مقالات مختارة

هل انتهت عملية السلام

1300x600
كتب علي بيرام أوغلو: لقد كان تأثيرُ أجواءِ الانتخابات التشريعية التي ستجري في 7 حزيران/ يونيو المقبل على عملية السلام كبيرا.. ودليل على ذلك تصريحاتُ أردوغان الأخيرة التي قال فيها إننا "لا نعاني من أزمةٍ كردية"، وجاء ردُّ المتحدّث الرسميّ باسم حزب الشعوب الديمقراطي على أردوغان بقوله إن "عملية السلام قد انتهت". لكن في الحقيقة، هل انتهت عملية السلام؟ 

ونحن على بعد خطوةٍ من الانتخابات، نرى أردوغان وهو يقودُ مشروعه الدستوريّ بمفرده، وفي نفس الوقت يحاول توجيه حزب العدالة والتنمية لحلّ القضيّةِ الكردية، وهو في هذه  الحالة يعلمُ جيّداً أن أكثرية ناخبيه من الطبقة المحافظة. لكن ثمّة شيء يشّد انتباه أردوغان وهو التزايدُ الطفيف في أصوات حزب الحركة القومي، الذي يعارض مشروع عملية السلام التي تقودها الحكومة، والذي يمكن أن يؤثّر سَلباً على سير عملية السلام. ولإرضاء حزب الحركة القومي، لم يقبل أردوغان بفكرة التحدّث إلى عبدالله أوجلان زعيم المنظمة الإرهابية الانفصالية "بي كي كي". وبهذا العمل يمكن أن نقول إن أردوغان عارض خطّة العدالة والتنمية في إجراء اللقاء المذكور. وقد فسّر ذلك بعض المحللين بأنها بمثابة خطوة إلى الوراء خطاها أردوغان.

في الحقيقة يمكنُ تفسير ذلك من جهةٍ أُخرى، سيما أن أردوغان يعاني من مطبّاتٍ وعقبات في سير عملية السلام ومعارضةٍ منذ أن بدأت عمليةُ السلام، واقتضى الأمرُ أن يبادر بمثل هذه المبادرة. أي أنها لحظيةٌ فقط. لكن ورغم كلّ تلك العقبات فإننا نستطيع أن نقول إننا قطعنا شوطاً بل أشواطاً كبيرةً وإيجابية في تاريخ سير عملية السلام ومستقبل السياسية الكردية في تركيا. وذلك من خلال تقديم التنازلات حيناً والإقدام حيناً آخر. وقد رأينا خلال هذه الفترة العودة لإيجاد الحلول والشروط الجديدة لتحقيق السلام بين جميع الأطراف، وخصوصاً طرفُ السياسة الكردية. وللحقيقة فإن مزاعم انتهاء عملية السلام جاءت بعد أحداث عين العرب السورية (كوباني)، إضافةً إلى أحداث داخلية، حيثُ شهدنا دخول عناصر من منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية "بي كي كي".. وكانت لتلك الأحداث ردودُ فعلٍ سلبية أثّرت على سير عملية السلام.

ولهذا السبب، فقد أقدَم حزبُ الشعوب الديمقراطي على التصريح بانتهاء عملية السلام وهذا ما استوعبه من حديث أردوغان الأخير. ولتحليل المرحلة الأخيرة من عملية السلام فإنه يجب علينا قراءةُ نصّ حزب الشعوب الديمقراطي جيداً، وهو شروطه في تحقيق السلام. وتصريحات أردوغان كانت بمثابة العقد الجديد لحزب العدالة والتنمية، وهو عقدٌ يعوّل على تركيا جديدة تطمح بإنشاء دولةٍ قوية والدخول بين العشر الأوائل في الاقتصاد العالمي نهاية 2023. وهي تمثّل الخطوة التالية لعملية السلام التي ستتحقّق بحسب منظور الحكومة قبل 2023. ولذلك فإن عملية السلام أهم من التحليلات على وسائل الإعلام وأهم من تصريحات الساسة. ببساطة، فإن عملية السلام متعلّقة بشكلٍ أو بآخر بنتيجة الانتخابات القادمة، وصراعُ القوى على السيطرة في سير عملية السلام لم ينتهِ بعد، وكلُّ طرفٍ يحاول كسب الشرعية في تبنّي مرحلة العملية.

(عن "يني شفق" التركية- ترجمة وتحرير: عربي21)