ملفات وتقارير

هل ينهي قانون التأمين الصحي الجديد معاناة قطاع الصحة بمصر؟

انتقادات شديدة وجهت للقانون باعتباره خطوة نحو الخصخصة- جيتي

واجه قانون التأمين الصحي الجديد الشامل بمصر، الذي سيدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل، انتقادات حادة فيما يتعلق ببعض المواد من قبل خبراء في الصحة، ومنظمات المجتمع المدني، والنقابات الطبية، إذ حذرت نقابة الأطباء في بيان لها الشهر الماضي، من أن القانون الجديد يفتح الباب واسعا أمام ضياع أصول المنشآت الصحية الحكومية، ويتجاهل أي ذكر لتحسين أوضاع الأطباء أنفسهم.

وانصبت غالبية الانتقادات على المواد المتعلقة باشتراكات ومساهمات المرضى، ومصير المستشفيات غير المؤهلة للتعاقد ووضع الأطباء فيها، وربط الاشتراك بالخدمات التي تقدم للمواطن، إضافة إلى مصادر التمويل، والمدة الزمنية المقررة لتطبيق القانون على جميع المواطنين التي تمتد حتى 2032.

رفض وترحيب

 
ووجه الخبير المصري، سمير بانوب، المعروف بالعقل المفكر لنظام التأمين الصحي الأمريكي، انتقادات شديدة للقانون باعتباره خطوة نحو الخصخصة، وقال في تصريحات صحفية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إن القانون الحالي سيؤدي حتما لاستمرار نظام الممارسة المزدوجة للأطباء ونقص جودة القطاع العام، وانعدام التمويل الكافي للنظام الصحي.

إلا أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، منظمة حقوقية مستقلة، أشادت بالقانون، وقالت إنه يمثل إطارًا متكاملًا لإصلاح النظام الصحي بشكل شامل وليس فقط قانونيًّا للتغطية التأمينية للمواطنين، والذي يعمل على معالجة سلبيات النظام الحالي بتبنى فكرا حديثا ومتطورا.

قانون لخصخصة الصحة

 
وفند رئيس لجنة الدفاع عن الحق بوزارة الصحة، محمد حسن خليل، القانون الجديد قائلا: "إن القانون باختصار شديد هو نوع من الخصخصة، وهو يساعد المستثمرين، ويصب في صالح المستشفيات الخاصة، ولا يحقق المرجو منه، ومرهق للمواطنين".

 

اقرأ أيضا : تجار يعلقون اشتعال أسعار مواد البناء في رقبة الحكومة المصرية


وأضاف لـ"عربي21" أن "الحكومة لم تعقد حوارات مجتمعية قبل الانتهاء من النسخة الأخيرة، وكل الحوارات السابقة جرت قبل التعديل الأخير، كما لم يؤخذ بالتوصيات التي تقدمنا بها، وتجاهلتها الحكومة".

ومن أوجه الانتقادات بين أن "المريض سيتحمل 7% من فاتورة أي عملية جراحية، ما عدا الأمراض والأورام المزمنة، ومريض العيادات سيتحمل 10% من سعر الإشاعات بدون حد أقصى، و20% من التحاليل بحد أقصى ألف جنيه، و10% من سعر الدواء بحد أقصى ألف جنيه".

وأكد أن قيمة الاشتراك عالية "إذ سيتحمل الموظف أو العامل 1% من مرتبه عن نفسه، و3% عن زوجته، و1% عن كل طفل حتى الطفلين الأوليين، و1.5% عن كل طفل بعد ذلك، وهي نسبة كبيرة إضافة إلى قيمة المساهمات من كل فاتورة علاج، في حين لا يتحمل صاحب العمل إلا 4% من الراتب الموظف، ولن يطبق القانون على جميع المصريين إلا 15 عاما".

الإيجابيات والسلبيات

أما الأمين العام المساعد بنقابة أطباء مصرالسابق، رشوان شعبان، فرأى أن "القانون لا يخلو من إيجابيات أو سلبيات، وأن يكون هناك قانون تأمين صحي شامل فهو أمر إيجابي"، ولكنه استدرك قائلا: "ولكن الشيطان يكمن في التفاصيل".

وأكد لـ"عربي21" أن "النقابة أبدت اعتراضها على عدد من المواد، أهمها، أن مصير الأطباء والمستشفيات العامة غير المؤهلة للتعاقد غير معروف في القانون الجديد، ويبدو وكأنه خطوة نحو خصخصة قطاع الصحة، بدون توضيح مثل تلك المسألة".

وأوضح أن "الكثير من مستشفيات الدولة مهملة منذ عقود، وتفتقر للإمكانيات وغير مؤهلة للتعاقد، فما مصير تلك المستشفيات، فإما أن تباع أو تدخل في شراكة مع قطاع خاص، أو تديرها شركات خاصة بالتأمين؟"، مشيرا إلى أنهم "حاولوا الاستفسار عن مصير الأطباء في حال عدم التعاقد مع مستشفياهم إلا أنهم لم يتلقوا إجابة شافية".


اقرا أيضا :  صادم.. مئات آلاف المواليد سنويا لأمهات قاصرات في مصر


فيما يتعلق بقيمة الاشتراكات، أكد "أنها غالية ويضاف لها دفع مساهمة عند تلقيه الخدمة، وفي كل أنظمة التأمين التي تحترم المواطن لا تلزمه إلا بدفع اشتراك شهري فقط، كما يعاب على القانون ربط الاشتراك بمجموع الخدمات التي تقدم للمواطن كالتعليم مثلا، إذ على ولي الأمر دفع قيمة اشتراك أولاده وإلا سيحرمون من التعليم، فيكون لا تعليم ولا صحة".

جيد لغير القادرين

في المقابل، أشاد خبير الصحة بالأمم المتحدة، ورئيس لجنة الصحة وحماية المستهلك بالجيزة، عصام رمضان بالقانون، وقال لـ"عربي21": "إن المشروع بوجه عام جيد، ومفيد لبعض الفئات في المجتمع غير القادرة على العلاج، ولا يتمتعون بنظام التأمين الصحي، وتتحمل الدولة تكاليف اشتراكاتهم السنوية، كمشروع تكافل وكرامة الاجتماعي".

ولكنه أشار إلى وجود "بعض المواد السلبية بالقانون"، وتساءل عن "مدى قدرة الدولة على القضاء على الوساطة، والطوابير الطويلة، والبيروقراطية"، وتوقع "ألا تستطيع الدولة التغلب عليها في المرحلة الأولى، حيث ستظهر عقبات في المنظومة ستكشف عن مدى قدرة القانون على معالجة تلك المشاكل وليس تفاقمها".

وأضاف: "كما أنه يؤخذ على القانون أنه لم يضع تأمينا متدرجا بحسب دخل كل فئة، كما سيقضي على التنافس بين مقدمي الخدمة الصحية، وسيضع الشركات والطبقات الغنية والمتوسطة والنقابات المشتركة في منظومة تأمين صحي شامل في حرج إذ أن القانون لا يسمح بوجود إزدواج تأميني".