صحافة دولية

لوموند: أزمة اللاجئين سببها الأول هو الأسد لا تنظيم الدولة

لوموند: الطريقة التي يتناول بها الإعلام قضية اللاجئين أدت إلى التغطية على البعد السياسي للأزمة - أرشيفية
لوموند: الطريقة التي يتناول بها الإعلام قضية اللاجئين أدت إلى التغطية على البعد السياسي للأزمة - أرشيفية
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا عن أزمة اللاجئين السوريين، اعتبرت فيه أن النظام السوري هو المسؤول الأول والرئيس عن هذه الأزمة، "رغم أن تنظيم الدولة أيضا يمارس القتل والتشريد كل يوم".

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن سوريا عادت لتتصدر من جديد قائمة الأولويات السياسية العاجلة، ولكن هذه المرة من خلال موجات اللجوء الهائلة، التي وضعت أوروبا تحت الضغط، ودفعت شريحة هامة من الرأي العام الأوروبي لمطالبة الحكومات باستقبال هؤلاء اللاجئين.

واعتبرت أنه ليس من المنطقي أن تكون صورة الطفل إيلان الكردي؛ هي السبب في تغيير السياسة التي تعتمدها أوروبا تجاه المأساة السورية، "فهنالك المئات من الأطفال الذين ماتوا خلال الصيف فقط، بينما قضى عشرات الآلاف الآخرين نحبهم منذ اندلاع الثورة السورية في ربيع سنة 2011".

وأضافت الصحيفة أن صورة إيلان ليست الصورة الأولى، إذ إن شبكات التواصل الاجتماعي تعج بصور الأطفال الذين ماتوا جراء التسمم بالغازات السامة، التي ألقاها النظام على المدنيين في الغوطة، بالإضافة إلى صور الأطفال الذين تقطعت أوصالهم جراء البراميل المتفجرة التي باغتتهم أثناء نومهم.

وقالت إن فرنسا مطالبة بمعالجة أصل مشكلة اللاجئين، من خلال إيجاد حل للأزمة السورية، مشيرة إلى أن الرئيس فرنسوا هولاند اعتبر أن بشار الأسد هو المسؤول الأول عن تدهور الوضع في سوريا، "لأنه هو الذي أصدر الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين، وقصف المدنيين، واستخدم أسلحة كيميائية، وتمسك بالسلطة ورفض التفاوض مع المعارضة".

وقدمت الصحيفة إحصائيات قام بها مركز التوثيق السوري، وتبنتها الرابطة الدولية لحقوق الإنسان ومنظمة هيومن رايتس ووتش، تفيد بأن تنظيم الدولة يقتل مدنيا واحدا كل يوم، بينما يقتل النظام السوري سبعة مدنيين في اليوم الواحد.

واعتبرت الصحيفة أن هذا الإحصاء لا يمثل تقليلا من خطر تنظيم الدولة، بل تأكيدا على أن النظام السوري يقوم بممارسات شنيعة لا تقل بشاعة عن تلك التي يقترفها التنظيم، مضيفة أن "النظام، أو ما تبقى منه، أصبح يعتمد على مليشيات مثل حزب الله؛ لكي يحافظ على وجوده".

وأضافت أن الفرق بين النظام وبين تنظيم الدولة؛ يكمن في طريقة التواصل التي يتبعانها، إذ يستفيد النظام من سطوته التي لم يعد يحتاج إلى استعراضها، بعد أن تمكن على مدى أكثر من أربعة عقود من زرع الخوف في نفوس السوريين. وفي المقابل، فإنه لا يتوانى تنظيم الدولة عن التباهي والتلذذ بتصوير تفاصيل عمليات الإعدام، التي يستفز بها العالم بقصد ترهيب أعدائه.

ولاحظت الصحيفة أن الطريقة التي يتناول فيها الإعلام هذه القضية؛ أدت إلى التغطية على البعد السياسي للأزمة، وتصويرها على أنها كارثة إنسانية، وليست كارثة صنعها شخص بعينه.

وقالت إن السوريين لا يحتاجون إلى مزيد من الحرب، بل يحتاجون إلى إنشاء مناطق آمنة، ووقف العنف وحمى التسلح، "كما أن إنشاء منطقة يمنع فيها الطيران فوق المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المعتدلة؛ سيكون له تأثير أفضل من أي حملة جوية على تنظيم الدولة".

وأضافت: "هذا سيفي بالغرض لإقناع المواطنين بعدم صحة البروباغندا التي يروجها الجهاديون، والتي تزعم أن العالم الغربي يكن العداء للعرب والمسلمين. كما أن إقامة منطقة آمنة سيثبت لهم أيضا أن الغرب يدعمهم في الحفاظ على استقرارهم وأمنهم، وأنه يستطيع إجبار النظام على عدم تجاوز حدوده".

وقالت الصحيفة إن الغرب لا يمكن أن يبقى صامتا حيال المجازر الجماعية التي تشهدها سوريا، "فهو مطالب بالتحرك لوقفها، ويجب أن تعيد الدول الأوروبية الأمل إلى السوريين، عبر إقامة مناطق آمنة تؤويهم وتريحهم من مخاوف التعرض إلى القصف في أي لحظة ممكنة".

وتابعت: "بذلك يمكن التفكير في مستقبل سياسي أفضل للبلاد؛ لأن المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المعتدلة محاصرة بين نيران تنظيم الدولة ونيران النظام، حيث تعرضت مدينة مارع في محافظة حلب، التي تسيطر عليها المعارضة المعتدلة، إلى القصف بالأسلحة الكيماوية من قبل التنظيم في محاولة للسيطرة عليها وإخضاع أهلها".

وأكدت أن التخلي عن الحل العسكري غير ممكن، "ولكن خبراء يؤكدون محدودية فاعليته؛ لأنه يمثل جزءا من الحل فقط"، مشيرة إلى أن "العمل الأكثر أهمية؛ يتمثل في الاشتغال على الصعيد الدبلوماسي والسياسي والإنساني أيضا".

وأضافت صحيفة "لوموند" أنه من الصعب معالجة الأزمة السورية بمعزل عن إطارها السياسي؛ "لأن المسؤولية أكبر من أن تختزل في وجود تنظيم الدولة، إذ إن البراميل المتفجرة لا تستهدف إلا المواطنين والمناطق السكنية، ولا تطال مناطق تنظيم الدولة".
التعليقات (0)