فيما تشهد
ليبيا خلال الساعات الماضية غضباً شعبيا عارماً عقب الكشف عن لقاء وزيري خارجية
الاحتلال إيلي كوهين ونظيرته الليبية نجلاء
المنقوش، فقد كشفت أوساط الاحتلال عن
لقاءات سابقة، تجعل اجتماع روما الذي تم تسريبه ليس الأول بين مسؤولين من الجانبين.
المراسل
السياسي لصحيفة
يديعوت أحرونوت، إيتمار آيخنر، كشف أن تدشين العلاقات الإسرائيلية
مع ليبيا عُهد إليها للمسؤول السابق بمجلس الأمن القومي رونان ليفي ماعوز، وهو
المدير العام الحالي لوزارة الخارجية، وقد شارك في لقاء كوهين-المنقوش.
وكان من أوائل
من فتحوا الباب أمام اللقاءات مع ليبيا، رون بروشور، سفير الاحتلال في ألمانيا،
والمدير العام السابق لوزارة الخارجية، وقد بدأت العلاقات عقب الإطاحة بالقذافي في
2011، وانقسام البلاد بين الحكومة الغربية في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة،
وحكومة الشرق في بنغازي.
وأضاف في
تقرير مطول ترجمته "عربي21" أن "حفتر صرح في 2021 أنه إذا فاز في
الانتخابات الرئاسية، التي لم تجر في النهاية، فهو مهتم بالتوصل للتطبيع مع
إسرائيل، وفي العام نفسه، هبط نجله سرّاً على متن طائرة خاصة في مطار بن غوريون،
وفي 2017، بادر رافائيل لوزون، اليهودي الليبي من مواليد بنغازي، لعقد اجتماع في
رودس باليونان".
وكشف رئيس
اتحاد يهود ليبيا، رفائيل لوزون، لصحيفة "
تايمز أوف إسرائيل"، أن لقاء
وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، بنظيرها الإسرائيلي، إيلي كوهين، ليس
الأول بين مسؤولين ليبين ومسؤولين في دولة الاحتلال.
وقال لوزون إن
مسؤولين إسرائيليين وليبيين رفيعي المستوى اجتمعوا قبل ست سنوات في جزيرة رودوس
اليونانية، وضم اللقاء وزيرة المساواة آنذاك جيلا جمليئيل، التي تنحدر والدتها من
أصول ليبية، ووزير الاتصالات آنذاك أيوب قرا، ونائب رئيس الكنيست آنذاك يهيل بار،
واللواء المتقاعد، يوم توف ساميه، وهو من أصول ليبية أيضا.
وعلى الجانب
الليبي، ترأس الوفد وزير الإعلام والثقافة في حكومة عبد الرحيم الكيب في الشرق، عمر
القويري، أما رئيس حكومة الإنقاذ الوطني في الغرب، خليفة الغويل، فقد أرسل تهانيه
إلى المجتمعين في الجزيرة عبر الفاكس، على حد زعم لوزون.
ولفت إلى أن
الاجتماع الذي عقد في فندق على مدى ثلاثة أيام، على الذكرى الخمسين
لـ"طرد" اليهود من ليبيا بعد حرب الأيام الستة عام 1967، تحدث مسؤول
ليبي في الاجتماع عن حق اليهود الليبيين في العودة للبلاد، والحصول على تعويضات
بسب الخسائر التي لحقت بهم.
ثم بادر
لوزون، لعقد المزيد من الاجتماعات بين المسؤولين الإسرائيليين والليبيين في روما
وتونس واليونان.
وتابعت
الصحيفة بأنه خلال انتفاضة الأقصى جرت مفاوضات سرية بين ليبيا وإسرائيل تحضيراً
لاحتمال توقيع اتفاق سلام، وتم الكشف عن اتفاق السلام بينهما بوساطة الولايات
المتحدة والمملكة المتحدة وقطر.
وأشار آيخنر
إلى أن "ممثلين عن الجانبين التقيا حينها في فيينا، واتفقا على زيارة وفد
إسرائيلي لطرابلس، لكن بعد تسريب الخبر بعثت ليبيا برسالة حادة لإسرائيل تبلغها
بوقف الاتصالات بعد التسريب الذي جاء من مكتب رئيس الوزراء آنذاك أريئيل شارون،
واتهمت ليبيا إسرائيل بعدم الوفاء بالحد الأدنى من معايير الأخلاق السياسية في
العلاقات الدولية، وفيما نفى دوف فايسغلاس رئيس ديوان شارون إجراء مكتبه اتصالات
مع ليبيا، ورجح أن تكون هذه الاتصالات أجراها الموساد أو وزارة الخارجية، وفي
السنوات التالية، أعلن مسؤولون ليبيون كبار صراحة أن إقامة علاقات مع إسرائيل أمر
محتمل في المستقبل".
وأكد أنه في 2005، قال سيف الإسلام القذافي إن بلاده ليس لديها أي مخاوف بشأن الرسائل
التصالحية التي نقلتها إسرائيل، بزعم أن ليبيا دولة أفريقية أكثر منها عربية، وإذا
أجرى
الفلسطينيون محادثات مع إسرائيل، فلن تكون لدينا مشكلة بإقامة علاقات
دبلوماسية معها.
وفي 2010
اعتقلت ليبيا رفائيل حداد الفنان والمصور الإسرائيلي التونسي الذي جاء إلى ليبيا لتصوير
المقابر والمعابد اليهودية فيها، وتم القبض عليه للاشتباه بكونه عميلاً للموساد.
وأشار التقرير
إلى أنه في وقت لاحق، أجرى "وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان محادثات سرية من
خلال شريكه المقرب رجل الأعمال اليهودي النمساوي مارتن شلاف، ووالتر أربيف، رجل الأعمال
اليهودي من أصل ليبي، وقد تواصلا مع سيف الإسلام القذافي، وفي البداية طالبت ليبيا
بالسماح لقافلة مساعدات ترعاها مؤسسة القذافي بالوصول لقطاع غزة، لكن الاقتراح
قوبل بالرفض".
لاحقا، تم
الاتفاق على إطلاق سراح المصور حداد مقابل أن ترسو القافلة الليبية في العريش في
مصر، وتنقل محتوياتها إلى غزة عبر معبر رفح، وسُمح لليبيا ببناء 20 مبنى جاهزًا في
غزة.
وأكد أن
"الاحتلال أطلق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين مقابل إفراج ليبيا عن حداد
الذي نقل إلى فيينا على متن طائرة شلاف الخاصة، وفي اليوم التالي عاد لإسرائيل
برفقة ليبرمان، بعد مكوثه 170 يوما في المعتقل الليبي".
وتكشف هذه
التقارير الإسرائيلية أن هناك تطلّعاً لإيجاد حكومة صديقة في ليبيا تسعى للانضمام
لدائرة اتفاقيات التطبيع، وترسيخها في المنطقة العربية وشمال أفريقيا، لكن في هذه
المرحلة قد تصطدم بكثير من العقبات، مما يستدعي أن تكون تحركات الاحتلال حذرة
وسرية، لأن هناك قوى ليبية ترفض علاقات دبلوماسية رسمية مع الاحتلال، وتعارض بشدة
التطبيع، وهو ما تجلّى في المظاهرات التي شهدتها المدن الليبية، مما اضطر رئيس
الحكومة لإقالة وزيرة الخارجية، وسط أنباء عن مغادرتها للبلاد.