كتب مراسل صحيفة "الغارديان" في القاهرة، باتريك كينغزلي، عن المعاناة التي يواجهها الإعلام الدولي الذي يغطي الأحداث الجارية في
مصر.
وقال كينغرلي إن دعوات وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ الدولة المصرية لإظهار التزامها بعملية سياسية شاملة، وضمان كامل لحرية التعبير جاءت في وقت وجهت فيه النيابة العام المصرية اتهامات لصحافيين عاملين في قناة "
الجزيرة" منهم بريطانيان، وهما ليسا في مصر مثل بقية المعتقلين، ومنهم صحافي أسترالي، بيتر غيرست.
وعبّر هيغ عن مخاوفه من القمع الذي تمارسه الدولة على حرية التعبير.
وتأتي تصريحات الوزير البريطاني في وقت لم تؤد فيه تصريحات نظيره المصري في الحكومة المؤقتة، نبيل فهمي التي قال فيها "نرحب بالصحافيين" لطمأنة العاملين في الصحافة الأجانب في مصر، حيث باتوا يخشون من تغطية التظاهرات المعارضة للحكومة المدعومة من الجيش، لأن قوات الأمن تقوم بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، وتوجه اتهامات لمن يقوم بتغطيتها بأنهم يمثّلون صوتا لجماعة الإخوان المسلمين التي تقول الحكومة إنها تخوض حربا معها.
ففي المفهوم المصري وكما ورد في الدستور، وفق الصحيفة، فالبنود المتعلقة بالإعلام غير واضحة ذلك أنه يربط حرية التعبير والإعلام بحالة الحرب، وهو ما تستخدمه الحكومة الآن لقمع حرية التعبير وتصور حربها على الإخوان بأنها "ضد الإرهاب".
وفي الوقت الذي يخشى فيه الصحافيون الاقتراب من تظاهرات المعارضة، أصبحوا يخشون أكثر الاقتراب من التظاهرات المدعومة من الحكومة والمؤيدة لها، لأن المتظاهرين عادة ما يتهمون كل صحافي بأنه مراسل للجزيرة، كما حدث لنادين مروشي، وهي صحافية بريطانية كانت تعمل سابقا في وكالات أنباء، وتعمل في مصر منذ عام 2011، بحسب ما ذكرته الصحيفة.
وكانت نادين تقوم بمقابلة أحد مؤيدي الحكومة وكان في طريقه لميدان التحرير، عندما اتهمهما بالعمل مع قناة الجزيرة "وظل يردد، جزيرة، جزيرة"، ثم قال إنه "يجب اعتقالها" في قصة تثير خوف كل صحافي.
وبدأ المتظاهرون يهاجمون مروشي، وقالت إن "إمراة حاولت خنقي باستخدام غطاء رأسها"، قبل قيام الشرطة بأخذها لبناية قريبة، لكن الغوغاء ظلوا يطرقون الباب يريدون ملاحقتها.
وأشار كينغزلي لشجب منظمات دولية عدة لـ"حملة القمع" في مصر، منها منظمة العفو الدولية التي ناشدت الحكومة المصرية عدم منع حرية المواطنين في التعبير عن رأيهم، وذلك بعد إحالة صحفيين بريطانيين للمحاكمة بتهمة نشر أخبار كاذبة ومساعدة جماعة إرهابية.
ويقول كينغزلي إن كلا من سو تورتون ودومينك كين العاملان في "الجزيرة الإنكليزية" كانا ضمن نحو 20 صحفيا آخرين وجهت إليهم تهما بالعمل على تشويه صورة البلاد في الخارج، ومساعدة جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس المنتخب محمد مرسي، والتي تعتبرها الحكومة الانتقالية حاليا جماعة إرهابية. مضيفا أن "الصحفيان في خارج مصر الآن، وينفيان كل التهم الموجهة إليهما".
وأشار الكاتب إلى أن الصحافة العالمية تتعرض لهجوم من الحكومة، لأنها على خلاف الصحافة المحلية عادة ما تحاول مساءلة رواية الحكومة.
ولهذا السبب زعمت المؤسسات الإعلامية المحلية -خاصة وحكومية- ترى أن الإعلام الأجنبي-كله– ممول من الإخوان المسلمين أو جواسيس أجانب.
وبحسب الصحافية الهولندية التي فرّت من مصرـ رينا نتييس فإن "المصريين يعتقدون أنهم في حالة حرب مع الإخوان المسلمين، وأي شخص يعطيهم المايكرفون للحديث ينظر إليه على أنه يعمل لتدمير مصر"، وتضيف أنهم يريدون بالحالة هذه "إسكات كل صوت يعطيهم صوتا" للتعبير عن رأيهم.
ويضيف كينغزلي، أنه في الوقت الذي يفتح المصريون قلوبهم للسياح القادمين لمصر، عانى كل صحافي أجنبي يعمل في القاهرة من تحرش الجماهير بهم ومحاولة ضربهم سواء من السكان المحليين أو الشرطة.
وفي نفس الوقت الذي ضربت فيه مروشي، نقل فريق تصوير تلفزيوني ألماني للمستشفى بعد الهجوم عليهم، بالإضافة إلى
الاعتداء على صحافي إيطالي بالضرب.
وفي اليوم الذي أحيت فيه مصر الذكرى الثالثة لثورة 25 كانون الثاني/ يناير ضرب 24 صحافيا، حسب لجنة حماية الصحافيين.
ويتحدث الكاتب هنا عن ملاحقة وقمع النظام المدعوم من الجيش لليبراليين، حيث داهمت الشرطة في 22 كانون الثاني/ يناير منزل حسام منيعي، الذي يعمل في مجال الأفلام الوثائقية، وهو حادث صدم الكثيرين حسب صديقه البريطاني نزار مانيك الذي قال: "سحقوا الإخوان المسلمين، والآن يلاحقون الليبراليين العلمانيين، وأي لاعب غير سياسي يمكن أن يشكل تهديدا لهم".
وشهد مانيك
اعتقال زميله حسام الذي قال إنه كان عاديا "ولكن فكرة مداهمة بيته تعني أنه يمكن مداهمة بيت أي شخص".
ويضيف كينغزلي أن الحكومة المصرية المؤقتة تؤكد على حرية عمل الصحافيين في مصر، لكن هناك أدلة أنها تضع معوقات كثيرة أمام عملهم خاصة المراسلون الراغبون بالحصول على تصريح عمل.
ويعتبر عمل المصورين الصحافيين من أخطر المهن الآن في مصر، فلا يتطلب عملهم الاقتراب من نقاط المواجهات، بل ويجعلهم عرضة لشك الشرطة التي تفتشهم وتصادر معداتهم.
وبحسب مصعب الشامي، شقيق عبدالله الشامي، أحد صحافيي الجزيرة المعتقلين قال إن "مناخ الخوف الذي خلقته الحكومة جعلت الناس يشكون بكل شخص يحمل كاميرا، مثلما يشكون بكل شخص يبدو على ملامحه أنه أجنبي".