علقت صحيفة "فايننشال تايمز" على سجن داعيتين سعوديين مشهورين، لهما ملايين المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن اعتقال كل من الشيخ سلمان
العودة والشيخ عوض
القرني هو محاولة لتكميم أفواه الشيوخ المؤثرين الذين يمكنهم انتقاد سياسات الحكومة وأجندة الإصلاح، مشيرا إلى أنه إشارة إلى توسع دائرة القمع ضد المعارضين لولي العهد الأمير
محمد بن سلمان.
وتشير الصحيفة إلى أنه تم اعتقال العودة والقرني هذا الأسبوع بعدما انتقدهما الموالون للحكومة؛ لأنهما لم يدعما قرار الرياض محاصرة دولة قطر، لافتة إلى أن
السعودية تقود حلفا تشترك فيه مصر والبحرين والإمارات العربية ضد الجارة الصغيرة، وقطعت علاقاتها الدبلوماسية على خلفية دعم الإرهاب والإسلام السياسي.
ويورد التقرير نقلا عن ناشطين، قولهم إن اعتقال شيخين معروفين هو محاولة لإسكات النقاد ضد أجندة الإصلاح، فيما تم اعتقال إسلاميين آخرين في الأيام الماضية، مشيرا إلى قول ناشط سعودي: "هناك عدم تسامح اليوم مع أي شكل من أشكال الإسلام السياسي في المملكة".
وتفيد الصحيفة بأن الحكومة لم تعلق على اعتقال العودة والقرني، إلا أن وكالة الأنباء السعودية الرسمية قالت يوم الثلاثاء إن القوات الأمنية اعتقلت مجموعة من السعوديين والأجانب المتورطين في "نشاطات تجسسية، ويعملون لصالح أطراف أجنبية ضد آمن المملكة".
وينقل التقرير عن منظمة "القسط" لحقوق الإنسان، قولها إنها تأكدت من اعتقال العودة، وإن الشيخ اعتقل نظرا لتعبيره عن سروره من التقدم في العلاقات بين السعودية وقطر لحل الخلاف الذي تبعه اتصال بين ابن سلمان وأمير قطر، الذي توسط فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واتهمت الرياض لاحقا الدوحة بتشويه الحقائق حول من بدأ المكالمة.
وتقول الصحيفة إن عائلة آل سعود اعتبرت دائما الإسلاميين تهديدا كبيرا على سلطتها، لكنها كانت حذرة في موازنة علاقاتها مع شيوخ المؤسسة والإسلاميين المتشددين، الذين يتمتعون بدعم قوي داخل المملكة المحافظة.
ويورد التقرير نقلا عن نقاد، قولهم إن الأمير ابن سلمان يستخدم الأساليب ذاتها التي يستخدمها حليفه القوي ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، الذي تبنى أسلوبا قمعيا ضد الإسلاميين، خاصة الإخوان المسلمين.
وتلفت الصحيفة إلى أن العودة كان زعيما من زعماء الصحوة التي طالبت بالإصلاحات السياسية في المملكة في بداية التسعينيات من القرن الماضي، وأحيا الدعوة من جديد عندما تحدث دعما للربيع العربي في الشرق الأوسط عام 2011، مشيرة إلى أن القرني يعد من المتعاطفين مع حركة الصحوة، وداعما للإخوان المسلمين.
وينوه التقرير إلى أن الأمير محمد، الذي رفع لمنصب ولي العهد، يشرف على خطة إصلاح، تهدف لإعادة تشكيل اقتصاد البلاد المعتمد على النفط، وتحديث المملكة المحافظة.
وتبين الصحيفة أنه في الوقت الذي تواجه فيه المملكة آثار تراجع أسعار النفط، فإن الحكومة قامت بفرض سياسة تقشف أدت إلى حالة من التذمر لدى السعوديين، مشيرة إلى أن خطط منح السعوديين حرية اجتماعية أوسع، وفتح مجالات الترفيه، بما فيها دور السينما، أدت إلى ردة فعل عكسية بين المحافظين.
وينقل التقرير عن الباحث في جامعة أوكسفورد ومؤلف كتاب "يوتوبيا إسلامية: وهم الإصلاح في السعودية" أندرو هاموند، قوله: "هذا عن الخوف السعودي من الإصلاح والسياسة المحلية"، ويضيف: "يدعو محمد بن سلمان لأجندة الإصلاح في مجال الاقتصاد وقضايا أخرى، لكن الموضوع الوحيد الذي ترك هو السياسة".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الأمير محمد يسعى أيضا لإضعاف المعارضة داخل العائلة الحاكمة، التي تعارض صعوده السريع للسلطة، بعد عزل ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، حيث أجبر المسؤولون السعوديون على نفي تقارير عن خطط والده العجوز التنازل عن العرش لابنه.