ذكرت صحيفة "كريستيان ساينس مونتيتور"، في تقرير لنيكولاس بلانفورد، أن الحكومة
الإيرانية استثمرت في بقاء النظام السوري 35 مليار دولار أمريكي.
ويقول بلانفورد إن إيران كانت مهمة لنجاة النظام السوري لبشار
الأسد في الحرب الأهلية التي تشهدها
سوريا منذ أربعة أعوام، فقد أرسلت إلى سوريا آلاف الجنود وعناصر الحرس الثوري الإيراني، وقدمت قروضا للنظام السوري بالمليارات لدعم الاقتصاد.
ويستدرك التقرير، الذي اطلعت عليه "عربي21"، بأنه رغم الدعم الذي قدمته إيران كله، إلا أن النظام السوري خسر الشهر الماضي أمام قوات المعارضة السورية، في سلسلة من التراجعات العسكرية.
وتبين الصحيفة أن النظام يعاني من نقص في الجنود وعناصر الميليشيات، ما جعله أكثر اعتمادا على الحليف القوي له إيران.
ويشير الكاتب إلى الطريقة التي تعامل فيها المسؤولون الإيرانيون مع سوريا، حيث رأوا فيها منطقة استراتيجية مهمة، ويبدو أنهم غير مستعدين للنظر في خيار غير الخيار العسكري لهزيمة المعارضة. متسائلا إلى أي مدى تستطيع إيران، البلد الذي يعاني من وطأة العقوبات، مواصلة دعم الأسد؟.
وينقل التقرير عن السفير الأمريكي السابق في دمشق روبرت فورد قوله: "يمكن للإيرانيين تقديم دعم إضافي من المقاتلين، ومع مرور الوقت ستصبح فائدة القوات الأجنبية قليلة". ويضيف فورد، الذي عمل سفيرا في الفترة ما بين 2010 إلى 2014: "هذا لا يعني انتصار قوات المعارضة على النظام، ولكن الأخير سيصبح في وضع حرج مع تحول حرب الاستنزاف ضده".
وينوه بلانفورد إلى أنه يُعتقد أن الجيش السوري تكبد خلال حرب السنوات الأربع الماضية ما بين 80 ألف إلى مئة ألف قتيل وجريح، ويعد هذا ضربة لمعنويات وقدرات المؤسسة العسكرية.
وتذهب الصحيفة إلى أن إيران جلبت عناصر الحرس الثوري، ومقاتلين من حزب الله اللبناني، وأعضاء الميليشيات الشيعية من العراق، وكذلك مقاتلين شيعة من أفغانستان، لتعويض الخسائر.
وتضيف أن إيران ساعدت بإنشاء قوة الدفاع الوطني بـ80 ألف عنصر. وفي الوقت الذي منحت فيه هذه القوات النظام السوري فرصة للتنفس، إلا أنها لا تزال تفتقد الفاعلية، ولا تستطيع شن هجمات على جبهات متعددة.
وينقل التقرير عن ضابط سوري سابق قوله: "لا يتوفر لدى الأسد حشد من القوات لتحقيق النصر، ومن أجل الانتصار فإنه يحتاج إلى إقناع ما بين 200 إلى 300 ألف أم لإرسال أبنائهن للقتال، ولكن لماذا يريد أب أو أم سنيين إرسال ابنهما للموت من أجل بشار الأسد؟".
ويرى الكاتب أن مشكلة نقص القوات العسكرية ترافقت مع التنسيق بين القوى السنية في سوريا مع
السعودية وتركيا وقطر والأردن. ففي بداية آذار/ مارس، التقى الملك السعودي سلمان بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واتفقا على "ضرورة تعزيز الدعم للمعارضة السورية بطريقة تثمر نتائج".
ويجد التقرير أن الثمار جاءت سريعة، ففي الشهر الماضي خسر النظام مدينة إدلب وبصرى الشام في الجنوب ومعبر نصيب، ويوم السبت سيطرت المعارضة على البلدة الشمالية جسر الشغور، وفي الجنوب توقفت الحملة الإيرانية في القنيطرة ودرعا؛ بسبب المقاومة الشديدة من المعارضة، وتم تأجيل الحملة التي كان يعد لها حزب الله في سلسلة جبال القلمون.
وتفيد الصحيفة بأن سيطرة المعارضة على جسر الشغور تعني أنها تسيطر على أكبر تجمعين سكانيين في محافظة إدلب، وهو ما يسمح لها بشن هجمات في غرب البلاد، خاصة في محافظة اللاذقية. وفي حال نجحت المعارضة بإخراج قوات الأسد من محافظة إدلب كليا فسيصبح الطريق الواصل إلى حلب أكثر خطرا.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن سوريا تعد واحدة من المناطق الاستراتيجية التي تربط ما بين طهران وحزب الله، فيما يعرف بمحور المقاومة. ففي شباط/ فبراير قال أحد أبرز رجال الدين الإيرانيين، معلقا على أهمية سوريا: " لو هاجمنا العدو وأراد مهاجمة سوريا أو محافظة خوزستان، فالأولوية لسوريا". وأضاف "لو احتفظنا بسوريا فسنحتفظ بخوزستان، ولكن لو خسرنا سوريا فلن نستطيع الحفاظ على طهران".
وتنقل الصحيفة عن دبلوماسيين قولهم إن إيران تنفق ما بين مليار إلى ملياري دولار في الشهر لدعم نظام الأسد. وأخبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، اجتماعا خاصا أن إيران أنفقت ما يقرب من 35 مليار دولار في العام على سوريا.
وتقول الخبيرة بحزب الله، والمديرة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، رندا سليم: "اعتبرت إيران سوريا دائما بوابتها للمنطقة العربية، ولا أعتقد أن هذا الرأي قد تغير". لكن النكسات التي أصابت الأسد في الشمال والجنوب قد تدفع إيران لنصحه بأن يتخلى عن حلب، في حال وسع المقاتلون سلطتهم في محافظة إدلب، لكن خسارة حلب، التي تعد أكبر مدينة سورية وقلبها التجاري، ستكون ضربة معنوية قاصمة للنظام، بحسب الصحيفة.
ويعتقد بلانفورد أن مصالح إيران الاستراتيجية في سوريا لا تتطلب سيطرة النظام على البلاد كلها، فما يهم إيران هو الممر الذي يربط دمشق مع طرطوس، الذي يمر قريبا من الحدود اللبنانية. وهو ما سيسمح لطهران بمواصلة شحن الأسلحة لحزب الله.
وتعرض الصحيفة لرأي الباحث في مركز كارنيغي للسلام العالمي كريم سجادبور، الذي يقول إن "إيران ليست ملتزمة بحماية الأسد شخصيا.. إنهم مهتمون بحماية مصالحهم في سوريا". ومع ذلك فقد استثمرت طهران الكثير في سوريا، وليس أمامها أي خيار سوى مضاعفة جهودها لمساعدة حليفها المحاصر.
وتخلص "ساينس مونيتور" إلى أنه بالرغم مما يقال عن أثر الاتفاقية النووية على العقوبات المفروضة على إيران، حيث ستؤدي لرفعها، وبالتالي زيادة الدخل القومي بشكل يجعل إيران قادرة على مساعدة حلفائها في المنطقة، إلا أن التحالف السني ونقص الجنود لا يعملان في صالح الأسد.