سياسة دولية

هيرست: من يدافع عن المسلمين.. سلمان أم أردوغان أم ميركل؟

الرئيس التركي والعاهل السعودي تجاهلا الحديث عن قرارات ترامب في اتصالهما معه- أرشيفية
قام الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، بمقارنة أول مكالمات هاتفية بين ثلاث قيادات عربية وغربية مع الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب

وعاب هيرست في مقال ترجمه "عربي21" عن "ميدل إيست آي"، صمت وتجاهل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحديث عن حظر دخول المسلمين لأمريكا في مكالمته مع ترامب، كما أنه أشار إلى العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز الذي سار على النهج نفسه في تفضيل "الصمت" على البوح والمواجهة.

وأكد الكاتب البريطاني أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل استغلت أول مكالمة هاتفية لها مع ترامب بعد توليه الرئاسة، لتعطيه درسا حول ما الذي يعنيه أن يكون المرء من الموقعين على معاهدة جنيف (الخاصة بحقوق اللاجئين وعدم التمييز).

وتساءل ديفيد هيرست في مقاله، عن من يتكلم دفاعا عن المسلمين؛ هل العاهل السعودي سلمان أم الرئيس التركي أردوغان أم المستشارة الألمانية ميركل؟

الصمت المطبق
  
وأكد الكاتب البريطاني أن مصدرا سعوديا رفيع المستوى كشف لوكالات الأنباء أنه "ليس لديه علم بما إذا كان الزعيمان، ترامب وسلمان، قد ناقشا الأمر الذي أصدره ترامب وفرض بموجبه حظرا لمدة أربعة أشهر على دخول اللاجئين إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأغلق الباب في وجه المسافرين إليها من سوريا ومن ست بلدان أخرى ذات أغلبية سكانية مسلمة". 

واعتبر هيرست أن ذلك يعني أن سلمان لم يتفوه بكلمة واحدة حول هذا الأمر، ولعله أمسك لسانه عن التلفظ بشيء خشية ما قد يفعله بعد ذلك هذا الرجل المجنون الذي يقطن البيت الأبيض.

وقال ديفيد هيرست: "لقد كانت تلك الخشية، بلا أدنى ريب، هي المحفز على إسكات أفضل محلل للأخبار الدولية في المملكة العربية السعودية الصحفي جمال خاشقجي (وكان شيء مشابه قد جرى للأكاديمي والمستشار الإماراتي عبد الخالق عبد الله).. أم إن سلمان تصرف انطلاقا من حاجته الماسة إلى حماية الولايات المتحدة الأمريكية؛ تلك الحاجة التي تدفعه لأن يفعل كل ما في وسعه لكي يحظى برضى ترامب؟".

وتساءل: "ماذا يوجد لدى خادم الحرمين الشريفين ليقوله لترامب حول قراره منع المسلمين من دخول أمريكا، أو حتى بشأن التمييز الذي يمارسه رئيس الولايات المتحدة بين المسلمين والمسيحيين في البلدان العربية؟".

وشبه حالة الملك سلمان بحال الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي طُلب منه (من قادة عرب) أيضا ألا يثير الموضوع المحرج المتمثل باقتراح ترامب نقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس، سواء داخل الجامعة العربية أم داخل منظمة التعاون الإسلامي. 

أردوغان "قصير النظر"
 
واعتبر الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، أن سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قصيرة النظر لأنه سار في خط زعماء العرب من خلال الانتظام في صف واحد خلف ترامب.

وقال هيرست إن "الرئيس التركي أثنى على ترامب لأنه وضع مراسل السي إن إن في المكان الذي يستحقه، وذلك بعد أن رفض الرئيس الأمريكي قبول سؤال من مراسل الشبكة جيم أكوستا، وذلك ردا على قيام المؤسسة الإخبارية بنشر تقرير حول الجهود الروسية لاستضعاف الساكن الجديد للمكتب البيضاوي داخل البيت الأبيض". 

وأضاف أنه لم يمض زمن طويل على أردوغان منذ أن صب جام غضبه على وسائل الإعلام الدولية؛ فقد اتهمها بنشر معلومات ملفقة حول احتجاجات ميدان غازي في عام 2013. إلا أنه لم يكن حريا به أن يعود بالذاكرة حول "السي إن إن" إلى ذلك العهد، فقد كانت "السي إن إن" التركية – وهي فرع عن "السي إن إن" الدولية – هي التي بثت نداء أردوغان عبر هاتفه الآي فون إلى الأتراك ومناشدته إياهم الوقوف بحزم في وجه المحاولة الانقلابية في تموز/ يوليو الماضي.

وتابع ديفيد هيرست قائلا: "لربما كان من أهم إنجازات بث تلك المكاملة إنقاذ حياة أردوغان، لكن يبدو أنه نسي ذلك تماما". 
 
وخلص هيرست إلى أن "سكوت زعماء العرب عن سياسات ترامب سوف تعمد أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل إلى استخدام ترامب كفرصة ذهبية تتيح لها المضي قدما في تنفيذ أجندتها، والتي تتمثل في الاستمرار في توسيع الاستيطان في الضفة الغربية والاستمرار في حملتها ضد مواطني إسرائيل من غير اليهود وكذلك ضد سكان القدس". 

جدل "الإسلاموفوبيا"

أكد الكاتب البريطاني ديفيد هيرست أن ترامب جلب الإسلاموفوبيا إلى موقع متصدر في الجدل السياسي الجاري داخل التيار العام. فجأة ظهرت لوحات كتب عليها "نحن جميعا مسلمون". 

وأوضح هيرست أن "ترامب يقوم بتلويث أكثر مؤيديه حماسة له، من أمثال رئيس وزراء الاختلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كما أنه يقوم في الوقت نفسه بإقصاء اليهود الليبراليين واستعدائهم"، إذ أيقظ الذكريات المؤلمة لليهود الذين لجأوا إلى أمريكا هربا من البطش الذي نالهم في روسيا وفي أوروبا الشرقية، كم أنه أنجز حتى الآن ما لم يفلح أي من الصراعات الشرق أوسطية في فعله، ألا وهو إثارة الضمير الغربي".
 
وأشار إلى أن "زعماء العرب في هذه اللحظة الزمنية يديرون ظهورهم وقد انهمكوا تماما في حساباتهم المتعلقة بالحفاظ على أنظمتهم الفاسدة. كان ينبغي على البلدان المسلمة أن تقف في الصف الأول دفاعا عن فلسطين". 
 
وشدد الكاتب البريطاني على أن "ساعة أمريكا الأشد حلكة في زمن السلام هي ذاتها أحلك ساعات القيادات العربية، فهم، مثلهم في ذلك مثل ترامب، سيكتشفون في العاجل أنهم في حاجة إلى المصداقية التي يهدرونها حاليا من خلال إخفاقهم في الدفاع عن الحق، على العكس تماما من مئات الآلاف من الناس العاديين الذين يناضلون بالنيابة عنهم في شوارع لندن وواشنطن ونيويورك".

ووصف ديفيد هيرست "مواقف القادة العرب بأنها وصمة عار عليهم، وهم يستحقون عن جدارة المصير الذي ينتظرهم حينما تحصل شعوب العالم العربي على فرصتها لتخلص نفسها من طغاتها".