سياسة عربية

جدل حول موقف الجيش من انتخابات الرئاسة بالجزائر

الجيش بالجزائر كان له دوما دور في التفاهمات داخل منظومة الحكم - ا ف ب

يسود جدل واسع بالجزائر، حيال دور المؤسسة العسكرية برسم معالم المرحلة السياسية المقبلة، وبمقدمتها انتخابات الرئاسة المرتقبة، شهر نيسان/ أبريل من العام المقبل، بظل سؤال يطرح: هل يكون للجيش بالجزائر دور بتحديد هوية الرئيس المقبل؟


لا طالما شكل الجيش بالجزائر، رقما مهما في التوافقات الداخلية بمنظومة الحكم، حول هوية الرئيس الذي يقود البلاد، وبحسب متابعين، فإنه إذا كانت المرحلة الأمنية العصيبة التي مرت بها البلاد أو ما يعرف بـ"العشرية السوداء"، أعطت لقادة الجيش شرعية إدارة شؤون البلاد بظل فشل السياسيين بحقن الدماء، إلا أن المرحلة الراهنة الموسومة بعودة السلم، لا تعطي الجيش بالجزائر حجة التدخل في تحديد هوية من يحكم البلاد.


وأوضح المحلل السياسي، أكرم بن ساعد في تصريح لـ"عربي21"، أن "الجيش بالجزائر كان له دوما باعتباره مؤسسة ذات ثقل سياسي كبير، دور في التفاهمات داخل منظومة الحكم، حيث لا يمكن أن ينبثق رئيس للبلاد دون موافقة الجيش".

 

اقرأ أيضا: الولاية الخامسة لبوتفليقة تفجر الخلاف داخل الحزب الحاكم

ويرى ابن ساعد أن "دور الجيش بانتخابات الرئاسة للعام المقبل، سيظهر بالتأكيد، على الأقل، إن فشل السياسيون والحكومة في إيجاد حلول لعديد الأزمات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية التي تضرب البلاد باعتبار أن أمن البلاد مهمة دستورية موكلة للجيش، ومعلوم أن أمن الجزائر من أمنها السياسي والاقتصادي والاجتماعي".


تجربة التسعينيات .. هل تتكرر؟


وعاشت الجزائر تجربة سياسية حالكة خلال تسعينيات القرن الماضي، دفعت بالمؤسسة العسكرية التي كان يتحكم بزمامها كل من وزير الدفاع آنذاك خالد نزار والفريق محمد مدين المدعو " الجنرال توفيق"، إلى التدخل بصفة مباشرة من خلال تعيين الرئيس الراحل محمد بوضياف رئيسا للجمهورية، شهر كانون الثاني/ يناير، مباشرة بعد إلغاء المسار الانتخابي الذي اكتسحت فيه الجبهة الإسلامية للإنقاذ برئاسة عباسي مدني، الانتخابات النيابية.

 

واعترف خالد نزار، لاحقا أنه كان وراء قرار إلغاء المسار الانتخابي وقرار استقدام بوضياف من المغرب ليرأس البلاد.


لكن المحلل السياسي ابن ساعد أكد في تصريحه أن "الظروف تغيرت وتدخل الجيش هذه المرة سوف لن يكون بصفة مباشرة".


الجيش يرد بقوة


وندد الجيش الجزائري، الإثنين، بما أسماه "محاولات الإساءة لصورته وسمعته"، موضحا أن المؤسسة العسكرية "تقوم بالمهام الدستورية التي يخولها لها الدستور"، كما أشار إلى أن "مهام الجيش تقتضي منه العمل على تثبيت وترسيخ أمن الجزائر وحماية استقلالها وصون سيادتها الوطنية وحفظ وحدتها في كل الظروف".

 

جاء ذلك بمجلة "الجيش" لسان حاله، بعددها لشهر شباط/ فبراير، في رد واضح على دعوات له بأن يلعب دورا بالمرحلة السياسية الراهنة، حيث وردت دعوات من أحزاب وشخصيات سياسية للمؤسسة العسكرية بغرض "وضع حد لحالة شغور السلطة بسبب مرض بوتفليقة".


لكن الجيش شدد بمجلته على أن "الجيش الوطني الشعبي يجد نفسه ملزما، كلما تعلق الأمر بأحداث عادية يعيشها، لأن يصدح بقوله، بدافع موضوعي يفرضه التصدي لبعض الأقلام المغرضة مستغلة سياقات تشوبها مغالطات مقصودة وتأويلات موجهة قصد زرع الشك وسط الرأي العام من خلال نشر الأكاذيب وبث البلبلة علها تسيء إلى عمق التحولات التي تعرفها مؤسسة الجيش".


وقال الخبير الأمني بوجمعة نواصر، في تصريح خاص لـ"عربي21"، إنه "لا يعتقد أن يكون للجيش بالجزائر كلمة في انتخابات الرئاسة المقبلة في البلاد، لو كان للمؤسسة العسكرية موقف محدد فيمن سيكون رئيسا لكانت هوية هذا المترشح قد ظهرت".

 

اقرأ أيضا: المعارضة تبحث عن "مرشح توافق" لانتخابات رئاسة الجزائر

وأضاف نواصر أن "عدم الفصل في هوية الرئيس المقبل يعني أن المؤسسة العسكرية لم تقل كلمتها، ولا أعتقد أن ذلك سيحصل، كما أن ما يحصل حاليا من تعدد مصادر القرار في البلاد دليل على نأي العسكر بأنفسهم عن المشهد".

 

رسالة بوتفليقة وتدخل الجيش

 

ويرى نواصر أن "رسالة بوتفليقة خلال ذكرى إندلاع الثورة (1 تشرين الثاني/ نوفمبر 1954)، مؤشر على أن الجيش لا دخل له بالسياسة"، متابعا: "أبانت مؤسسة الرئاسة بالجزائر عن قدرتها على إزاحة الجيش من الساحة السياسية منذ أن قرر بوتفليقة إقالة الفريق محمد مدين (15 أيلول/ سبتمبر 2015) الذي حكم المخابرات الجزائرية طيلة ربع قرن، قبل إقالته العديد من الجنرالات كالجنرال حسان والجنرال مجدوب والجنرال بن حديد". 

 

وقال بوتفليقة في تلك الرسالة: "لقد ولّى عهد المراحل الانتقالية في الجزائر، التي ضحى عشرات الآلاف من شهداء الواجب الوطني من أجل إنقاذ مؤسساتها السياسية".


وأوردت الرسالة أيضا، أن "الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، الذي أتوجه إليه بالتحية باسمكم جميعا، يتولى بكل حزم مهمته الدستورية في حماية حدودنا من خطر الإرهاب الدولي والجريمة العابرة للأوطان".


كما شدد بوتفليقة على أنه "لا بد من الإبقاء على هذه المؤسسة الجمهورية (الجيش الوطني) في منأى عن المزايدات والطموحات السياسية".