كتاب عربي 21

المعارضة التركية تكرر أخطاءها السابقة

1300x600
بدأت الأحزاب السياسية التركية تكثف حملاتها الانتخابية، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة المزمع إجراؤها في 24 حزيران/ يونيو القادم، في ظل الانقسام إلى معسكرين: أحدهما "تحالف الجمهور" الذي شكله حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية وحزب الاتحاد الكبير، والثاني "تحالف الأمة" الذي يضم أربعة أحزاب، وهي: حزب الشعب الجمهوري، وحزب السعادة، والحزب الصالح، والحزب الديمقراطي.

تقديم موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية أربك أحزاب المعارضة وقلب حساباتها، وضاعت أيام في البحث عن مرشح مشترك للانتخابات الرئاسية، إلا أن كافة تلك المساعي باءت بالفشل. واضطر حزب الشعب الجمهوري لترشيح أحد نوابه، بعد أن تهرب رئيسه من الترشح ومنافسة مرشح "تحالف الجمهور"، رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان.

وفي المانيفستو الذي عرضه أردوغان يوم الأحد في إسطنبول، أعلن حزب العدالة والتنمية آراءه وتعهداته، وأعاد إلى الأذهان ما حققته تركيا في عهده من إنجازات كبيرة في مختلف المجالات، بالإضافة إلى لفت الانتباه للمخاطر التي مرت بها البلاد، والتحديات التي ستواجهها في المرحلة المقبلة. وبعبارة أخرى، قال للناخبين إنه كفيل بحفظ الأمن والأمان والاستقرار السياسي والاقتصادي، وبتحقيق مزيد من التنمية والتقدم.

أما المعارضة، فبدأت تكرر الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي، وتلجأ إلى ذات الأساليب التي ثبت فشلها الذريع في الانتخابات السابقة. ويبدو أنها لم تستفد من التجارب المرة، ولم تتعلم أي درس من خسارتها المتكررة. وبالتالي، لا يتوقع أن تكون نتائج هذه الانتخابات مختلفة عن نتائج سابقاتها.

أحزاب المعارضة الأربعة التي شكلت "تحالف الأمة" الانتخابي، كل واحد منها أصبح فجأة يتصرف وكأنه ليس ذاك الحزب الذي يعرفه الشارع التركي. فمرشح حزب الشعب الجمهوري، محرم إنجه، يصلِّي الجمعة في مسجد حجي بيرم ولي الشهير في العاصمة أنقرة، فيما يرفع رئيس حزب السعادة ومرشحه للانتخابات الرئاسية، تمل كارا مللا أوغلو، شعارات يسارية ثورية. إلا أن مثل هذه الحركات يكاد يستحيل أن تغير توجهات الناخبين قبيل الانتخابات، لأن سير الأحزاب محفوظة، ولا تنسى ذاكرة المجتمع ما فعله كل حزب وما قاله منذ تأسيسه.

أحزاب "تحالف الأمة" الانتخابي لا تقدم للناخبين أي برنامج لتحقيق مزيد من التنمية والرفاهية. بل كل ما تعد به هو أن تعيد "تركيا القديمة" المليئة بالانقلابات والأزمات السياسية والاقتصادية. وهذه اللغة السلبية التي تشير إلى الهدم والتراجع إلى الوراء، بدلا من التقدم، من شأنها أن تثير قلق الناخبين الباحثين عن الاستقرار، وتؤدي إلى تنفيرهم من التحالف المعارض.

المعارضة تقول للناخبين إنها ستغير النظام في تركيا من الرئاسي إلى البرلماني، إلا أن ذلك ليس بأمر هين. لأن الانتقال إلى النظام الرئاسي تم بموافقة الشعب التركي في الاستفتاء، وأن التغيير يحتاج إلى تعديل الدستور. كما أن هناك سؤالا يطرح نفسه وهو: "هل حزب الشعب الجمهوري، أو أي حزب آخر من أحزاب المعارضة، يمكن أن يتخلى عن امتيازات النظام الرئاسي وحكم البلاد إن فاز مرشحه في الانتخابات؟".

هناك إشكالية تكبِّل أحزاب "تحالف الأمة" الانتخابي، وهي أنها لا تستطيع أن تتعهد بمكافحة الانقلابيين وخلايا الكيان الموازي، ولا بمحاربة المنظمات الإرهابية كحزب العمال الكردستاني؛ لأن الكيان الموازي الذي قام بمحاولة الانقلاب الفاشلة يدعم التحالف بقوة، ويراه فرصة لاستعادة نفوذه في البلاد، كما أن التحالف بحاجة إلى دعم حزب الشعوب الديمقراطي، الذراع السياسي لحزب العمال الكردستاني، ولا يرغب في إغاظة أنصار هذا الحزب.

الخطأ الأكبر الذي ترتكبه المعارضة هو اللجوء إلى أساليب التضليل، ومحاولة الضحك على الرأي العام عبر وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي؛ لأن الفوز أو الخسارة في الانتخابات الديمقراطية يحددهما فرز الأصوات التي تخرج من صناديق الاقتراع، لا التغريدات التي تنشرها عشرات الحسابات المزورة في موقع "تويتر".

الحملة الالكترونية التي تقوم بها المعارضة حاليا ضد أردوغان، تخدم حملة مرشح "تحالف الجمهور"؛ لأنها تعطي الناخبين صورة يظهر فيها تحالف الكيان الموازي وحزب العمال الكردستاني مع أحزاب "تحالف الأمة"، كما أن مشاركة الأجانب من دول غربية مختلفة في هذه الحملة، تؤدي إلى إثارة المشاعر الوطنية لدى الناخبين، وتقول للأتراك إن بلادهم مستهدفة من قبل الأعداء.