اقتصاد دولي

الليرة التركية تتماسك بعد هبوط مفاجئ.. هل تعود للتقلبات؟

تراجع التضخم أثار مخاوف عودة الصراع بين الرئاسة التركية والبنك المركزي على سعر الفائدة- جيتي

تماسكت الليرة التركية في ختام تعاملات اليوم الجمعة عند مستويات مرتفعة قليلا عن المستوى الهبوطي المفاجئ الذي تعرضت له خلال الجلستين الماضيتين على عكس توقعات متفائلة لمحللين ماليين رجحوا أن تتجه العملة التركية نحو المسار الصاعد خلال العام 2019.


وسجل سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار في جلسة نهاية الأسبوع، 5.32 ليرات للبيع، و5.33 ليرات للشراء، بعد أن هبطت أكثر من ثلاثة بالمئة خلال جلسة الخميس بعد أن لامست مستوى 5.60 ليرات للدولار الواحد في التعاملات الأسيوية، متأثرة بموجة بيع في الأسواق العالمية.


وحول عودة سعر صرف الليرة التركية إلى التقلبات أمام العملات الأجنبية، رغم البيانات الإيجابية بشأن مؤشرات الاقتصاد التركي، قال الباحث الاقتصادي أحمد مصبح، في تصريحات لـ"عربي21"، إن الليرة التركية وعدد من العملات العالمية تعرضت لموجة بيع في الأسواق العالمية خلال تعاملات الأربعاء والخميس أثرت سلبا على قيمة تلك العملات.


وتعرضت الليرة التركية لمرحلة تقلبات في النصف الثاني من عام 2018 فقدت خلالها أكثر من نصف قيمتها التي كانت عليها في بداية العام نفسه، متأثرة بأزمة اقتصادية عنيفة وصفها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحرب اقتصادية تتعرضت لها بلاد.

 

وأوضح مصبح أن "الليرة التركية أصبحت لديها حساسية مفرطة من كافة المتغيرات السياسية والاقتصادية سواء في الداخل أو الخارج، كالرجل المريض الذي فقد مناعته".

 

اقرأ أيضا: عوامل إيجابية تدعم الليرة التركية.. وتوقع بصعود قوي في 2019

واتخذت الحكومة التركية والبنك المركزي سلسلة من القرارت لحماية العملة الوطنية، وامتصاص موجة التضخم، كرفع سعر الفائدة المصرفية، وزيادة إيرادات البلاد من النقد الأجنبي خاصة من قطاعي الصادرات والسياحة.

 

تقارير تشاؤمية


وأضاف مصبح، أن عودة المؤسسات الدولية إلى إصدار تقارير تشاؤمية بشأن المستقبل الاقتصادي التركي مثل تقرير البنك الدولي الأخير الذي توقع انخفاض الليرة وتراجع معدلات النمو، ساهم أيضا في بث القلق بالأسواق حول مستقبل سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية. 


وأشار الباحث الاقتصادي، خلال حديثه لـ"عربي21"، إلى أن البيانات الإيجابية بشأن تراجع معدلات التضخم في تركيا بنسب فاقت التوقعات، أثار مخاوف عودة الصراع بين الرئاسة التركية والبنك المركزي على سعر الفائدة.


وتابع: "البنك المركزي كان قد اتخذ قرارا برفع سعر الفائدة على غير رغبة من الرئيس التركي مستندا في ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم، والآن انخفض التضخم وانتفت العلة، وهو ما أعطى انطباعا باتجاه الرئاسة التركية للضغط على البنك المركزي لتخفيض سعر الفائدة التي يصفها أردوغان بأنها الأم والأب لكل الشر".

 

بيانات إيجابية

 

وتراجع معدل التضخم في تركيا 0.40% خلال ديسمبر/ كانون الأول 2018 ليصبح 20.30% على المستوى السنوي، في حين كانت الحكومة التركية تستهدف الوصول بمستويات التضخم خلال تلك الفترة إلى 20.50%، مقابل 25% نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2018.

 

وأعلنت وزيرة التجارة التركية، روهصار بكجان، اليوم الجمعة، ارتفاع صادرات بلادها إلى 168.1 مليار دولار في 2018، مرتفعة 7.1%، لتسجل أعلى صادرات في تاريخ الجمهورية على أساس سنوي.


وقالت في كلمة لها بالاجتماع التقييمي الذي عقده مجلس المصدرين بتركيا، وفقا للأناضول، إن واردات تركيا تراجعت إلى 223.1 مليار دولار في 2018،  بنسبة انخفاض بلغت 4.6%، متوقعة أن تواصل نسبة صادرات بلادها الارتفاع مقابل الواردات في 2019.

 

اقرأ أيضا: تركيا.. انخفاض معدل التضخم خلال ديسمبر 2018


وتوقع المحلل المالي أحمد عبد الظاهر، في تصريحات سابقة لـ"عربي21"، أن تكسر الليرة التركية نقاط الدعم القوية للدولار وترتفع إلى مستويات 5 ليرات و4 ليرات ونصف للدولار الواحد خلال العام 2019.


وقال عبد الظاهر، إن الليرة التركية ستواصل خلال الأيام المقبلة تماسكها أمام العملات الأجنبية وخاصة اليورو والدولار، وستستمر في النطاق العرضي المائل للصعود، حتى تستقر نسبيا عند مستويات مرتفعة بين 5 ليرات و4 ليرات ونصف للدولار الواحد.


وأضاف: "لكن مع توقعات باتجاه البنك المركزي التركي لخفض أسعار الفائدة، قد يستبطئ نسبيا ارتفاع الليرة التركية إلى مستويات مرتفعة أخرى".


وأشار المحلل المالي، إلى أن الليرة التركية نجحت في استعادة جزء كبير من قوتها بعد انخفاضها لمستويات مدنية غير مسبوقة أمام سلة العملات الأجنبية، أثناء الحرب الاقتصادية علي تركيا، بلغت ذورتها يوم 10 آب/ أغسطس 2018، عندما لامست مستوى 7.10 ليرات للدولار الواحد.


وأوضح عبد الظاهر أن تدني لغة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وتراجع النبرة التشددية لعام 2019، سيدعم الليرة التركية في تخطي نقاط المقاومة القوية للدولار الأمريكي والوصول إلى مستويات مرتفعة.