اقتصاد تركي

تفاؤل حذر بالبرنامج الاقتصادي الجديد لأردوغان.. هل ينجح في كبح التضخم؟

أكد أردوغان أن تركيا تهدف تحقيق توازن بنمو الاقتصاد خلال ثلاث سنوات- جيتي
كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن ملامح برنامج اقتصادي جديد "متوسط المدى" أعدته حكومته للفترة المقبلة، وسط تساؤلات حول طبيعة هذا البرنامج الذي يأتي في ظل ارتفاع كبير لمعدلات التضخم وهبوط متواصل للعملة التركية أمام العملات الأجنبية.

وقال أردوغان، الأربعاء الماضي، إن بلاده تهدف خلال ثلاث سنوات إلى تحقيق معدل نمو 4.5 بالمئة مقوم باستثمارات القطاع الخاص ذات القيمة المضافة العالية، مشيرا إلى أنهم سيعملون على زيادة الصادرات من السلع والخدمات إلى مستويات تاريخية، وزيادة فرص العمل مع نمو اقتصادي متوازن وخفض التضخم إلى خانة الآحاد وتحسين توزيع الدخل.

وأوضح أردوغان أن بلاده تستهدف من تطبيق البرنامج الاقتصادي الجديد، زيادة التوظيف بمعدل وسطي 909 آلاف شخص، وإجمالي 2.7 مليون شخص سنويا، وجعل معدل البطالة في خانة الآحاد.

وتابع: "سنحقق نموا يتجاوز الـ1.3 تريليون دولار وسندخل قائمة الدول ذات الدخل المرتفع بزيادة الناتج القومي للفرد إلى 14 ألفا و855 دولارا مع نهاية البرنامج الاقتصادي الجديد".

مستهدفات رئيسية
ويهدف البرنامج الاقتصادي، إلى تخفيض عجز الميزانية إلى أقل من 3 بالمئة بنهاية المدة بما يتماشى مع معايير الاتحاد الأوروبي. كما يشمل اتخاذ ترتيبات لإنشاء نظام ضريبي صديق للمستثمر، وتسهيل العمليات القانونية في مجال الاستثمار والتجارة والتمويل، والحد من البيروقراطية وتسريع المعاملات وخفض تكاليفها.

وأكد نائب الرئيس التركي جودت يلماز، أن أهداف البرنامج الاقتصادي تتلخص في تضميد جراح الكوارث وتخفيف مخاطرها، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي، وخفض التضخم إلى خانة الآحاد، بالإضافة إلى نمو الاستثمار والتوظيف والإنتاج والتصدير، وتقوية العدالة والرفاه.

ولفت إلى  وجود  ثلاث أدوات سياسية لتحقيق أهداف البرنامج، هي : (الضبط المالي باستثناء نفقات الزلزال، والسياسات المالية، والتحولات الهيكلية).

وأوضح يلماز أنهم أعلنوا عن إصلاحات بنيوية كملحق لـ"برنامج تركيا الاقتصادي متوسط المدى" تحت عناوين النمو والتجارة، ورأس المال البشري والتوظيف، وضمان الاستقرار المالي واستقرار الأسعار، والمالية العامة، وتحسين إدارة الكوارث، والتكيف مع التحول الرقمي والأخضر، وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار.

وأشار يلماز إلى أنهم خصصوا موارد للزلزال لعام 2024 بلغت تريليون و62 مليار ليرة تركية، وفي عام 2025 ستكون 566 مليارا، وفي عام 2026 ستكون 380 مليارا، وستنخفض هكذا بالتدريج (الدولار يعادل 26.80 ليرة).

توقعات البرنامج الجديد
وتوقع البرنامج الاقتصادي الجديد، بحسب يلماز، أن يكون متوسط المدى لسعر صرف الليرة أمام الدولار خلال الأعوام الثلاثة القادمة على النحو التالي: (23.88 ليرة تركية للدولار الواحد عام 2023، و 36.78 ليرة في العام 2024، و43.93 ليرة في العام 2025، و47.79 ليرة في العام 2026).

وعلى الرغم من أن البنك المركزي توقع في وقت سابق أن يصل التضخم إلى 58 بالمئة نهاية العام الجاري، وتوقع لاحقا أن يصل إلى 62 بالمئة، وهو الحد الأعلى. ولكن وفقا للبرنامج الاقتصادي الجديد، فإن من المتوقع أن يصل معدل التضخم إلى 65 بالمئة نهاية العام الجاري، و33 بالمئة في العام 2024، و15 بالمئة في العام 2025، ويعود إلى خانة الآحاد بمعدل 8.5 بالمئة في العام 2026.

ووفقا ليلماز، فإن دخل الفرد سيبلغ هذا العام 12 ألفا و415 دولارا، وسيكون 12 ألفا و875 دولارا أمريكيا في العام 2024، و13 ألفا و717 دولارا أمريكيا في العام 2025، و14 ألفا و855 دولارا أمريكيا في العام 2026.

ويقدر الدخل القومي بـ تريليون و67 مليار دولار هذا العام، و تريليون و119 مليار دولار في عام 2024، و تريليون و205 مليارات دولار في عام 2025، و تريليون 318 مليار دولار في عام 2026.

الصادرات والواردات
وبحسب البرنامج الجديد، فإن من المتوقع أن تصل الصادرات إلى 255 مليار دولار هذا العام، وإلى 267 مليار دولار في عام 2024، و283.6 مليار دولار في عام 2025، وإلى 302.2 مليار دولار في عام 2026.

وفي حين أن ميزان الحساب الجاري سيشهد عجزا قدره 42.5 مليار دولار هذا العام، فإنه سينخفض إلى 34.7 مليار دولار في 2024، و31.7 مليار دولار في 2025، و30 مليار دولار في 2026.

وعلى صعيد الواردات، فمن المتوقع أن تصل إلى 367 مليار دولار هذا العام، وإلى 372.8 مليار دولار في عام 2024، وإلى 388.9 مليار دولار في عام 2025، وإلى 414 مليار دولار في عام 2026.

السياحة
ومن المتوقع أن يصل الدخل السياحي إلى 55.6 مليار دولار في نهاية العام 2023، وإلى 59.6 مليار دولار في 2024، وإلى 64.7 مليار دولار في 2025، وإلى 71.3 مليار دولار في 2026.

ويقدر معدل البطالة بنحو 10.1 بالمئة هذا العام، وسيكون هذا المعدل 10.3 بالمئة عام 2024، و9.9 بالمئة عام 2025، و9.3 بالمئة عام 2026.

مصادر تمويل خارجية
وفي تعليقه على البرنامج الاقتصادي المتوسط المدى، قال وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، إن فلسفته قائمة على "إدخال تركيا في دورة إيجابية، وقد توقعنا فترة انتقالية لها، ونحن حاليا فيها"، لافتا إلى أنه سيتم ضبط أجور الموظفين من الآن فصاعدا وفقا للتضخم المستهدف.

وأضاف أن الاستعانة بمصادر تمويل خارجية للبرنامج "ستكون فرصها قوية، وسنعمل على تعزيز الاحتياطيات، وسيكون هناك خروج من نظام الودائع المحمية بسعر الصرف".

وأشار إلى أن الحاجة إلى "إعادة التوازن في الطلب المحلي واضحة، وسوف يتباطأ وسنقدم دعما قويا للغاية للمستثمرين من أجل الصادرات، والهدف الرئيس هو خفض التضخم إلى أرقام أحادية مع مرور الوقت وإبقاؤه عند هذا المستوى".


"هل يكبح التضخم؟"
واعتبرت الخبيرة الاقتصادية، والأكاديمية في جامعة "كوتش" في إسطنبول سيلفا ديميرالب، أن البرنامج الاقتصادي الجديد أكثر ثباتا، ويتمتع بتماسك داخلي أقوى، وقد حدد الأولويات بشكل أكثر دقة، مقارنة بالبرامج الاقتصادية السابقة.

وأضافت في تقرير على "بي بي سي" النسخة التركية، توقعات البرنامج الجديد بشأن التضخم في نهاية العام 2023 ووصوله إلى 65 بالمئة، قريب من التوقعات التي شاركها فريق من الجامعة والتي تبلغ 72 بالمئة، مشيرة إلى أن توقعات التضخم الرسمية عندما تتقارب مع التحليلات الاقتصادية المستقلة، يعد أمرا إيجابيا للغاية من حيث المصداقية.
 
وأوضحت أن خفض التضخم بمقدار 50 نقطة في غضون عامين، وتحقيق أرقام نمو يمكن اعتبارها عالية جدا، مثل 4- 4.5 بالمئة، يتطلب زيادة كبيرة في الاستثمارات التي من شأنها أن ترفع حجم الإنتاج وتحقق التوازن في سوق التوظيف خاصة مع التراجع المتوقع للطلب المحلي الناجم عن اتباع سياسة التقشف أو التشديد النقدي.

وأشاد الاقتصادي التركي هاكان أتشينار، بالبرنامج الاقتصادي الجديد مؤكدا أنه "الأكثر عقلانية". لكنه أشار في مقال على موقع "دنيا" الاقتصادي، إلى أن وجود تناقضا يخص موضوع التضخم، الذي سيبلغ 65 بالمئة في 2023، وينخفض إلى 8.5 بالمئة بحلول العام 2026.

وقال أتشينار: "من المستحيل تحقيق ذلك بمعدل نمو من 4 إلى 5 بالمئة"، مستطردا "التنبؤ بهذا الانخفاض الجذري في التضخم في اقتصاد يستمر فيه النمو، لم يكن عقلانياً بالقدر الكافي، ومكافحة التضخم ستكون صعبة للغاية".