هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لن أشارك في مسرحية هزلية عبثية وأي مشاركة في الانتخابات ستكون خداعا للشعب وإضفاء مشروعية زائفة عليها
مؤسسات الدولة بها شرفاء يرصدون بدقة حالة الاحتقان السياسي واتجاهات الرأي العام
كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية كلما غاب العقل والحكمة والرشد لدى النظام
الثقة في الانتخابات لن تتعزز إلا في إطار الرقابة الدولية والمحلية
شعبية السيسي في أقل مستوياتها.. والنظام يخشى كثيرا من وجود منافسين له
نحن أمام اتفاقية "سايس بيكو جديدة" لتقسيم المنطقة لتحقيق مصالح وأطماع الدول العظمى
النظام الحالي قد يستمر في حكمه حتى إتمام "صفقة القرن"
أكد الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات بمصر، المستشار هشام جنينة، أن أي مشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة في ظل الأجواء الحالية ستكون "خداعا للشعب المصري"، مشدّدا على أنه "لا يمكن إجراء انتخابات حقيقية ونزيهة في هذه الظروف، لأن المناخ مُلغم ومُسمم، وهناك حالة احتقان سياسي لخنق المجال العام، وانسد الأفق السياسي على نحو غير مسبوق".
وقال في مقابلة خاصة مع "عربي21": "إن لم تكن هناك انتخابات حقيقية فبالتأكيد لن أشارك في مسرحية هزلية عبثية لا كمرشح ولا كمؤيد لمنافس لم تتوفر له الفرصة الحقيقية لخوض هذه الانتخابات"، داعيا جميع من وصفهم بالوطنيين إلى "العزوف عن المشاركة عن تلك الانتخابات حتى لا يلوثوا تاريخهم أو يساهموا في إضفاء مشروعية زائفة على مسرحية عبثية".
وذكر "جنينة" أن مؤسسات وأجهزة الدولة بها شرفاء يرصدون تطورات حالة التأزم والاحتقان غير المسبوق، ويحللون مواقف واتجاهات الرأي العام، مضيفا: "أعلم أن هناك تقارير ترصد التوجهات المختلفة، وتكتب بحق كل ما يدور في خلد المصريين، إلا أن ما يُكتب في التقارير التي ترصد بدقة نبض الناس شيء والقرارات تُتخذ شيء آخر".
وشدّد على أن الأوضاع بمصر لا تتحمل استمرار بقاء السيسي في سدة الحكم لأربع سنوات أخرى، مؤكدا أن "الكبت يُولد الانفجار، وأخشى ما أخشاه أن تكون عواقب هذا الانفجار وخيمة على الجميع، ولذلك أتمنى أن يكون هناك شيء من العقل والحكمة والرشد لدى الجميع في التعاطي مع مجريات وتطورات الأوضاع".
وبسؤاله عن طبيعة هذا الانفجار "المتوقع" وعما إذا كان عبارة عن موجة ثورية جديدة أم فوضى واقتتال داخلي، أجاب: "كل الاحتمالات مفتوحة وقائمة، فعندما قامت ثورة يناير كانت الطبقة الوسطى صمام أمان لها، وكانت هناك أهداف نبيلة ومطالب مشروعة، وهذه الطبقة الوسطى تتآكل حاليا بمرور الوقت. وإذا ما حدثت الفوضى فلن ينجو منها أحد".
وفيما يلي نص المقابلة كاملة:
كيف تنظرون لحكم المحكمة العسكرية بحبس العقيد أحمد قنصوة 6 سنوات على خلفية إعلانه نيته الترشح للرئاسة؟
لم يعد مستغربا، ففي حالة غياب دولة القانون والعدالة، ووجود معايير مزدوجة، والكيل بأكثر من مكيال، وبشكل فج وصارخ، يصبح كل شيء متوقعا ووارد الحدوث، وهناك شعور عام لدى الشعب المصري بغياب دولة القانون والعدل، وهذا ليس شعورا خاصا بالمستشار جنينة فقط.
وحقيقةً ما جرى مع العقيد قنصوة شيء مؤلم ومحزن لكرامة أي مواطن مصري، فكيف تتم محاكمة وحبس شخص أقدم على تصرف قام به سابقا الرئيس عبدالفتاح السيسي حينما كان وزيرا للدفاع معلنا ترشحه بالزي العسكري لانتخابات 2014 بزعم أن ما أقدم عليه "قنصوة" يعيب ويسيء للقوات المسلحة، بل كان "قنصوة" مفخرة وواجهة مشرفة للمؤسسة العسكرية، بعدما تحدث بعقل وحجة ودليل عن رؤيته للتعاطي مع الأحداث، فضلا عن أنه أعلن أنه تقدم منذ 3 أعوام باستقالته بغرض اعتزامه الترشح في الانتخابات، إلا أنه تم رفض استقالته، بل أنه أقام دعاوى قضائية للاستقالة لم يُبت فيها حتى الآن.
ما هو تقييمكم لما جرى مع الفريق أحمد شفيق؟
استمرار لسياسة المعايير المزدوجة، فالسلطة حينما تكون لديها رغبة ما في فتح المجال العام ونزول أكثر من مرشح في الانتخابات القادمة لن تكيل كل هذه الاتهامات أو تمارس تلك الضغوط بهذه الصورة سواء بالنسبة لشخص الفريق شفيق أو غيره، بل ستكون الأمور ميسرة بالنسبة له أو على الأقل طبيعية.
وما حدث سواء مع "قنصوة" و"شفيق" أو غيرهما لا يساهم مطلقا في إحساس المواطن بالمعايير الواحدة في تطبيق القانون، بل يساهم كثيرا في تكريس وزيادة حالة الاحتقان السياسي وغياب العدالة والمساواة، خاصة إذا ما استمر هذا النهج لفترة أخرى.
كيف ترون مجمل العملية الانتخابية في ظل تلك الممارسات؟
هذا جو لا يمكن أن تُجرى فيه انتخابات حقيقية ونزيهة، لأنه جو مُلغم والمناخ مُسمم، وهذا أصبح أمرا معروفا وبديهيا لدى الكافة، وهذا الشعور العام ولدته ممارسات السلطة الحاكمة إزاء الانتخابات المقبلة، فهناك حالة احتقان سياسي لخنق المجال العام، وأنسد الأفق السياسي على نحو غير مسبوق.
وأجهزة الدولة لا تقف على الحياد من المرشحين المحتملين للانتخابات، وآفة الآفات هي استخدام القانون في شرعنة ممارسات غير قانونية تماما، ويصبح القانون نفسه أداة من أدوات غياب دولة القانون والعدل. ويبدو أنه كُتب علينا أن تكون انتخابات الشعب المصري مُصنعة وسابقة التجهيز مثلما هناك أطعمة مُعلبة.
وما هو موقفكم النهائي منها؟
إن لم تكن هناك انتخابات حقيقية فبالتأكيد لن أشارك في مسرحية هزلية عبثية لا كمرشح ولا كمؤيد لمنافس لم تتوفر له الفرصة الحقيقية لخوض هذه الانتخابات، وأرى أن الأفضل ألا يشارك أي شخص في هذه المسرحية الهزلية، حيث سيتم تلوثه بآفة تلحق به طوال حياته هو وأسرته، لأنه سيكون قد ساهم في إضفاء مشروعية زائفة على مسرحية عبثية.
وأدعو أي شخص وطني محترم حينما لا يكون أمامه ملامح لإجراء انتخابات حقيقية ونزيهة إلى العزوف عن المشاركة في تلك الانتخابات احتراما لنفسه وحتى لا يُلوث تاريخه بشكل ما أو بآخر.
وهذا رأي الشخصي أنا وشريحة كبيرة من المواطنين حتى الآن، خاصة أنه لم تتحقق الأسباب الكافية التي تحول دون تزييف إدارة الأمة، وفي ظل عدم وجود ضمانات تضمن عدالة المنافسة الانتخابية وتحت إشراف ورقابة دولية ومحلية، وتكون كل مؤسسات الدولة على مسافة واحدة من جميع المرشحين سواء كان المرشح المحتمل مدنيا أو ذو خلفية عسكرية، وليس كما يرى الجميع أن هناك تزكية ودعما لمرشح دون آخر، وبالتالي فإنني أرى أن أي مشاركة في ظل هذه الأجواء هي "خداع للشعب" ليس إلا.
لكن البعض قد يقول: لماذا لا تخوض الانتخابات وتحاول فرض الضمانات التي تتحدث عنها؟
أعتقد أن الظروف الراهنة غير مهيئة تماما لخوض هذه الانتخابات بهذه الصورة التي نراها، فكيف لي – أو لغيري- المشاركة فيها، ونحن نحاول إيجاد رقابة دولية ومحلية على الانتخابات، فهذه الرقابة الدولية تعزز الثقة في الانتخابات وصحة إجراءاتها، وطالما أنك لا تود العبث بالانتخابات ونتائجها فلماذا تخشى من وجود الرقابة الدولية. والثقة في الانتخابات لن تتعزز دوليا ومحليا إلا في إطار الرقابة الدولية والمحلية، وإن غابت هذه الرقابة فلن يكون هناك معنى لمجمل هذه العملية الانتخابية.
ويجب أن تتم تنقية جداول الناخبين على الشكل الصحيح، وأن يكون الإعلام والأمن وكل أجهزة الدولة على مسافة متساوية وواحدة من جميع المرشحين، وألا تتم إهانة المنافسين، وأن تتاح الفرص للجميع للتعبير عن أنفسهم وبرامجهم ورؤاهم. هذا ما نتمناه ولا نتوقعه.
ولا أرضى لأي إنسان حر وشريف أن يشارك في هذه الانتخابات طالما أصرت السلطة على الاستمرار في ممارساتها ونهجها في إبعاد المنافسين الحقيقيين. بل من الأفضل ألا تُجرى هذه الانتخابات من الأساس ويتم توفير هذه النفقات والمصاريف على محاولة حل أزمات المصريين.
ألا ترى أن الوقت أصبح ضيقا لتخوضوا معركة الضمانات الانتخابية؟
بالفعل، الوقت ضيق جدا، وهذا مقصود في حد ذاته من قبل النظام كي تنعدم فرص أي مرشح حقيقي منافس للسيسي. وهناك حملات دعائية لدعم مرشح بعينه (السيسي) بدأت منذ شهور، ومؤسسات الدولة تُستغل في هذا الصدد، وهنا يبرز سؤال يطرح نفسه: هل هذا متاح لأي مرشح آخر؟ وهل قد يجد مثل هذه الفرصة لدى مؤسسات الدولة أم أنه سيُقال له إن هناك خرقا وانتهاكا للقانون بإجراء دعاية انتخابية قبل بدء المواعيد الرسمية لفتح باب الترشح للانتخابات؟
في تقديرك، لماذا يخشى النظام وجود مرشحين منافسين للسيسي؟
هناك خوف حقيقي من المرشحين المنافسين، لأن شعبية السيسي في أقل من مستوياتها، ولو لدينا أجهزة لرصد وتحليل وجمع البيانات واستطلاعات الرأي واستبيان حقيقي تقوم عليه أجهزة محايدة، وتم الإعلان عن النتيجة الحقيقية لهذه البيانات والاستطلاعات دون أي تدخل أو تلاعب في نتائجها لظهر التراجع الحاد في شعبيته، ولهذا تخشى السلطة كثيرا من إجراء انتخابات حقيقية، وبدلا من مراجعة السياسات والمواقف التي أدت للتراجع الكبير في شعبيته يتم اللجوء لمزيد من التكميم، وسد الأفق السياسي، وخنق المجال العام، عبر سلسة من الإجراءات التي تعصف بالحقوق والحريات من خلال العنف والقمع الغير معهود في حياة المصريين.
وما هي تداعيات انسداد الأفق السياسي الذي وصفته بأنه غير مسبوق برأيك؟
الكبت يُولد الانفجار، وأخشى ما أخشاه أن يكون هذا الانفجار غير محمود النتائج وأن تكون عواقبه وخيمة على الجميع، ولذلك أتمنى أن يكون هناك شيء من العقل والحكمة والرشد لدى الجميع في التعاطي مع مجريات وتطورات الأوضاع بمصر.
هل الأوضاع بمصر تتحمل استمرار بقاء السيسي في سدة الحكم لأربع سنوات أخرى؟
بالطبع لا. فستتجه الأوضاع لانفجار حتمي غير محمود العواقب لو استمرت مصادرة الحقوق والحريات وتزييف إرادة الجماهير، ولو استمر النظام على مواقفه وسياساته الراهنة، فلا أعتقد أن صبر المصريين قد يمتد لفترة طويلة، فرغم أن الشعب المصري لديه القدرة على الاحتمال والصبر إلا أن هذه المقدرة لها حدود وسقف في ظل الاحتمالات القائمة والمتوقعة أنه في حال استمرار السيسي في حكمه فستكون هناك موجة أخرى قادمة من رفع للدعم يتبعه غلاء جديد في الأسعار، وهذا قد يساهم بالطبع في حدوث الانفجار المتوقع، والذي لا نأمله، إلا أن الظروف الحياتية الضاغطة والعصيبة التي يمر بها المواطن، والتي لم تحدث في تاريخه الحديث هي التي تدفع في هذا الاتجاه.
وهل هذا الانفجار "المتوقع" قد يكون عبارة عن موجة ثورية جديدة أم فوضى واقتتال داخلي؟
كل الاحتمالات مفتوحة وقائمة، فعندما قامت ثورة يناير كانت الطبقة الوسطى هي صمام أمان لها، وكانت هناك أهداف نبيلة ومطالب مشروعة، وهذه الطبقة الوسطى تتآكل حاليا بمرور الوقت. وإذا ما حدثت الفوضى فلن ينجو منها أحد، ولهذا أتساءل: لمصلحة من يحدث ذلك؟ أتمنى أن يكون هناك عقل وحكمة ورشد في الكثير من الملفات.
وهل تستشرف وجود أي تعاطي بعقل وحكمة مع الأوضاع والأزمة المصرية لدى النظام؟
للأسف لا أرى أن هناك خطوات مبدئية قد يسود فيها العقل والحكمة، بل كلما اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية كلما غاب التعامل الرشيد مع الأوضاع.
وغياب العقل والحكمة والمنطق أزمة ضربت السلطة المصرية بل ومعظم أنظمة الحكم في الشرق الأوسط، فما يحدث بمصر ليس ببعيد عما يحدث في باقي بلاد الشرق الأوسط، فالكل مترابط ومتشابك ومتداخل ومشترك بين الجميع، وهذا قد يكون بداية لمخاض سيسفر عن اتفاقية "سايكس بيكو جديدة"، وهناك أجهزة مخابرات، وما يمكن وصفه بالحزام الأمني الاستخباراتي، تدير كل تلك المنظومة بالشرق الأوسط، وبالطبع من بينها مصر، لكن تلك الإدارة تتم بشكل سيء للغاية، ولن يتحقق منها شيء إيجابي سواء لصالح الشعوب أو حتى الأنظمة ذاتها.
وهل مؤسسات الدولة ليس لديها هذا الاستشعار بقرب حدوث هذا "الانفجار"؟
جميع مؤسسات وأجهزة الدولة بها شرفاء يرصدون هذه الظواهر وغيرها، وهم ليسوا بعيدين عنا، فهم جزء أصيل من نسيج المجتمع. وأعلم أن هناك تقارير ترصد هذه الحالة من الاحتقان الغير مسبوق، وتحلل مواقف واتجاهات الرأي العام، وترصد التوجهات المختلفة، وتكتب بحق كل ما يدور في خلد المصريين، إلا أن ما يُكتب في التقارير التي ترصد بدقة نبض الناس شيء والقرارات تُتخذ شيء آخر.
وأتمنى أن يكون لدى متخذ القرار وجميع المسؤولين قدر من الفهم والوعي بأن قدرة الناس على الصبر والتحمل له حدود، وأتمنى أن يكون هناك وعي وإدراك في التعامل مع المصريين وتطلعاتهم.
كيف تنظرون لتدشين الحركة المدنية الديمقراطية؟ وما هو موقفكم منها؟
قد تكون هناك تباينات داخل التجمعات المختلفة التي تنضوي تحت لواء الحركة المدنية الديمقراطية من يمين ويسار وأحزاب ليبرالية واشتراكية وشخصيات عامة، والجميع من حقه أن يدلي برأيه وقناعاته الشخصية، لكن الموقف الرسمي يمثله ويعبر عنه فقط المتحدث الرسمي باسم الحركة، وهو المهندس يحيى حسين عبدالهادي، الذي أتمنى الرجوع إليه دائما في كل المواقف الرسمية الخاصة بالحركة، حتى لا يكون هناك تضارب أو تباين في وجهات النظر، وحتى لا تتعدد الآراء المختلفة.
وحينما طُلب مني الرأي بشأن ما تضمنته وثيقة إعلان المبادئ الخاصة بالحركة قلت إنني داعم من حيث المبدأ لكل تحرك يهدف لتوحد القوى المدنية المصرية من أجل إنقاذ هذا البلد مما هي فيه، وطالما لا يوجد إقصاء لأحد أو لأي قوى سياسية سوى من تلوثت يده بدماء المصريين.
وأنا أيضا مع أي تجمع أو كيان جديد، لو ظهر لاحقا، فسأكون كذلك مؤيدا له، فلا مانع من تعدد التجمعات والكيانات لمحاولة تصحيح المسار والسياسات الراهنة، بعيدا عن أي خلافات شخصية أو جانبية أو أيدولوجية ضيقة، فأنا احترم الجميع على اختلاف مشاربهم طالما كان الهدف هو مصلحة الوطن.
ما هو تقييمكم لحالة المعارضة المصرية في الداخل والخارج؟
في أسوأ حالاتها، لأن الحياة السياسة المصرية قُتلت منذ عام 1952 بعد إلغاء الأحزاب وتجريف الحياة العامة ما حال دون وجود كوادر تصلح لزعامات حزبية وسياسية بعدما تمت مصادرة حرية الرأي والتعبير، وتمت السيطرة التامة على وسائل الإعلام، وتم قتل كل اختلاف في الرأي وقمع كل صوت حر، وهو الأمر الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه حتى مصر أصبحت دولة طاردة لمن على أرضها بعدما كانت قبل 1952 دولة تحتوى على جميع الثقافات والأيدولوجيات المختلفة وكان ثراء وتنوع فكري وثقافي وسياسي وعلمي، وهذا أسوأ ما أصاب الدولة المصرية.
كيف تنظرون لمواقف الدول الغربية من الأوضاع بمصر؟
الدول الغربية بشكل عام تنظر لدول العالم الثالث بأنها لا تستحق أن تنعم بالديمقراطية وحقوق الإنسان مثلما تنعم شعوبها بها وتُغلب مصالحها الخاصة على أي مصالح أخرى حتى لو كانت عادلة، ولو اقتضى ذلك التعاون والتحالف مع أنظمة فاشية وديكتاتورية، لتحكم بالقبضة الحديدية على المنطقة بغرض إجهاض أي محاولة لإصلاحات حقيقية، وهذه ازدواجية واضحة في المعايير، فما تطلبه الدول الغربية لشعوبها تستكثره على شعوبنا، وعندما تجد حاكما يلبي لها مطالبها ومطامعها ويحقق الاستقرار المزعوم على أساس القمع والظلم تغض الطرف إلى حد بعيد عن انتهاكات حقوق الإنسان، وهذه هي المعضلة التي تقع فيها.
أخيرا.. ما هي توقعاتكم لما ستقدم عليها مصر خلال الفترة المقبلة؟
في ظل ما نشاهد ونقرأ ونسمع عنه، سندخل في ما يشبه اتفاقية "سايس بيكو جديدة" لتقسيم المنطقة على أساس يحقق مصالح وأطماع الدول العظمى التي ترتبط بمصالح مباشرة مع مصر، خاصة في ظل سعى لهذه الدول لامتلاك قواعد عسكرية بهذه الكثرة وفي هذا التوقيت في العديد من دول العالم الثالث، وهو الأمر الذي يُعد انتقاصا من سيادة هذه الدول، خاصة أن هذا الدور الغربي ازداد في التغول على مقدرات المنطقة وأصبح يتدخل بشكل سافر في شؤوننا الداخلية، وهذا لن يؤدي إلى صالح استقرار دول المنطقة.
وقد اتضح ذلك جليا عندما أعلن السيسي سابقا مع الرئيسي الأمريكي دونالد ترامب عما يسمى بـ"صفقة القرن"، التي تؤكد أننا إزاء "سايكس بيكو جديدة"، ولذا فقد يعني ذلك استمرار النظام الحالي في حكمه حتى إتمام هذه الصفقة التي قد تكون بعض الاعتراضات من قبل بعض الحكومات، لكن هذا هو المخطط الذي تم وضعه ورسمه لنا، ومتفق عليه منذ فترة، وشعوب المنطقة آخر من يعلم، وبالتالي قد نفاجأ بتمرير صفقة القرن – بالتواطؤ مع حكام المنطقة- عندما تسنح وتتهيأ الظروف لذلك، مثلما حدثت المفاجأة للشعب المصري بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.