صحافة دولية

صحف بريطانية تهاجم إعدام السعودية لنمر النمر

اعتبرت صحف بريطانية أن إعدام النمر شبيه بتصرفات تنظيم الدولة - أرشيفية
هاجمت الصحف البريطانية الصادرة الأحد، إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي نمر النمر، مع 46 شخصا في المملكة، واعتبر بعضها أن قيامها بذلك "قد يؤدي لتدمير بيت آل سعود"، في حين اعتبرت أخرى أن هذه التصرفات شبيهة بتصرفات تنظيم الدولة.

"هل سيدمر هذا الملك بيت آل سعود"؟

ونشرت صحيفة "صانداي تايمز" موضوعا، مع صورة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، تحت عنوان لافت هو: "هل سيدمر هذا الملك بيت آل سعود"؟

واعتبرت الصحيفة أن صرخات المعترضين على قتل نمر النمر قد وصلت للساسة في كل الشرق الأوسط ليبادر بعضهم بتهديد آل سعود، موضحة أن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي قارن بين إعدام نمر النمر والإعدامات التي كان ينفذها نظام البعث وزعيمه صدام حسين في العراق في القرن الماضي.

وأضافت الجريدة أن المالكي أكد ان ملك آل سعود سوف ينتهي ويتم الإطاحة بهم بسبب تصرفاتهم، كما أنها نقلت تهديدات إيران، التي أكدت أن إعدام النمر جريمة ويعتبر جزءا صغيرا "من النظام الإجرامي لهذه العائلة الخائنة".

ووصفت "صانداي تايمز" عام حكم الملك سلمان عبد العزيز بأنه "واحد من أسوأ الأعوام بتاريخ المملكة"، مشيرة إلى أن العالم الغربي اصبح يدرك حاليا أن الفكر الوهابي الذي بنيت عليه المملكة هو سبب التطرف الذي يجتاح المنطقة، بحسب تعبيرها.

وتقول الجريدة إن ذلك يتوازي مع الأدلة والإشارات العديدة التى توضح وجود مشاكل في العائلة السعودية المالكة بسبب السياسة التمييزية التي ينتهجها سلمان ومحاباة ابنه المفضل محمد بن سلمان الذي تولى منصب وزير الدفاع، رغم أن سنه لم يتخط الثلاثين عاما وعين وليا لولي العهد.

"السعودية مثل تنظيم الدولة"

بدوره، تساءل الكاتب البريطاني روبرت فيسك عن موقف الغرب من إعدامات السعودية، الشبيهة بـ "تصرفات تنظيم الدولة"، واصفا الإعدامات بأنها "غير مسبوقة" لبدء السنة الجديدة في المملكة، على خلاف الاحتفالات في دبي المجاورة.

وأضاف فيسك، في عموده مع "الإندبندنت" أن قيام المملكة باستخدام مقاطع من القرآن لتبرير هذه الاعدامات يؤكد أنها تستخدم أسلوب التنظيم نفسه، معتبرا أن هدف السعودية من هذه الإعدامات هو "استفزاز إيران والشيعة في مختلف أنحاء العالم لإشعال صراع طائفي أكثر قوة على غرار ما يفعل تنظيم الدولة"، بحسب قوله.

وأشار فيسك إلى أن مقولة شكسبير الشهيرة، على لسان بطله ماكبث، القائلة "الدم سيؤدي لمزيد من الدم"، تنطبق على الحالة السعودية بكل تأكيد، خصوصا أنها تقود حملة لمكافحة الإرهاب لكنها تستبيح إراقة الدماء، دماء الشيعة والسنة على حد سواء، بحسب قوله.

وقارن فيسك بين التصرف السعودي وتنظيم الدولة، قائلا إن التنظيم أيضا يقطع رقاب من يرى أنهم مرتدون من السنة ورقاب الشيعة والمسيحيين في العراق وسوريا على حد سواء، مؤكدا أن الإجراءات السعودية ضد النمر هي نفسها التي كانت ستستخدم ضده لوكان في قبضة التنظيم.

"الجريء"

أما "صاندي تليغراف"، فتناولت ذات الموضوع من زاوية التعريف بأسباب العداء بين النمر والنظام الحاكم في السعودية في مقال بعنوان "نمر النمر: رجل الدين السعودي الجريء".

وحاولت الصحيفة من خلال الموضوع إلقاء الضوء على نمر النمر والمشاكل التي سببها للأسرة المالكة في السعودية منذ بدأ معارضتهم علنا عام 2011، مضيفة أن نمر النمر كان مصدر قلق مستمر في منطقة شرق المملكة العربية السعودية المليئة بالتوتر بسبب الأغلبية الشيعية التي تقطنها.

وأشارت "التلغراف" إلى أن رجل الدين صاحب الشخصية القيادية والذي كان يبلغ من العمر 56 عاما أطلق دعوات لتشكيل جبهة معارضة في منطقة العوامية التي ينحدر منها، موضحة أن العوامية هي إحدى المناطق الفقيرة في محافظة القطيف، معقل المعارضة الشيعية في المملكة، والتي تشكو دوما من تهميشها وتعرضها للظلم والاضطهاد على الأصعدة الدينية والاجتماعية والسياسية، بحسب قولها.

وشهد عام 2009 بداية التوتر الحقيقي بين النمر والعائلة المالكة في السعودية، حين دعا إلى انفصال محافظتي القطيف والأحساء عن المملكة والاندماج مع الشيعة في مملكة البحرين في دولة شيعية واحدة، بحسب التلغراف، التي أضافت أن النمر هدد آل سعود بأنهم إن لم يوقفوا سفك الدماء فإنهم سيفقدون ملكهم، وهو الأمر الذي ترى الجريدة أنه سبب استفزازا كبيرا للأسرة المالكة.

انتقادات دولية وتوترات طائفية

بدورها، رصدت مجلة "صنداي أوبزيرفر" ردود الفعل الدولية، الرسمية والشعبية، على إعدام السعودية للنمر، مشيرة إلى إدانة الولايات المتحدة لذلك، والمظاهرات التي اندلعت بعدة بلدان في العالم.

وحذرت الولايات المتحدة من أن إعدام النمر سيزيد التوترات الطائفية، معبرة عن "قلقها الشديد" من تبعات الإعدام، على لسان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية جون كيربي، مضيفا أن أمريكا دعت الولايات المتحدة لضمان الإجراءات القضائية العادلة والسماح بالتعبير عن الرأي لاحتواء التوترات بعد الإعدام.

وانتقد سياسيون بريطانيون وعراقيون مقتل النمر، بالإضافة لهجمات المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي على السعودية، مؤكدا أنها ستنال "الانتقام الإلهي"، بحسب ما نقلت "الأوبزيرفر".

وانتقد الحوثيون باليمن إعدام السعودية للنمر، واصفين إياه بأنه "انتهاك صارخ لحقوق الإنسان"، بالإضافة لانتقادات في باكستان وأفغانستان والهند، في حين وصف المجلس الإسلامي الأعلى الشيعي تصرف الرياض بأنه "خطأ قاتل".

وأشارت "الأوبزيرفر" إلى خروج عدد من المظاهرات تنديدا بإعدام النمر. ففي طهران؛ اقتحم متظاهرون السفارة السعودية صباح الأحد وأضرموا بها النيران، بالإضافة لمظاهرات في البحرين والهند، وأمام السفارة السعودية في لندن.

وفي محافظة الشرقية السعودية، تجمعت مئات المركبات المدرعة حيث تم الإعدام، وحاصرت بلدة القطيف الأحد، بحسب الأوبزيرفر.

حقوقيا، أشارت الصحيفة إلى بيان منظمة العفو الدولية السبت، التي قالت إن "النمر أعدم لتحقيق مكاسب سياسية". وأضافت المنظمة في بيان لمدير مكتبها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيليب لوثر، أن "ما جرى محاولة لإسكات الانتقادات في السعودية، خصوصا في مجتمع الناشطين الشيعي".