هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "أوراسيا دايلي" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن تأجيل إنشاء الكتلة العسكرية العربية أو ما يسمى "بالناتو العربي"، المكون من ثماني دول برعاية الولايات المتحدة، إلى العام المقبل، لاعتبارات سياسية وعسكرية عدة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، أعلن مؤخرا عن موعد تقريبي جديد لتشكيل هذا التحالف الاستراتيجي في الشرق الأوسط بمشاركة ممالك الخليج العربي الستة، وكل من الأردن ومصر.
تجدر الإشارة إلى أن الهدف من هذا التحالف العسكري أو "الناتو العربي" هو التغلب على الخلافات بين الدول العربية، لكن الدافع الرئيسي من تشكيله يرتبط بتحجيم النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.
وأكدت الصحيفة أنه تمت مناقشة هذا المشروع للمرة الأولى على المستوى السياسي والجيوسياسي في ربيع العام الجاري، عندما زار زعيمان عربيان واشنطن. ففي آذار/ مارس الماضي، ناقش ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المسألة مع الرئيس دونالد ترامب. وفي أوائل نيسان/ أبريل من العام ذاته، اجتمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع نظيره الأمريكي وتم التطرق لهذه المسألة.
وفي هذا الشأن، أكدت مصادر من الإدارة الأمريكية أن تلك المحادثات ناقشت أفكار ترامب ونواياه تجاه إيران. واتفقت الأطراف على ضرورة إقامة تكتل عسكري شبيه بحلف شمال الأطلسي في المنطقة العربية لمواجهة النفوذ المتنامي لإيران في منطقة الشرق الأوسط.
اقرأ أيضا: إيكونوميست: لماذا تعد فرص نجاح الناتو العربي ضئيلة؟
وذكرت الصحيفة أنه في ذلك الوقت، لم تقتصر مبادرة إنشاء تحالف إقليمي جديد على حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، بل كانت تقوم على ضرورة أن يكون "الناتو العربي" على أوسع نطاق ممكن، حتى يتمكن من مجابهة القوى الإقليمية المعادية. ولكن، بعد الأزمة الخليجية في حزيران/ يونيو عام 2017 فيما يتعلق بالمسألة القطرية، تقلصت احتمالات التحالف واسع النطاق ضد إيران.
وأشارت الصحيفة إلى أنه سيتم تأجيل تنفيذ هذه المبادرة إلى بداية عام 2019، على الرغم من أن الإدارة الأمريكية كانت تسعى إلى التسريع في بلورتها على أرض الواقع في وقت سابق. لكن الآن، وبعد حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، يبدو من الضروري تأجيل هذه المسألة إلى العام المقبل.
وأوضحت الصحيفة أن السلطات الأمريكية تؤكد على ضرورة الحفاظ على علاقات الشراكة الاستراتيجية مع السعودية، حتى بعد قضية خاشقجي. مع ذلك، قد تؤثر هذه القضية على علاقات واشنطن مع حلفائها العرب، ما يدفعها إلى ضرورة اتخاذ نهج أكثر تريثا وتوازنا في علاقاتها مع العائلات الحاكمة في شبه الجزيرة العربية. وبناء على ذلك، لم تفشل مبادرة ترامب وإنما تم تأجيلها إلى وقت مناسب.
وأضافت الصحيفة أنه من بين أسباب تأجيل إنشاء "الناتو العربي" للعام المقبل، انتظار تأثير العقوبات الأمريكية الموسعة على الاقتصاد والوضع السياسي الإيراني، مما سيخول الانتقال إلى المرحلة التالية من استراتيجية عزل وردع "العدو الشيعي". وبالتالي، من الواضح أن الممالك العربية الستة، إلى جانب الأردن ومصر، ترغب في معرفة مدى تأثير العقوبات الأمريكية على إيران، قبل الانضمام إلى التحالف العسكري الجديد.
علاوة على ذلك، تحتاج الدول العربية إلى المزيد من الوقت لإنشاء هذا التحالف الجديد، نظرا لتوتر الأوضاع على الساحة السياسية والعسكرية العربية خلال صيف وخريف هذا العام. وإلى جانب عدم العثور على حل مناسب للمسألة القطرية إلى حد الآن، تعاني الحملة العسكرية للتحالف السعودي في اليمن من عديد الصعوبات.
اقرأ أيضا: آل ثاني يوضح مطالب بلاده قبل الانخراط بـ"الناتو العربي"
وأضافت الصحيفة أن نفوذ الممالك العربية يواجه في كل من سوريا والعراق ولبنان المزيد من العقبات أمام النفوذ الإيراني. ومن جهتها، لا تنوي طهران التنازل عن نفوذها في المنطقة وإنما تواصل العمل على تعزيز مكانتها. ومن هذا المنطلق، تنذر فكرة إضعاف الجمهورية الإسلامية على المستوى الاقتصادي وإثارة اضطرابات على أراضيها بالتحضير لخطوة أكثر خطورة.
وأوردت الصحيفة أنه يجب على ترامب وحلفائه في الشرق الأوسط توخي الحذر قبل إنشاء تحالف مناهض لإيران، إذ يجب انتظار اللحظة المناسبة، التي لم تحن بعد. وفي أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، أشارت بعض المصادر الإعلامية في الشرق الأوسط إلى أن إدارة ترامب تنوي عقد قمة في واشنطن في كانون الثاني/ يناير المقبل، التي سيعلن فيها عن تحالف إقليمي جديد في منطقة الشرق الأوسط.
ونوهت الصحيفة إلى أنه في مقابل اقتراح تأجيل إنشاء "الناتو العربي"، وضعت إدارة ترامب عدة شروط أمام دول الخليج العربي، على غرار تحقيق التحالف السعودي لأهدافه العسكرية في اليمن، وأهمها استعادة ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون. كما لا بد من المصالحة مع الدوجة، علما وأن هناك مؤشرات واضحة تدل على استعداد السعودية والإمارات لتجاوز الخلافات مع قطر. ومن دون تنفيذ هذه الخطوات، سيكون مآل "الناتو العربي" الفشل لا محالة.
في سياق متصل، يؤثر العامل الإسرائيلي على هذه المسألة، وذلك فضلا عن "الخطة الجديدة" التي لم يعلن عنها ترامب بعد حول التسوية الفلسطينية الإسرائيلية. ويبحث الرئيس الأمريكي عن اللحظة المناسبة للإعلان عن "صفقة القرن" والمصالحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وعلى الرغم من أن ترامب قد لا ينجح في تحقيق ذلك قبل القمة المنتظرة، إلا أنه يحتاج إلى موقف موحد على الأقل من قبل القوى الرائدة في العالم العربي فيما يتعلق بهذه المسألة.
اقرأ أيضا: "الناتو العربي" ضد إيران.. فكرة أمريكية للمناورة أم التنفيذ؟
وأوردت الصحيفة أنه مع الأخذ بعين الاعتبار لكافة الظروف المذكورة آنفا، وغيرها من الظروف، سيتم إنشاء "الناتو العربي" بين آذار/ مارس ونيسان/ أبريل سنة 2019. وبحلول ذلك الوقت، ستصبح القضايا التي تهم واشنطن والرياض أكثر وضوحا، كما ستختفي المواقف المناهضة للسعودية فيما يتعلق بقضية خاشقجي. في المقابل، لن تنتظر إيران المواجهة في صمت وإنما ستحاول تعبئة حلفائها الجيوسياسيين الأقوياء حالما يبدأ خصومها في التحرك ضدها في المنطقة.