ترددت كثيرا في الآونة الأخيرة، قصة حفر الخنادق في
العراق. فبعدما باشرت سلطات
كردستان العراق بحفر خندق حول الإقليم، فقد أعلنت العاصمة العراقية
بغداد، البدء في إقامة جدار عازل وحفر خندق حول كامل المدينة.
وذكرت صحيفة "لاستامبا" الإيطالية، الأربعاء، أن "الجيش العراقي باشر ببناء جدار أمني، سيحيط بالعاصمة بغداد بغرض منع مسلحي (تنظيم الدولة) من دخولها".
وقال قائد عمليات بغداد الفريق الركن عبد الأمير الشمري، بحسب الصحيفة، إن "انطلاق الأشغال، ببناء الجدار كانت منذ بداية شباط/ فبراير الجاري، بالتوازي مع حفر خندق دائري حول المدينة، بعمق مترين وعرض ثلاثة أمتار، إلى جانب طريق دائرية، وإقامة أبراج مراقبة، ونظام إلكتروني للاستشعار".
من جانبه، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد سعد معن، أن "المشروع سيكون على مرحلتين، الأولى تشمل مناطق شمال وغرب العاصمة، وبعد الانتهاء سيتم التحول إلى الجهات الأخرى"، مشيرا إلى أن "المرحلة الأولى من المشروع ستنتهي خلال ستة أشهر وستتزامن مع رفع خمسين بالمئة من الحواجز".
عزل العاصمة
أثار قرار بناء إقامة سور حول العاصمة، رفض بعض السياسيين من مجلس محافظة بغداد نفسها. وأكد المتحدث باسم المجلس فاضل الشويلي، أن المشروع الذي انطلق الجيش في تنفيذه قديم ويعود إلى فترة طويلة، ولكن نجاعته كانت ولا تزال محل شكوك، بما أنه يستحيل عمليا عزل بغداد عن بقية البلاد، بحسب الصحيفة الإيطالية.
وأضاف الشويلي أن "الجيش أحيا المشروع بشكل منفرد، حتى إنه لم يكلف نفسه مخاطبة مجلس المحافظة لإحاطته علما بالمشروع".
وذكرت وسائل إعلام عراقية محلية، أن بناء الجدار سيبدأ في منطقة الصبيحات على بعد 30 كلم غرب بغداد، من أجل عزلها عن الفلوجة، التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في الوقت الحالي.
وتحيط الجدران العازلة ببعض الأحياء في بغداد حاليا، وسوف يزال بعضها لأنه لن تكون هناك حاجة لها بعد بناء الجدار حول العاصمة، بينما ستبقى الجدران حول ما يسمى "المنطقة الخضراء" التي تحوي المؤسسات الحكومية والبرلمان والسفارات الأجنبية، بحسب وسائل إعلام عراقية.
تغيير ديمغرافي
بدوره، دافع عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، سعد المطلبي، عن "سور العاصمة"، لافتا إلى أنه سيحقق الأمن بشكل واسع، نافيا الاتهامات بأن "بناء السور مرتبط بإحداث تغيير ديمغرافي".
ونقلت شبكة "رووداو" العراقية، عن المطلبي قوله، إن "سور بغداد ضروري جدا لحماية أمن العاصمة، ويعد عاملا هاما لوقف اختراقات تنظيم الدولة".
وأشار إلى أن "إنشاء السور لن يكلف الدولة أموالا إضافية، بل إنه سيعتمد على نقل الحواجز الكونكريتية من داخل العاصمة إلى ضواحيها"، موضحا أن "هناك سبعة أقضية عند أطراف بغداد تتطلب توفير الحماية من اختراقات (تنظيم الدولة) القادم من مناطق عدة، وبالأخص من الجهة الغربية لبغداد".
وشدد المطلبي، وهو عضو في ائتلاف رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، على أن سور بغداد يختلف عن خندق إقليم كردستان الذي بني في المناطق المتنازعة ويهدف لإحداث تقسيمات في الأراضي واقتطاع أجزاء منها.
انفصال كردستان
شكل حفر الخندق حول إقليم كردستان، ردات فعل مشككة من الحكومة العراقية، وتكهنات في بغداد بأن أربيل تعتزم الاستناد إلى الخندق في ترسيم الدولة الكردية المرتجاة بعد استفتاء في المستقبل على الانفصال عن العراق، وهو يتمسك به رئيس الإقليم مسعود بارزاني.
يشار إلى أن
البارزاني، قال في وقت سابق، خلال حديثه لصحيفة "الغارديان" البريطانية: "إن المجتمع الدولي وبشكل عام بدأ يتقبل أن العراق وسوريا سوف لن يعودا دولة موحدة من جديد بسبب الأوضاع المضطربة على مدى العقد الماضي، ولا يمكن أن نفرض التعايش الإلزامي بين المكونات بعد الآن".
وكانت سلطات إقليم كردستان العراق باشرت بحفر خندق على الحدود مع سوريا، في إطار خطة أمنية لوقف تسلل مسلحين إلى العراق عبر الأراضي السورية، بحسب ما أفاد به مسؤولون محليون.
من جانبه، نفى الحزب الديمقراطي الكردستاني، الخميس 15 كانون الثاني/ يناير، الأنباء التي تحدثت عن قيام قوات البيشمركة بحفر خندق يمتد من قضاء سنجار بمحافظة نينوى، إلى قضاء خانقين في محافظة ديالى.
ونقلت وكالة "المدى برس" العراقية عن مسؤول في الحزب، برئاسة البارزاني، قوله، إن "حفر الخنادق في مناطق أخرى يأتي لصد أي هجمات محتملة يقوم بها تنظيم الدولة في مناطق التماس".
يذكر أن محمد مهدي البياتي، القيادي في التحالف الوطني العراقي (أكبر تكتل شيعي)، رأى في تعليق سابق على حفر خندق الإقليم، أن المسألة مرتبطة بترسيم الحدود الإدارية والسياسية، لأن الجميع، كما قال: "يسعون إلى تقسيم العراق بمباركة أمريكية".