هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعتقد أن أول مشهد بدأ يختفي من العالم العربي بسبب التحولات العميقة التي هزته هو مشهد السياف مسرور الذي كان رمزاً أدبياً ودمويا للحكم المطلق وعنواناً عربياً تاريخياً لجمع كل السلطات في يد الحاكم العربي، ولم يكن السياف مسرور سوى الجلاد الجاهز لتنفيذ أي حكم فردي وفي الحال بدون تردد أو نقاش..
لن نختلف مع أحد في تشخيص الحالة العربية من المغرب إلى المشرق ولن نتجادل مع بشر إلا في تفاصيل وضع كارثي بأتم ما تعنيه الكلمة من معان، وهو وضع يزداد سوءا يوما بعد يوم. انتهى طور الثورات التي صُفّيت بالحديد والنار لكن الحالة التي أعقبت ذلك لم تزد الوضع العام إلا فسادا..
الدافع الأساسي لهذا الكتاب يكمن في أمرين رئيسيين، الأول الإسهام في بلورة مفهوم الدولة وبحث قضاياها الرئيسية، والثاني أن موضوع الدولة حاسم بالنسبة إلى الانتقال الديمقراطي، لأنه لا يمكن الوصول إلى تعددية ديمقراطية في ظل شروخ اجتماعية عميقة تجعل الدولة هشة..
الحقيقة التي لا يريد بعض الغافلين كشفها هي أن الفساد وأكبر الكبائر السياسية في تونس مثلا كنموذج لم يولد عام 87 بل تمأسس وترعرع منذ عهد مؤسس الدولة الحبيب بورقيبة وبعده زين العابدين لأن جمرة الفساد نائمة تحت الرماد ثم اندلع لهيبها وانتشر بطريقة سريعة ومس كل مفاصل الدولة وتحول إلى ثقافة عامة وشعبية..
إن جسم هذه الأمة لا تدبّ فيه الحياة الحضارية إلا بتسديد الفكر الذي يرسم طريق حياتها، ويوجه سيرها، وكيف لسفينة أن تقلع بأمان وربّانها لا يملك من خصال الخبرة ما يقدر به على أن يوجهها الوجهة الصحيحة للإقلاع؟!
شهد الوطن العربي والعالم في الأسبوع الأخير من شهر آب/ أغسطس انتفاضة شعبية في ليبيا ضد لقاء تطبيعي ضم وزيرة خارجية حكومة طرابلس مع وزير خارجية الكيان الصهيوني أدى إلى إقالتها وفتح تحقيقات واسعة حول هذا الاختراق لقوانين ليبيا وتاريخ شعبها الوطني..
في نهاية عقد التسعينيات من القرن الماضي لم تنشر الدول العربية مجتمعة ً إلا (1945) كتاباً أدبياً وفنياً؛ كما أن الناشرين يعتمدون سياسة التنويع في إصداراتهم، وقلما توجد دور نشر متخصصة في مجال معين..
في هذه الدراسة يعرض الكاتب محمد عريف مذكرات لعدد من القادة السياسيين والدبلوماسيين العرب في عدة أجزاء، والجزء الأول الذي بين أيدنيا ضم مذكرات كلا من علي عزت بيجوفيتش، وبطرس غالي وغيرهما، وهي مذكرات جمعها الكاتب وقدمها عبر فضائية العربي..
أشدّ ما تبتلى به النخب السياسية، سواء في الحكم أو المعارضة، هو التعويل على الخارج، والرهان على "دور أجنبي"، أو "ضغط خارجي"، لتحقيق أهداف "وطنية"، أو إحداث تحول سياسي عميق، يؤسس للديمقراطية، ودولة القانون والمؤسسات، ويمهّد للتداول السلمي على السلطة..
لعل مأتى الاحتراز حول الديمقراطية أن يرتبط بسعي من تبنوها من المسلمين إلى استيراد النموذج الغربي دون أن يأخذوا بعين الاعتبار العناصر الثقافية المحلية أو أن يرتبط بعملها على فرض أفكارها في عديد المسائل الثقافية (حقوق المرأة، دور الدين في المجتمع)..
ما هو حادث هو أن قضية فلسطين، التي بسببها يُفترض أن العرب يعادون إسرائيل، لم تعد قضية عربية (من الناحية الرسمية)، بل قضية فلسطينية "شخصية"، أي تهم الفلسطينيين وحدهم، بعد أن نفضت معظم الدول العربية أيديها منها، ولكن ما زالت قلوب المواطنين العرب على فلسطين..
إن صلاحية أي تشريع تقرر على أساس صلاحية قيمه، ومبادئه، وتجانسه مع الواقع، فالسياسة التشريعية الرشيدة يتعين أن تعتمد على عناصر متجانسة مع البيئة التي تضبطها، فإن قامت على عناصر متنافرة معها افتقدت الصلة بين النصوص ومراميها، بحيث لا تكون مؤدية إلى تحقيق الغاية المقصودة منها، باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصودا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق أهدافه المتعلقة بضب الحياة وإسعاد الناس.
يتفّق الجميع تقريبا على أن الشعوب اليوم من المشرق إلى المغرب ومهما اختلفت سياقاتها تتقدم بسرعة نحو الهاوية السحيقة التي وقعت فيها ليبيا وسوريا واليمن والعراق والسودان ولبنان. بل إن الجميع يقرأ الفنجان اليوم عن الدولة أو الدول التي سيأتي الدور عليها لتسقط في الخراب الكبير..
لست أشك في أن الكثير يقارن ما يجري في إسرائيل من تصد متين لإرادة المستوطنين إفساد شروط دولة القانون وفرض الفاشية السياسية وما يجري في أي بلد عربي بين اليسار خاصة وأدعياء الحداثة عامة من النخب العربية.
للحاكم العربي دائما مشروع وحيد، وهو البقاء على كرسي السلطة إلى الأبد، وتوريثه إلى سلالته إذا أمكن، وفي إطار ذلك، يكيف مخرجات سياساته لخدمة هذا المشروع، الذي يتطلب أحيانا كثيرة إجراء تعديلات دستورية، رغم أن الدساتير العربية لا قيمة لها.
سعيا وراء تبيّن أسباب الانكسار الذي آلت إليه الأمة من المحيط إلى الخليج تختلف الآراء وتتباين فمنهم من يرى أن الخارج والغرب تحديدا هو سبب أزمتنا وتخلفنا. يمثل الغرب من ناحية أولى السبب التاريخي لتخلف الشعوب العربية وهو الذي غزاها ثم احتلها عقودا فنهب ثرواتها ونصب على حكمها أشرس المستبدين..