نشرت وكالة بلومبيرغ الأمريكية، تقريرا أكدت فيه أن تصريحات دونالد
ترامب حول
قطر جاءت متناقضة مع السياسات والتوجهات الأمريكية، وهو ما أوقع المسؤولين السياسيين والعسكريين بواشنطن في موقف محرج أثناء محاولتهم تفسير هذه التصريحات أمام الصحفيين.
وقالت الوكالة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون "وجد نفسه في موقف محرج، حيث توجب عليه مرة أخرى الإجابة عن أسئلة الصحفيين حول التصريحات الغريبة التي أطلقها رئيسه في ما يخص أزمة قطع العلاقات مع قطر"، حيث أكد تليرسون أن "ترامب لم يكن يقصد ما قاله بالضبط، ولا ينوي تغيير السياسات التي انتهجتها الولايات المتحدة طيلة سنوات بمجرد إطلاقه لتغريدة أو اثنتين".
وأشار التقرير إلى أن التغريدات التي أطلقها ترامب الثلاثاء؛ تضمنت إشادة بالخطوة التي أقدمت عليها المملكة السعودية من قطع للعلاقات مع قطر، "وقد أثارت هذه التغريدة الاستغراب؛ لأنها جاءت متناقضة مع مواقف جميع المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين، الذين أكدوا على الحياد الأمريكي في هذا الخلاف".
وأضاف أن تصريحات ترامب دفعت مسؤولين في الإدارة الأمريكية إلى الانخراط في مساع تهدف للحد من الأضرار الدبلوماسية الناجمة عن هذه التصريحات، على غرار عديد المواقف المفاجئة والغريبة التي عبر عنها ترامب مؤخرا، مثل الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، ورفضه الالتزام بمواصلة دعم حلف الناتو.
وأكد التقرير أنه "لا وجود لأي مؤشر على أن ترامب، قبل نشره لتلك التغريدة حول
الأزمة الخليجية، قد استشار وزير خارجيته ريكس تيلرسون، أو تحدث إلى وزير الدفاع جيمس ماتيس، الذي يعرف حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط جيدا، منذ عمله في القيادة العسكرية الوسطى في المنطقة".
ونقل التقرير عن الباحثة في معهد دراسات الشرق الأوسط بواشنطن، رندة سليم، قولها "إنه من الواضح عدم وجود أي تنسيق بين البيت الأبيض من جهة، وبين وزارتي الخارجية والدفاع من جهة أخرى، وهذا التناقض يدفع عديد الدول لتقييم الأمور بنفسها، بعد أن أيقنت أنها لا يمكنها أن تعتمد اليوم على الولايات المتحدة كدولة تقود السياسات الدولية".
وأشار التقرير إلى أنه مع اندلاع الأزمة بين قطر والدول الخليجية الثلاث، الاثنين الماضي، كانت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارا ساندر، قد أكدت أمام المراسلين الصحفيين أن "دونالد ترامب يرغب في نزع فتيل الأزمة، وهو الرأي نفسه الذي يشاطره فيه ريكس تليرسون وجيمس ماتيس".
وحذر التقرير من أن "هذه الأزمة تضع المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط على المحك، وخاصة قاعدة العديد الجوية في قطر، التي كلف إنشاؤها 60 مليون دولار، وتمثل مركز القيادة والعصب الرئيس في العمليات الجوية ضمن الحرب على تنظيم الدولة".
وذكر أن مسؤولا أمريكيا اشترط عدم الكشف عن اسمه، أكد أن الولايات المتحدة لا نية لها لنقل قاعدتها الجوية من قطر، على الرغم من وجود بعض المخاوف بشأن صعوبة نقل المعدات والاحتياجات السياسية عبر الحدود في ظل القطيعة الحالية.
واعتبر التقرير أن دونالد ترامب أظهر قلة وعي بهذه التعقيدات والحسابات الأمريكية، من خلال التغريدات التي أطلقها ضد قطر يوم الثلاثاء، حين قال إنه "عندما زار الشرق الأوسط وطلب وقف تمويل المجموعات المتطرقة؛ أشار الزعماء الحاضرون إلى قطر".
ولفت التقرير إلى أن وزير الخارجية ريكس تليرسون سارع بعد هذه التغريدات إلى تهدئة الوضع وإصلاح ما أفسده ترامب، حيث قال أثناء تواجده في زيارة لنيوزيلاندا، إن "كل دولة في الخليج لديها مصالحها وارتباطاتها"، وعبّر عن أمله أن "تقوم مختلف الأطراف بحل خلافها عبر الحوار".
وأضاف التقرير أن البيت الأبيض أعلن، الأربعاء، أن الرئيس ترامب اتصل هاتفيا بأمير قطر، وعرض عليه المساعدة لحل الخلاف، من خلال عقد اجتماع في البيت الأبيض إذا تطلب الأمر ذلك.
واعتبر التقرير أن التناقض بين تغريدات ترامب ومواقف المسؤولين الأمريكيين؛ يعكس مشكلا بات واضحا في الإدارة الأمريكية، يتمثل في صعوبة تفسير تصرفات ترامب وفهم ما ينشره على الإنترنت، في ظل التناقض الكبير مع ما يقوله ويفعله الوزراء الأمريكيون في ما يخص السياسة الخارجية.
وأشار إلى أن خبراء السياسة الخارجية الأمريكية، أظهروا قلقا كبيرا من فقدان الولايات المتحدة لمصداقيتها أمام العالم، في ظل تزايد الشكوك حول مدى إمكانية الوثوق في تصريحاتها ومواقفها، مع هذه التغريدات التي ينشرها ترامب على حسابه.
وأكد أن العديد من الموظفين الحاليين والسابقين في وزارة الخارجية الأمريكية؛ باتوا يتهربون من وسائل الإعلام، ويحاولون العمل في الخفاء، من أجل تجنب المواقف المحرجة والاضطرار لتفسير تغريدات ترامب.
ونقل التقرير في هذا السياق عن الباحث في مركز السياسات الأمنية الجديدة، لورين ديونغ شولمان، قوله إن "تصرفات ترامب تزيد الضغوط على الإدارة الأمريكية، حيث بات الموظفون ينفقون وقتهم وطاقتهم في محاولة تفسير ما يكتبه الرئيس من تغريدات متناقضة".