هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تنطلق غدا الجمعة انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين المصرية، وسط أزمات وضغوط غير مسبوقة تمر بها مهنة الصحافة والإعلام المصري بشكل عام.
ويتأهب أكثر من 13 ألف صحفي لاختيار نقيب جديد من بين 11 مرشحا على المنصب، فيما يتنافس 51 مرشحا على 6 مقاعد لعضوية مجلس النقابة المكون من 12 عضوا، وسط مطالبات من الصحفيين بتحسين أوضاعهم المالية؛ عبر زيادة الأجور، وزيادة البدل النقدي للتدريب والتكنولوجيا، بالإضافة إلى استعادة دور النقابة في الدفاع عن حرية المهنة وحقوق الصحفيين، وإتاحة حرية تداول المعلومات.
وتعقد الانتخابات هذه المرة وسط أجواء وتحدّيات غير مسبوقة لمهنة الصحافة، بحسب مراقبين، في ظل المناخ القمعي ومنع حرية التعبير في البلاد بشكل عام.
رشوان مرشح النظام
ويرجح أغلب المراقبين أن يفوز المرشح ضياء رشوان بمقعد النقيب، الذي يقول كثيرون إنه مرشح النظام، الذي أتى به لفرض السيطرة التامة على النقابة.
ويحظى رشوان بدعم رسمي قوي، حيث يشغل منصب رئيس الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية، وأعلن اتفاقه مع الحكومة على زيادة البدل النقدي والمعاشات للصحفيين بنسبة وصلت إلى 25% حال فوزه في الانتخابات.
في المقابل، يعد المرشح رفعت رشاد أبرز منافسي رشوان، حيث يركز على تحسين الأوضاع المالية والخدمية للصحفيين، مثل الأجور والعلاج الصحي والإسكان، بالإضافة إلى الدفاع عن الحقوق والحريات وحتى الصحفيين المعتقلين.
تياران
وتجرى الانتخابات وفق شرط ضرورة اكتمال النصاب القانوني (50%+1) في الجولة الأولى، وفي حالة عدم اكتمالها يتم تأجيلها إلى يوم الجمعة 15 آذار/ مارس بحضور 25% من الأعضاء.
ويرى مراقبون أن فرص المتنافسين على مقاعد عضوية مجلس النقابة متقاربة.
أما عن التيارين الأساسيين بين المتنافسين؛ فيضم الأول المرشحين الموالين للنظام، الذين يركزون في برامجهم على الجوانب الخدمية للصحفيين، وفي المقابل يضم التيار الثاني صحفيين مدافعين عن ملف الحريات وحقوق المهنة وحرية التعبير، وعلى رأسهم العضو السابق في مجلس النقابة خالد البلشي.
الصحفيون محبطون
وتعليقا على هذه الانتخابات، قال نقيب الصحفيين السابق، يحيى قلاش، إن أهم ما يميز الانتخابات هذه المرة هو قلة الحماس بين الصحفيين للمشاركة؛ بسبب الإحباط الذي يعانون منه، لافتا إلى وجود إصرار من النظام على فرض أجواء من الترويع والتخويف لجميع من يقدم معلومات أو آراء للناس أو من يدافع عن حرية التعبير.
وكشف قلاش، في تصريحات لـ"عربي21"، أن العديد من الصحفيين أكدوا تعرضهم لضغوط عديدة قبيل الانتخابات؛ لمنع ترشحهم، أو انتخاب مرشحين بعينهم، مشددا على أن هذه الأجواء الغريبة على الوسط الصحفي وغير المسبوقة في النقابة أدت إلى حالة واسعة من الانسحاب من المشهد الانتخابي برمته، على حد قوله.
وأضاف أن قيمة الانتخابات في نقابة رأي مثل نقابة الصحفيين تكمن في المشاركة الواسعة، لكن انسداد جميع قنوات الحوار والتعبير عن الرأي في المجتمع المصري في السنوات الأخيرة انعكس بوضوح على انتخابات الصحفيين بشكل سلبي.
وأكد أن هذه الأجواء أصبحت تستدعي جهدا كبيرا من المرشحين؛ لإقناع جموع الصحفيين بالمشاركة في الانتخابات، مشيرا إلى أنه لا يتوقع أن يكتمل النصاب القانوني للانتخابات في الجولة الأولى، بل إن اكتمال النصاب في الجولة الثانية أيضا أصبح محل شك كبير، حسب قوله.
وأشار إلى أن الانتخابات الماضية عام 2017 أقيمت في أجواء حماسية، حيث أعقبت حادثة اقتحام قوات الأمن لمقر لنقابة واعتقال اثنين من الزملاء من داخلها، وهو ما ولّد شعورا كبيرا لدى الصحفيين بضرورة المشاركة للتعبير عن رفضهم لهذا السلوك من جانب النظام. أما الانتخابات المرتقبة غدا الجمعة، فتجرى في أجواء غير مسبوقة من الفتور وانعدام الحماس.
نظرة سلبية
وحول أسباب عدم ترشح النقيب الحالي عبد المحسن سلامة للمنصب مجددا، قال يحيى قلاش إن كافة المؤشرات كانت تؤكد أنه يريد وينوي الترشح، لكن يبدو أن "مرجعيته" أخبرته بعدم الترشح، مضيفا أنه لا جدال في أن ضياء رشوان هو مرشح الدولة، وهذا هو سبب تركه لمنصبه الرسمي كرئيس للهيئة العامة للاستعلامات حتى يترشح في انتخابات النقابة، فليس للأمر تفسير آخر.
وشدد على أن مستقبل النقابة في ظل الوضع القائم بالغ الصعوبة، موضحا أن نظرة الصحفيين لنقابتهم وللمهنة أصبحت سلبية للغاية في الشهور الأخيرة؛ بسبب خسارة العديد من المعارك التي خاضتها النقابة مؤخرا، من بينها تعديلات قانون الصحافة، وغلق عشرات المواقع والصحف، بالإضافة إلى تعرض عدد كبير من الصحفيين للبطالة والفصل التعسفي، وفي مقابل كل ذلك قام المجلس بتبرير الإجراءات القمعية والترويع.
وحذر يحيى قلاش من أن المناخ العام في مصر يجعل من ممارسة الصحافة الحرة أمرا بالغ الخطورة، بسبب سيطرة أجواء الترويع والتهديد بالحبس والغلق والمصادرة لكل من يعبر عن رأيه بحرية، متوقعا أن تصبح النقابة أكثر ضعفا وأكثر انصياعا للنظام في الفترة المقبلة.