دعا المعلق والكاتب في صحيفة "ديلي تلغراف" بيتر أوبورن،
بريطانيا للاعتراف بدولة
فلسطين. وذلك في مقال تحت عنوان "حان الوقت كي تدعم بريطانيا الدولة الفلسطينية".
وبدأ الكاتب مقاله بالإشاره لعبارة مفيدة قالها ويليام هيغ وزير الخارجية السابق في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 أثناء نقاش دار في البرلمان البريطاني حول الدولة الفلسطينية "إن لم يحدث تقدم على مسار المفاوضات خلال العام المقبل فعندها سيكون من الصعب تحقيق حل الدولتين".
ويضيف الكاتب أن هيغ قال عبارته في الوقت الذي كان فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري يحضر لبدء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي المبادرة التي انتهت بالفشل والموت. وأدى الغزو
الإسرائيلي على غزة لقتل أكثر من ألفي شخص ولم يحقق شيئا. وفي الوقت نفسه يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ممارساته غير القانونية وبناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. وعليه فمن المنطقي تأكيد ان تكهنات هيغ كانت صحيحة.
ويتابع "فحل الدولتين الذي شكل القاعدة التي قامت عليها الجهود السلمية في نصف القرن الماضي يموت".
ما هو البديل
ويتساءل أوبورن لكن ما هو البديل؟ ويرى أن "الحل يكون في دولة واحدة تمتد من البحر المتوسط إلى نهر الأردن، وتشمل غزة مما يعني أن غالبية السكان فيها سيكونون من العرب، وهو ما يضع القادة الإسرائيليين الذين يزعمون أن بلدهم هو الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط في وضع صعب. وقد يقبلون بالديمقراطية التي ستكون على حساب هوية إسرائيل اليهودية. وقد يحتفظون بهوية إسرائيل اليهودية، ويتحول البلد إلى دولة تمييز عنصري – أبارتيد- حيث يسمح لليهود بالتصويت والحقوق الأساسية دون غيرهم".
ويشك الكاتب في إمكانية "استمرار هذا الحل ولمدة طويلة، لأنه سيفقد الشرعية الدولية، ولن يتم الحفاظ عليه محليا إلا عبر استخدام القوة. ولن يدعم هذه النتيجة أي صديق حقيقي لإسرائيل، مع أن تعليقات نتنياهو الأخيرة ترجح أنه مصمم على قيادة بلده إلى هذا الاتجاه".
ومن هنا فتصويت البرلمان البريطاني يوم الإثنين المقبل للاعتراف بالدولة الفلسطينية سيكون بالغ الأهمية، وفق الصحيفة.
وأشار أوبورن إلى مقالة كتبها الشهر الماضي في "ديلي تلغراف" القنصل البريطاني السابق في القدس سير فينسنت فين، والذي دافع عن فكرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وفي مقالته المهمة تحدث سير فينسنت عن المسؤولية البريطانية المتميزة. فبريطانيا هي التي كانت القابلة التي ولدت دولة إسرائيل الحديثة عندما أعطى وزير خارجيتها بلفور وعده عام 1917، وفيما بعد كانت بريطانيا السلطة الانتدابية على فلسطين حتى عام 1948. وذكرنا سير فينسنت بأننا حملنا "أمانة الحضارة المقدسة"، لنكون رعاة على مصالح الشعب الفلسطيني وكي نقوده للاستقلال، كما فعلنا مع إسرائيل قبل 60 عاما.
ويؤكد أوبورن أن "رؤساء الوزارات البريطانيين المتعاقبين أهملوا الأمانة. ومع ذلك هناك حاجة ماسة لدفع الموضوع للأمام في ضوء انهيار مبادرة جون كيري، والحرب المروعة هذا الصيف في غزة. فالفلسطينيون الذين يواصلون الدعوة لحل سلمي بدلا من اللجوء للسلاح بحاجة ماسة للدعم".
ويقول أوبورن "إن الإسرائيليين خائفون من حصول الدولة الفلسطينية على عضوية سريعة في المحكمة الجنائية الدولية، مما يعني تعريض الجنود الإسرائيليين للمحاكمة بتهم ارتكاب جرائم حرب، ممتاز، ونفس الأمر ينطبق على عدوهم اللدود حماس".
كاميرون خائف
ويلفت الكاتب إلى أن "هناك حوالي 134 دولة تدعم الدولة الفلسطينية. وأعلنت السويد في الأسبوع انضمامها لها. وعلى بريطانيا فعل نفس الأمر".
ولكن الكاتب يرى أن "ديفيد كاميرون أظهر ضعفا، لأنه يخشى حول هذا الموضوع وغيره من مخالفة الولايات المتحدة في موقفها، ولم يعد رئيس الوزراء يتصرف بناء على المصلحة الوطنية. فقد كان البريطانيون يحظون باحترام في كل أنحاء الشرق الأوسط، ولكن تأثيرنا تلاشى وسيختفي إن واصلنا متابعة ما تفعله حكومتا الولايات المتحدة وإسرائيل".
ويستدرك أوبورن "بل لا يتصرف كاميرون بناء على المصالح الحقيقية لإسرائيل. فأي شخص عاقل يعرف أن بقاء إسرائيل لا يمكن تحقيقه حتى تعيش مع جيرانها وتقيم علاقات طيبة معهم، وهذا يعني منح الكرامة للفلسطينيين. ويفهم الكثير من نواب حزبي العمال والليبراليين الديمقراطيين هذا، بالإضافة لأقلية من حزب المحافظين. فلأول مرة ومنذ سنوات هناك تيار من الرأي العام داخل حزب المحافظين منفتح على موضوعات الشرق الأوسط".
نواب داعمون
ويضيف أوبورن "أتوقع من سير نيكولاس سومز، رئيس مجلس الشرق الأوسط في حزب المحافظين التصويت لصالح الدولة الفلسطينية في اقتراع الأسبوع المقبل. كما وفكر هوغو سواير، الوزير في وزارة الخارجية والكومنولث في الاعتراف بالدولة الفلسطينية أثناء حرب غزة كرد فعل غاضب على عجز ديفيد كاميرون شجب المذابح التي ارتكبت بحق الأطفال الفلسطينيين".
ويتابع الكاتب "هناك سير ألان دانكن، الذي استقال بعد التعديل الوزاري بعد أربع سنوات حافلة كوزير لشؤون ما وراء البحار، وبرز كناقد عارف لسياسة الحكومة، واطلعت مقدما على خطابه الذي سيلقيه في المعهد الملكي للدراسات المتحدة يوم الثلاثاء المقبل حول المستوطنات في الضفة الغربية، ودون شك يعتبر من أقوى الخطابات وربما أهمها يلقيه سياسي بريطاني حول الشرق الأوسط منذ 25 عاما، وسيؤكد سير ألان أن (الكثير من المستوطنين هم ميليشيات مدعومة من الدولة، يتحدون القانون الدولي، يقومون بطرد سكان الأراضي الحقيقيين، ويقومون بخلق اقتصاد غير شرعي على حساب الذين تم طردهم بشراسة)، وسيقوم بطرح فكرة اتخاذ بعض الأفعال العقابية ضد إسرائيل بسبب سياستها الاستيطانية، وسيطرح سؤالا: هل يمثل
اللوبي المؤيد لإسرائيل بدقة الرأي العام اليهودي في بريطانيا؟".
اللوبي الإسرائيلي يتحرك
ويؤكد أوبورن "دون الحاجة للذكر فهذا اللوبي المؤيد لإسرائيل منشغل، ويحضر لتصويت الأسبوع المقبل. فقد تقدم غوتو بيب، الذي يعتبر من أنشط الداعمين لأصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين بمشروع قرار لوقف التصويت. ووصف المؤرخ والنائب المحافظ روبرت رودس جيمس مجموعة(أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين) بأنها (أكبر منظمة في غرب أوروبا مكرسة لقضية إسرائيل) ولا تزال قوة فاعلة".
ويمضي الكاتب "ففي الأسبوع الماضي وأثناء انعقاد مؤتمر حزب المحافظين السنوي اصطفت الطوابير أمام المكان قبل بداية الأمسية التي نظمتها مجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين، وحضرها رئيس حزب المحافظين اندرو فيلدمان وعدد من الوزراء وعدد كبير من المتبرعين المؤثرين. وكان فيليب هاموند، الذي لم يجد صوته بعد كوزير للخارجية المتحدث الرئيسي في المناسبة. وكما هي التقاليد في مناسبة كهذه فلم ينبس بانتقاد لإسرائيل حتى في ضوء ما جرى في غزة، وتوقع أداء مكررا من ديفيد كاميرون عندما سيتحدث أمام غداء العمل الذي تنظمه المجموعة في كانون الأول/ ديسمبر المقبل، ويجب أن نضع في أذهاننا أنه لا يوجد شيء اسمه أصدقاء فلسطين في حزب المحافظين".
جيل جديد
ويشعر أوبورن بحصول تغير" فهناك جيل جديد من نواب المحافظين من ذوي التفكير الحر، والذين وصلوا البرلمان. فقد خلقت مذابح غزة وتصرفات نتنياهو المعيبة وعدم احترامه للقانون الدولي بشان بناء المستوطنات مزاجا جديدا".
ويختم بالقول "في الأسبوع المقبل، هناك إمكانية لأن يقوم مجلس العموم بإرسال رسالة للعالم من أن بريطانيا لا تزال ثابتة في دعمها لإسرائيل، وفي الوقت نفسه فاهمة لواجبها تجاه المشردين الفلسطينيين".