سياسة عربية

160 ألف نازح سوري يعانون أزمة إنسانية قرب الأردن (صور)

أعداد النازحين السوريين على الشريط الحدودي مع الأردن ارتفعت إلى 160 ألفا- عربي21

ارتفعت أعداد النازحين السوريين على الشريط الحدودي مع الأردن إلى 160 ألفا في منطقة سهول درعا ونصيب المتاخمة للحدود الشمالية مع المملكة، حسب ما أكدته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لـ"عربي21".


كما فر الآلاف إلى الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، هربا من قصف النظام والمليشيات التابعة له على قرى الجنوب السوري والعمليات العسكرية التي بدأت في 19\حزيران وسط شح للمساعدات.


وبحسب الصحفي من الجنوب السوري، براء مفعلاني، فإن النازحين يتمركزون من سهول درعا البلد جنوبا حتى بلدة غصم شمالا، موزعين على النقاط التالية المتعارف عليها عسكريا: نقطة القذف في بلدة نصيب، نقطة القذف في بلدة الطيبة، وصولا لسهول درعا البلد.


ووصف المفعلاني، في حديث لـ"عربي21" الوضع الإنساني بـ"السيء"، قائلا: "الوضع سيء جدا، والآن تخوف من تقدم النظام باتجاه نصيب، والحدود، كما يشن النظام عملا عسكريا على موقع القاعدة غربي درعا البلد، وفي حال سيطر عليها سيقطع الطريق الواصل بين الريف الغربي والشرقي مما يهدد حياة النازحين ويضعهم في خطر".


نزوح نحو الجولان


على الطرف الآخر من الحدود مع الجولان المحتل، يفر المزارع السوري محمد الغني (35 عاما) مع زوجته ووالدته وأطفاله الأربعة من قريته أم العوسج، إلى مخيم العودة للنازحين بالقرب من الجولان السوري المحتل، بعد أن قصفت قوات النظام السوري بغطاء من الطيران الروسي قريته الواقعة ضمن ما يسمى "مثلث الموت" وهو المثلث الجغرافي الذي يربط شمال درعا بشرق القنيطرة وجنوب ريف دمشق الغربي.


وقال لـ"عربي21": "كانت رحلة النزوح صعبه، خرجنا ليلا تحت القصف، لم نعرف في البداية الوجهة إلى أين حتى أرشدنا أحد قبلنا إلى مخيم العودة الواقع على شريط الجولان المحتل، وصلنا وقام القاطنون في المخيم باستضافتنا مبدئيا في إحدى الخيم إلى أن يتم تقديم الخيم الخاصة بنا".


وتقع معظم مخيمات القنيطرة، في الأراضي التي يسيطر عليها الجيش الحر، بالقرب من شريط ضيق من الأراضي يفصل سوريا عن مرتفعات الجولان. وأنشأت الأمم المتحدة هذه المنطقة العازلة في عام 1973، عقب محاولة سوريا استعادة هضبة الجولان، التي خسرت جزءا كبيرا منها لإسرائيل خلال حرب الستة أيام، عام 1967.


ويضم مخيم العودة - أسسه مدنيون في عام 2013 هربا من المعارك الدائرة في سوريا- ما يقارب 3000 نازح أغلبهم من ريف دمشق وريف حمص.

 

وضع إنساني سيء


أبو كرم مؤسس مخيم العودة المخيم، قال لـ"عربي21" إن "المخيم واحد من سلسلة مخيمات بالقرب مع الجولان أبرزها: مخيم بئر عجم، و مخيم بريقة، ومخيم عكاشة، مخيم أهل الخير، هذه المخيمات أصبحت متصلة بسبب النزوح الكثيف من منطقة مثلث الموت التي يتوقع اقتحامها النظام".

 

وبحسب أبو كرم، فإن مجموع العائلات الجديدة النازحة إلى المخيم 2000 عائلة، فارين من قرى: الحارة، الطيحة، كفر ناسج، الجذور، نوى، أغلبهم يزحفون إلى الشريط الحدودي مع الجولان المحتل كون هذه المنطقة آمنة في ظل إغلاق الأردن للحدود.


وحذر أبو كرم من كارثة إنسانية بسبب توقعات بارتفاع أعداد النازحين مع نقص كبير في الخيام والمواد الإغاثية والنقاط الطبية.


من جهتها أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عن استعدادها لإغاثة النازحين، وقال الناطق باسم المفوضية في الأردن محمد الحواري لـ"عربي21": "تقوم المفوضية بعمليات إغاثة في الجنوب السوري منذ 2011، والآن تحتاج العملية لمتطلبات أكبر من المعتاد، سنبذل كل جهد لخطة طوارئ وسنضطر لوقف بعض البرامج وتحويلها لخطة الطوارئ لإنقاذ الناس من الخطر".

غير مسموح دخول اللاجئين


على الطرف الأردني، تتمسك السلطات الأردنية بعدم إدخال أي لاجئ سوري جديد تحت ذريعة "الأوضاع الاقتصادية السيئة".


وزيرة الإعلام الناطق باسم الحكومة الأردنية، جمانة غنيمات، شددت في حديثها لـ"عربي21" على أن "المملكة لن تتحمل تبعات التصعيد في الجنوب ولن تستقبل المزيد. على المجتمع الدولي العمل لوقف التدهور والتعامل مع تلك التبعات في سوريا ومن داخلها ومع المسؤولين عن التصعيد".


وأكدت أن "الأردن أدى دوره الإنساني كاملا نحو الأشقاء السوريين ويتحمل ما هو فوق طاقته في استقبال اللاجئين وعنايتهم ولَم يعد يستطيع تحمل المزيد من أعباء اللجوء في ظل انخفاض استجابة المجتمع الدولي في مساعدة الأردن على تغطية خطة الاستجابة للجوء السوري".


ويستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، فيما تقدر عمان عدد الذين لجأوا إلى البلاد بنحو 3,1 ملايين منذ اندلاع النزاع السوري في 2011.


وأغلق الأردن معبر نصيب (معبر تجاري مع سورية) في نيسان/ أبريل 2015، وبررت السلطات الأردنية ذلك بأنه يأتي؛ بسبب "أحداث العنف التي يشهدها الجانب الآخر".


لتغلق كامل حدودها مع سوريا إثر تفجير الركبان الذي وقع في 21 حزيران/ يونيو 2016، بشاحنة مفخخة تابعة لتنظيم الدولة، ما أدى إلى مقتل سبعة من عناصر حرس الحدود الأردني، لتعلن السلطات الأردنية في أكثر من تصريح أن المخيم بات مرتعا لتنظيم الدولة، وأنه "ليس مسؤولية أردنية".


دعوات للسماح بدخول اللاجئين


إلا أن منظمات أممية تتخوف من سيناريو تشكل مخيم على الساتر الترابي مع درعا شبيه بمخيم الركبان في البادية الشرقية بالقرب من الساتر الترابي مع الأردن.


وقال المنسق الإعلامي للمجلس النرويجي في الأردن إلياس أبو عطا لـ "عربي21": "تجنبا لتكرار سيناريو مخيم الركبان على السلطات الأردنية السماح للاجئين بالعبور ونقلهم إلى مخيم الأزرق الذي يستوعب 80 ألف لاجئ جديد".


ولفت إلى أن "الأماكن التي تتجه إليها العائلات النازحة تعاني من نقص خطير في الخبز والوقود، كما أن المباني العامة مكتظة بالفعل، مما يجبر الكثير من الناس على النوم في العراء".


وتشكل مخيم الركبان في عام 2016 من تجمع عشوائي للاجئين في المنطقة المحرمة المنزوعة السلاح بين البلدين وبعمق 3 كيلومترات، حيث فرّ الآلاف من السوريين إلى هذه المنطقة بحثًا عن الأمن بعد سيطرة تنظيم الدولة على مساحات شاسعة من شرق سوريا.


سيناريوهات مستقبلية


اللواء المتقاعد والخبير العسكري، مأمون أبو نوار، رأى أن السيناريو القادم بالنسبة للجنوب، "ستكون موجة نزوح كبيرة بسبب إصرار الفصائل على القتال وعدم المصالحة والتسوية السياسية، كان على الأردن الحصول على ضمانات بعد انهيار خفض التصعيد بإنشاء منطقة آمنة للاجئين داخل سوريا".


وأعرب أبو نوار عن اعتقاده أن "الفصائل المعارضة لن تصمد طويلا في وجه النظام والطيران الحربي، بسبب عدم وجود خطة استدامة لها، ستلجأ الفصائل لاستخدام ورقة النزوح للضغط على إسرائيل والأردن".


وتوقع أن "تقود الأردن خطة مصالحة بين الفصائل في الجنوب السوري، والنظام وروسيا للتوصل إلى تسوية سياسية".


ويأتي تفجر الأوضاع العسكرية في الجنوب السوري بعد انهيار اتفاق خفض التصعيد الثلاثي الذي وقع في العاصمة عمان عام 2017 بين روسيا وأمريكا والأردن، بعد إبلاغ واشنطن بشكل مفاجئ في 24 يونيو الحالي، للفصائل المعارضة أنها "لن تمد يد العون لهم في مواجهة النظام".