قضايا وآراء

ثورة 25 يناير.. كانت وستظل "فريضة شرعية" و"ضرورة بشرية" (1)

1300x600
إن ثورة الخامس والعشرين من يناير كانت فريضة شرعية، وستظل المحافظة عليها وعلى أهدافها وتفعيلها في المجتمع المصري فريضة شرعية كذلك، وذلك لما أحدثته من نقله نوعية في وعي وفهم الشعب المصري، من ضرورة وأهمية وإمكانية التغيير للنظام القمعي المستبد الفاسد الذي لا يحقق مصالح الشعب التي ينشدها ويسعى لها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أنها رسخت أمرا مهما، وهو ضرورة التجمع والتوحد بين كل طوائف وفئات الشعب المصري من أجل التصدي لأي نظام مستبد، وأن هذا هو السبيل الأنجع في هذه المهمة العظيمة والجليلة، والتي لا يمكن أن يتحقق أي تغيير بدونها. ومن ناحية أخرى، لأننا مأمورون شرعاً بمقاومة الظلم والاستبداد بكل أشكاله وصوره.. أيضاً كانت وستظل ضرورة بشرية من أجل أن ينال الشعب حقوقه وتُحفظ مقدراته، وتتوفر له الخدمات المختلفة التي يحتاجها، ويتمتع بحياة طيبة كريمة تليق بشعب عريق طيب.

أما أنها فريضة شرعية، فلأن الله تعالى أمرنا برفض الظلم والإستبداد في القرآن في أكثر من آية. يقول الله تعالى: "ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" (أل عمران: 104). ويقول تعالى: "ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون" (هود: 113) ويقول النبي صلى الله علية وسلم: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوما، فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: تحجزه، أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره" (رواه البخاري). ويقول صلى الله عليه وسلم أيضا: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" (رواه الحاكم وصححه الألباني).

فكانت الثورة في 25 يناير 2011م على نظام مستبد ظالم حكم ثلاثين عاماً أو يزيد نشر فيها الفساد وسرقة أموال البلاد وسلمها لرجال أعمال امتصوا دماء الشعب ونهبوا البلاد، ولم تتقدم خطوة واحدة، بل تأخرت وتهاوت في جميع المجالات السياسية والصحية والتعليمية والإقتصادية، وتراجع دور مصر الإقليمي والدولي، فكان أن تحرك الشعب ونزل إلى الميادين لتغيير الحال والوضع القائم.

وستظل هذه الفريضة قائمة، بل تزداد وتتأكد في الوقت الراهن بعد الإنقلاب العسكري على مخرجات ثورة الخامس والعشرين من يناير، والذي تم بتواطؤ إقليمي ودولي، مما زاد من معدل الظلم والاستبداد والتخلف، وسيطرة الأعداء على الإدارة السياسية للدولة، مما يتطلب ويتأكد معه الواجب الشرعي في رفض الظلم والاستبداد ورفض هيمنة العسكر على إدارة شؤون البلاد، وما ترتب على ذلك من توظيف طاقات الدولة وإمكاناتها لخدمة المشروع الصهيوني من خلال العمل على:

تمييع الهوية الإسلامية لأبناء الشعب، وإضعاف اقتصادها وإغراقها بالديون، وتفكيك بنية المجتمع بضرب نسيجها الاجتماعي، وغياب الحريات وحقوق الإنسان، وانهيار مستوى التعليم، وتردي الخدمات العامة، وموالاة أعداء الأمة، محاولة تغييب وسحق القوى الحية والفاعلة في الأمة.

والقاعدة الشرعية "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، فإذا كان لا يتم رفض الظلم والاستبداد والتخلف وسيطرة الأعداء على إرادتنا إلا باستعادة ثورة الخامس والعشرين من يناير، وأن تستمر وتزدهر حتى تؤتي ثمارها، فإن الثورة تصبح ضرورة شرعية لا بديل عنها، وعلى جميع أبناء الشعب أن يسعى ويعمل على أن تستمر روح ومطالب ثورة الخامس والعشرين من يناير، ولا تسمح لها بأن تتوارى أو تموت، فالأمل بغدٍ أفضل من من لوازم الإيمان. يقول الله تعالى: "ولا تيأسُوا من رَّوحِ الله إنه لا يَيْأسُ من روح الله إلا القومُ الكافرون" (يوسف: 87). وقال سبحانه: "قال وَمَن يَقنطُ من رحمةِ ربهِ إلا الضالُّون" (الحجر: 56).