هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
"جسر انتهازي"
وفي تعليقه حول خطورة هذا التوجه نحو التطبيع السينمائي مع الكيان الإسرائيلي، أكد الكاتب المصري يوسف مسلم، أن "كل الدولة العربية عدا سوريا مطبعة بالفعل مع إسرائيل في كل المجالات"، ساخرا بقوله: "وبالتالي، جاء الدور على السينما".
مسلم، أضاف بحديثه لـ"عربي21"، أنه "من الأولى طرح التساؤل: لماذا تنبطح الأنظمة العربية أمام إسرائيل؟"، معتبرا أن "هذا هو الخطر الحقيقي الذي تمثله إسرائيل في المنطقة العربية، وأن التطبيع الثقافي مجرد نتائج صغيرة".
ولكن، هل الفن العربي يحتاج هذا التطبيع ليخرج من كبوته ويصل للعالمية؟
يجيب الكاتب المسرحي بقوله إن "السينما العربية تحتاج إلى سينمائيين أولا. أما خطوة التطبيع من الدول العربية الست هذه، فهي مجرد جسر انتهازي يعبر عليه من يعدّون أنفسهم سينمائيين، وهم ليسوا كذلك".
وحول غياب أصوات الفنانين العرب الرافضين للتطبيع، الذين كان آخرهم من مصر الفنانة نادية لطفي التي رحلت قبل أيام، يرى مسلم أن "الموقف الآن من إسرائيل هو موقف فردي بحت متعلق بالتقدير الذاتي لكل فنان".
وأكد أنه لا يستطيع الآن توجيه اللوم لأي شخص يسعى لعمل علاقات مع إسرائيل؛ لأن "الدولة نفسها لها التوجه ذاته، وبمنتهى الخزي".
وأشار إلى أن رؤوس الأموال الإنتاجية قد تكون سببا في قلة أو عدم إنتاج أعمال تساند القضية الفلسطينية، التي كان آخر ما أنتجته مصر في هذا الإطار فيلم "ناجي العلي"، للفنان الراحل نور الشريف.
وأرجع مسلم تلك الحالة إلى أن "سوق السينما تسيطر عليه كيانات بعيدة عن الفن"، مضيفا أنه "حتى الدولة نفسها تقمع كل من يناقش الصراع العربي الإسرائيلي".
"مجرد مرتزق"
من جانبها، وصفت الناقدة الفنية الأردنية، إيمان نبيل، ذلك الخبر بأنه الأسوأ في هذا المجال خلال العام الجاري، معلنة تعجبها من سباق الدول الست نحو التطبيع السينمائي مع إسرائيل، متهكمة بقولها: "يهرولون على أساس أن إسرائيل هي هوليوود الشرق؟".
نبيل، قالت لـ"عربي21"، إن "ما يحدث عيب كبير وسبة في جبين السينما العربية، خاصة أن دولة الكيان ليس عندها فن من الأساس"، مشيرة إلى أن "كل أغانيهم ألحانها مسروقة، كما أنهم يشاركون بمهرجان الأغنية الأوروبية؛ لأن محيطهم يرفضهم، وأوروبا نفسها تلفظهم في تلك المسابقة".
وتعتقد أن "ذهاب أفلام من ست دول عربية للمشاركة في مهرجانهم يمنحهم أهمية وقيمة"، لافتة إلى أن "كل هذا التفريط دون قيمة حقيقية أو عائد يفيد السينما العربية أو حتى عائد مادي على من يشاركون؛ لأنهم مثلا لا يمنحون جوائز أوسكار".
وأعربت الناقدة الفنية الأردنية عن أسفها لغياب جيل العمالقة، الذين كانوا يقدرون للقضايا العربية والفلسطينية منها قدرها، ويرفضون التطبيع، مشيرة إلى أن "اختفاءهم جاء بعد ما حصل للجيل الحالي من عمليات غسل للأدمغة، التي أوصلتهم للإيمان بأن الفلسطيني ليس أخا، بل إنه باع أرضه، وأنا لست المسؤول".
وختمت بقولها إن توجيه رؤوس الأموال الإنتاجية بعيدا عن قضايا الأمة العربية "مصيبة أكبر، جعلت الفنان بلا قيم، وتحول لمجرد مرتزق فقط".
"وحل أهل الفنون والثقافة"
وفي رؤية سياسية، قال السياسي المصري إيهاب شيحة، إن "ورقة التوت سقطت، والستار المسدول رُفِعَ؛ لتظهر سوأة المطبعين، وينكشف تطبيعهم وعلاقتهم في الحرام مع الكيان الصهيوني، وكل ما بعد ذلك من مظاهر تتكشف الآن ليست سوى مجاهرة بما كان يتم خلف الستار".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن "قطار التطبيع انطلق يوم زار أنور السادات هذا الكيان، وبدأت سيطرتهم يوم توقيع اتفاقية الاستسلام ومن يومها"، مضيفا أن "كل الحكام ونخبهم تتسابق للحاق به، حتى أصبح الحكام العرب جميعا في كفة واحدة مع نتنياهو".
وأشار شيحة إلى أن "الجديد هو المشاركة النخبوية المثقفة في هذا العار التطبيعي"، مستدركا بقوله: "ولكن عندما تكون النخب الحقيقية في السجون، أو مبعدة ومطاردة، فمن الطبيعي أن النخب الفنية والثقافية صناعة الأنظمة، والتابعة تبعية كاملة لها، هي التي تتصدر، وهي من لا ترى غضاضة في التطبيع".
ولفت إلى ما أسماه "التطور الأريب والجديد في مصر، بعد إعلان صفقة القرن وبيان الخارجية المصرية المرحب بها، لم نسمع صوتا واحدا لأحد المثقفين القومجيين يعلن رفضه لها".
وأضاف: "لم نسمع صوتا واحدا من أهل الفنون والثقافة الذين اعتبروا يوما في عهد الدكتور محمد مرسي أن وزير ثقافة ليس يساريا هو تهديد لحريتهم"، متسائلا: "أين هؤلاء الآن من هذا العار؟".
وختم السياسي المصري حديثه بالقول: "كنت أظن كراهيتهم للإسلام السياسي فقط هو ما دفعهم لدعم العسكر، لكنهم في وحل أشد بصمْتهم، بل ودعم بعضهم للمتصهينين والصهاينة".