تحدث الكاتبان كاثي- سكوت- كلارك وأدريان ليفي لعائلة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، بعد ستة أعوام على مقتله في عرينه في مدينة أبوت آباد الباكستانية، في أيار/ مايو 2011، ولزوجاته وأطفاله، الذين شاهدوا مقتل الزعيم على يد فرقة من القوات الأمريكية الخاصة "قوات الفقمة"، حيث راقب الرئيس الأمريكي باراك أوباما وطاقمه من الأمن القومي عملية القتل، التي تمت دون علم من السلطات الباكستانية.
وتشير صحيفة "صندي تايمز"، التي نشرت الجزء المتعلق بكيفية مقتل ابن لادن، تحت عنوان "راقبت مقتل والدي"، إلى أن الكتاب صدر عن دار بلوزمبيري، تحت عنوان "المنفى: رحلة أسامة بن لادن".
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن أحداث مقتل ابن لادن بدأت بعد تناول العائلة طعام العشاء، وتنظيف الصحون، والصلاة، ثم ذهب ابن لادن وزوجته الرابعة أمل إلى الطابق العلوي للنوم.
ويصف الكاتبان كيف استيقظت أمل في الساعة 11 ليلا في الأول من أيار/ مايو 2011، فيما كان زعيم تنظيم القاعدة يغط في نوم عميق، حيث استيقظت في منتصف الليل ورأسها مليء بالأفكار والقلق على مستقبل العائلة، ولاحظت فجأة صوتا، بدا وكأنه صوت عاصفة، واعتقدت أنها شاهدت شبحا يعبر من جانب الشرفة، وأصبح الصوت بعد ذلك واضحا بأنه صوت آلة ميكانيكية، وكان قويا حرك الستائر الصفراء المزينة بالزهور، والنوافذ، واستيقظ ابن لادن، وجلس في سريره والخوف في عينيه، وأمسكت أمل به، والشيء الذي كان يدور فوق انحرف بعنف إلى اليمين.
ويصف الكاتبان وصول فريق قوات الفقمة، الذي أعطاه باراك أوباما الأمر بالهجوم على أبوت آباد، التي كان يغطيها الظلام وكيف اصطدمت طائرة بلاكهوك بجدار المجمع الذي عاش فيه بن لادن وعائلته لسنوات، وتذكرت أمل قائلة: "كانت ليلة حالكة، وكان من الصعب الرؤية".
وتذكر الصحيفة أن هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها زوجة ابن لادن الصغيرة إلى الباحثين، حيث قدمت صورة عن الدقائق الأخيرة لابن لادن، قدمه لهما أفرادا من عائلته الناجين من تلك الليلة.
ويلفت التقرير إلى أن التحضير للهجوم بدأ منذ سنوات، حيث يصور الكاتبان بيت ابن لادن في أبوت آباد، بأنه كان يعاني من منافسات بين زوجاته وخلافات بين "الشيخ"، كما كان يعرف، وحراسه، الذين كانوا يريدون إخراجه، مشيرا إلى أنه كان مع ابن لادن في المجمع زوجته سهام، وزوجته الأخيرة أمل، التي تزوجها بالإضافة إلى خيرية، التي كانت مع ابنها حمزة في إيران، ونجوى قريبته وهي زوجته الأولى، التي تزوجها عندما كانت في سن السادسة عشرة، وأنجبت له 11 طفلا، وتركته قبل يومين من هجمات أيلول/ سبتمبر2011، لكنه اعتبر الزواج قائما، وكانت أمل الأطول إقامة معه (2002 – 2010)، وأنجبت له خمسة أطفال.
ويتحدث الكاتبان عن التوتر الذي ساد البيت مع قرار خيرية القدوم إلى باكستان، فرغم فرح العائلة، إلا أن ابن لادن شك وتساءل عن سبب إطلاق السلطات الإيرانية سراحها مع نجله حمزة، وشعر بالقلق عما إذا كانت المخابرات الإيرانية تراقبها، وكتب لها قائلا: "نريد أن نعرف إن كانوا يريدون مراقبتك، وأرسلوك في هذا الاتجاه وتتبعوا حركاتك"، وسأل إن تم تصوير أسنان خيرية بالأشعة، وهل ظهر شيء في سجلها الطبي، مثل وضع رقاقة تحت جلدها أو أسنانها، وهل تتذكر آخر مرة ذهبت فيها إلى طبيب الأسنان، أو آخر مرة شاهدها طبيب إيراني، ولهذا طالب "بكل تفصيل ليتخذ إجراءاته من الناحية الأمنية".
وتبين الصحيفة أنه أرسل مع الرسالة مالا وصندوقا من التمر السعودي؛ ليعينها على الرحلة، وأخيرا وصلت في 12 شباط/ فبراير 2011، حيث وقفت سيارة سوزكي كانت تحمل خيرية، وبدأ التوتر، وسط شكوك حول طريقة وصولها، فيما إن كانت مغفلة أم خائنة، وانتقدت خيرية الفوضى في قسم النساء، الذي امتلأ بالفوضى، والأدوات الوسخة والملابس القديمة.
ويفيد التقرير بأن ابن خيرية حمزة وصل في 29 نيسان/ أبريل 2011، لكن دون أن يجلب معه زوجته وأبناءه، ولم يبق إلا ليلة واحدة، وغادر في صباح 30 نيسان/ أبريل، لافتا إلى أنه بعيدا في أفغانستان كان 24 من قوات الفقمة ينتظرون أمر الرئيس الأمريكي أوباما، وفي الساعة 11 ليلا بالتوقيت المحلي تحركوا في رحلة تستغرق 90 دقيقة نحو أبوت آباد.
ويكشف الكاتبان عن أن أول ضحية للعملية كان خالد (22 عاما)، حيث ناداه والده للصعود إلى الأعلى، بعدما كان هو وأمه يراقبان هجوم الأمريكيين على المجمع من نافذة الطابق الثاني، فيما ذهبت أمل وسهام لطمأنة الأطفال الذين أصيبوا بالرعب، وعندما نظرتا إلى غرفة خيرية كان بابها مغلقا بإحكام، وفي الطابق العلوي، اجتمعت عائلة ابن لادن للصلاة والدعاء، إلا أن الشيخ أمر زوجتيه بالنزول قائلا: "إنهم يبحثون عني، وليس عنكم"، إلا أن أمل رفضت، فيما اختبأت ابنتاه مريم وسمية خارج الشرفة مع بعض إخوانهن، وبدأت سهام وخالد بطرق باب خيرية، التي كانت تراقب من نافذة غرفتها الخيالات الصامتة وهي تتقدم نحو البيت، وصرخ خالد قائلا: "سيشاهدونك ويطلقون النار عليك"، وفي الطابق العلوي كان ابن لادن وأمل وابنهما حسين يستمعون لرنين البنادق وقرقعتها، في الوقت الذي كان فيه الأمريكيون يغمرون البيت، وأخذ الشيخ يدعو ويصلي.
ويقول الكاتبان إن ما هو واضح أن البيت تحول إلى مصيدة موت، وأن شخصا ما قام بخيانة العائلة، مشيرين إلى أنه في الطريق إلى غرفة ابن لادن قتل الجنود خالد، حيث مشوا على جثته، وفجروا الباب الحديدي، وخرجت ابنتا الشيخ سمية ومريم وهما تصرخان، فأمسك قائد المجموعة بهما، ووضع كل واحدة منهما تحت إبطيه لحماية الفريق من أي حزام انتحاري.
وتورد الصحيفة أن جنديا في الفقمة اسمه روبرت أونيل، زعم أنه أول من واجه ابن لادن، حيث جاء أمام رجل نحيف يلبس طاقية ينظر في الظلام، وتحدث أونيل عن إطلاقه النار على أمل في رجلها، وتصويبه بندقيته، التي كان ينبعث منها ضوء الليزر الأحمر، حتى تصل إلى رأس الهدف، ويصف ذلك قائلا: "إنه يسقط، انهار الرجل الطويل على الأرض أمام سريره، وأطلقت النار عليه.. في المكان ذاته"، وتظاهرت أمل بأنها ميتة، فيما لاحظ أونيل أن طفلا كان يجلس إلى جانب أمه، وكان حسين الذي شاهد مقتل والده، وحمله الجندي ورش على وجهه الماء، ووضعه إلى جانب والدته.
وينوه التقرير إلى أن أمل استمعت وهي على حالها، إلى حديث الجنود، الذين أمسكوا بمريم وسمية، وطلبوا منهما تحديد هوية القتيل وتأكيد هويته.
وسأل جندي باللغة العربية : ما هو اسمه؟
- الشيخ
- أي شيخ؟
- عبد الله بن محمد
وأخبرت سمية أختها طالبة منها قول الحقيقة، "أخبريهم الحقيقة، ليسوا باكستانيين". ولم تستطع مريم الحديث، وقالت سمية: "إنه والدي، أسامة بن لادن"، لكن الجندي لم يكن متيقنا، فأمسك بصفية (11 عاما)، التي كانت مختبئة في الشرفة، سائلا إياها: "من هو؟"، وردت صفية بطريقة جنونية: "أسامة بن لادن"، وقام جندي آخر بإمساك خيرية، التي كانت في الممر، وقال لها: "لا تلعبي معي من هو؟"، فردت وهي ترتجف "أسامة"، فسألها: "أسامة من؟"، فأجابت: "أسامة بن لادن".
وتختم "صندي تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول جندي الفقمة، الذي يتحدث اللغة العربية: "تم التأكد مرتين، تأكدت من الطفل ومن سيدة كبيرة"، وبعد ذلك جروا جثة ابن لادن على الدرج، وحملوها في طائرة بلاكهوك، وانطلقوا بعدما فجروا الطائرة التي تعطلت.