عندما تنتهك كرامة الإنسان ويتعرض للإهانة وهو في حالة ضعف وعجز مع غياب العدالة تهون الحياة ويستوي ظاهر الأرض وباطنها، ولا يصل الجلادون إلى هذه الدرجة من فاشية التعذيب إلا بعد تجردهم من كل القيم الإنسانية النبيلة، وحينها لا يجد المضطهد من وسيلة لإيصال صوته والتعبير عن احتجاجه غير الإضراب عن الطعام وهذا ملخص ما حدث لأخينا الناشط الحقوقي عمران الرضوان الذي يواصل إضرابه لليوم الثاني عشر وهو يخوض معركة الأمعاء الخاوية ليستنهض الضمائر الحية وأهل المروءة والشيم وأنصار الحقوق والقيم.
وحالة الرضوان تزداد سوءا كل يوم بعد أن تناقص وزنه قرابة 9 كيلوغرامات حتى تعقدت حالته الصحية وأصبح عاجزاً عن الوقوف والأطباء يهددونه بإجباره على الأكل والفطر في رمضان وهو يصر بشموخ وإباء على التحقيق أولاً مع الحراس النيباليين الذين اقتحموا عنابر سجن الرزين يوم 25 مايو وخاصة العنبر 7 التي يقبع فيها المعتقلون من السياسيين والمدونين والناشطين الحقوقيين ومارسوا التفتيش بطريقة مهينة بعد تجريد المساجين من جميع ملابسهم والاكتفاء بتغطية عورتهم بفوطة وقد أكدت ذلك بيانات صادرة عن مؤسسات حقوقية دولية كالمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان وأشارت إلى الاعتداء على الحق في الخصوصية والحرمة الجسدية والأدبية وانتهاك ضوابط تفتيش المساجين وزوارهم وأشار البيانات إلى تعمّد إدارة سجن الرزين اعتقال المساجين من السياسيين والحقوقيين والمدونين بالسجن الانفرادي لأتفه الأسباب من أجل التنكيل بهم ومنعت عنهم الزيارة وهو ما أضرّ بسلامتهم النفسية والجسدية.
ومن يتأمل هذا التصعيد في الممارسات التعسفية في التعذيب النفسي والجسدي يتأكد له أن هذه التعسفات ممنهجة بطريقة قصدية يتعمد فيها جهاز الأمن كسر عزيمة المعتقلين وإهانتهم بأساليب إجرامية تجاوزت كل المعايير الأخلاقية والأعراف وتورط فيها جهاز الأمن بممارسة شتى صنوف إرهاب الدولة المنظم تحت ذرائع محاربة إرهاب وهمي يختلقه المستبدون لتبرير قمع المعارضين.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يتورط جهاز الأمن بهذه الممارسات القمعية التي تتصاعد وتيرتها يوماً بعد آخر؟ لماذا يتمادى هذا الجهاز في تعميق الجراحات وصناعة الآلام العميقة والاحتقانات وتدمير السلم الاجتماعي؟
هل أصبحت شهية جهاز الأمن للقمع كنار جنهم كلما أوغلت في الانتهاكات قال خزنتها هل من مزيد؟
لقد أصبح جهاز الأمن بهذه الممارسات تهديداً مباشراً على أمن وسلامة المواطن والوطن وهو الذي يجب أن يكون العين الساهرة على حماية الوطن والمواطن. فأين هي العين الساهرة التي تسلط حراساً نيباليين لتجريد المواطنين من ملابسهم وتفتيشهم بصورة مهينة؟ وأين هي كرامة الوطن والمواطن عند جهاز يدفع المواطن الإماراتي إلى خوض معركة الأمعاء الخاوية بالإضراب المتواصل عن الطعام بعد أن بحت الأصوات وانقطعت السبل دون استجابة لأبسط المطالب الإنسانية؟
فهل يدرك القائمون على أجهزة الأمن أن الملايين التي تنفق من أجل ترويج صورة إعلامية عن واقع التسامح في الإمارات تذهب هباءً منثورا مع استمرار الجهاز في ارتكاب جرائم التعذيب والانتهاكات الإنسانية؟
ونحن هنا نناشد جميع المنظمات المعنية بحقوق الإنسان للتدخل السريع لإنقاذ حياة الأبرياء والعمل على مناصرة ضحايا الانتهاكات وإيصال أصواتهم إلى الرأي العام العالمي لوضع الضمير الدولي أمام مسؤوليته الإنسانية في الحفاظ على حياة أبرياء مساجين بغير وجه حق ويتعرضون لانتهاكات جسمية دون ضغوط جادة للتحقيق مع المجرمين.
نسأل الله في هذا الشهر الكريم أن يفرج كرب المسجونين والمضربين عن الطعام من ضحايا الانتهاكات وأن يلهم السلطات رشدها ويهدينا جميعاً إلى سواء الصراط.