمات" على حد قوله.
ويزعم فوكسلي أن تلك المدفوعات "غير
المبررة" لم تكن سوى
رشاوى للمسؤولين السعوديين.
وحصل فوكسلي على الوثائق بعد بحث عميق كما يشير، وقال إنه اضطر للحديث مع المدير المالي السابق للشركة وقام بإرسال تلك الوثائق
التي تتحدث عن رشاوى بملايين الجنيهات إلى عميد بوزارة الدفاع البريطانية كان
يعرفه بالرياض.
وكشف عن تلقيه مكالمة من المدير الإداري وكان
برفقة رئيس إدارة الموارد البشرية وهي أميرة سعودية، وكان المدير يشك في أن فوكسلي
أرسل وثائق بالبريد الإلكتروني إلى وزارة الدفاع واحتد النقاش بين الطرفين.
وأوضح أنه تلقى "تهديدات بالاعتقال بدعوى
سرقة معلومات سرية"، لافتا إلى أن الأميرة لو قامت بالاتصال بالشرطة
وأخبرتهم أني سارق فهذا يعني "أنني ميت لا محالة".
وحول طريقة هروبه من الرياض أوضح فوكسلي أنه
قام بجمع أغراضه الضرورية من منزله الذي يشبه السجن الفاخر لكنه اصطدم بمجموعة من
الأشخاص كانوا قادمين للبحث عنه لكن لحسن الحظ كما يقول: "أحدهم كان مدينا
لصالحي بأمر فقلت له أعطني 10 دقائق وكان هذا وقتا كافيا للخروج من المجمع وفقدان
أثري".
ويشير إلى أنه نقل إلى منزل آمن وقام كولونيل
من الجيش البريطاني بنقله إلى المطار في وقت لاحق من تلك الليلة من أجل السفر
وأخبره بأنه سيراقبه لحين حصوله على ختم المغادرة، وفي حال تم إيقافه فإن الاتصال
الأول سيكون للسفير البريطاني والثاني سيكون للعميد الذي حصل على الوثائق.
وتابع فوكسلي: "أبديت صلابة وقدمت الجواز وتم ختمه وانتظرت حتى
أصبحت الطائرة جاهزة في الرياض.. طلبت ويسكي ثم أصابني الانهيار".
وعقب وصوله إلى
بريطانيا أمضى فوكسلي بحسب "بيزنيس إنسايدر"
أياما وهو يكتب تقريرا عن النتائج التي توصل إليها وقام بإرسالها لمصادر موثوقة لم
يكشف عنها مع نسخة لمكتب الاحتيال الجدي.
ويرى فوكسلي أن التعقيد الذي يواجه التحقيقات أن عقود إيرباص لا تزال
نشطة ومن المفترض أن شخصا كبيرا داخل وزارة الدفاع وافق عليه رغم أن المنفذ إيرباص
إلا أن الاتفاقية هي بين الحكومتين البريطانية والسعودية.