نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن الخلاف الدبلوماسي الذي نشب بين دول
الخليج العربي والذي يهدد توازن القوى في الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الصراعات التي يشهدها الشرق الأوسط قد ازدادت تعقيدا خلال هذا الأسبوع على خلفية التفجيرات التي هزت طهران. كما أن النزاع الحاد بين في الخليج يلعب دورا جوهريا في خضم كل هذه التجاذبات.
وذكرت الصحيفة أنه وعلى الرغم من أن الأمرين غير مرتبطين بشكل مباشر، إلا أنها تنضوي تحت مظلة تصاعد التوتر بين القوتين الإقليميتين،
إيران والسعودية، حيث أن دعم ترامب للمملكة قد دفع بالحرب مع إيران خطوة إلى الأمام.
وقالت الصحيفة إنه يجب عدم إظهار اللامبالاة تجاه الوضع القائم في المنطقة أو الاستهانة به، حيث تهدد هذه الأزمة بزعزعة التوازن الهش لمختلف القوى في الشرق الأوسط، وبشكل غير سلمي.
وبينت الصحيفة أنه، وفي الوقت الذي تبنى فيه تنظيم الدولة الهجوم الذي استهدف طهران، يصر الحرس الثوري، أحد أركان النظام الإيراني، على إلقاء اللوم على
السعودية متوعدا بالانتقام. ومن الواضح أن هذه الخطوة سينجم عنها العديد من التداعيات الخطيرة على كلا البلدين اللذين يعتبران متنافسين تقليديين يسعيان للسيطرة على القيادة الجيوسياسية في المنطقة.
وفي الأثناء، تشهد مختلف جبهات الصراع في المنطقة انطلاقا من سوريا وصولا إلى اليمن، مرورا بليبيا والعراق والبحرين، مواجهة بين المنافسين الإقليميين. وفي ظل العداء المتنامي بين قادة القوتين، قد تؤدي أدنى شرارة بين إلى تحول هذه النزاعات إلى حرب مفتوحة قد يُقحم فيها حلفاء محليون.
وقالت الصحيفة أن إيران تعتبر أن تنظيم الدولة يتحرك وفقا لأوامر السعودية. ومن جهتها، ترى السعودية أن التدخل الإيراني في المجتمعات الشيعية داخل الدول العربية قد أدى إلى بروز وتنامي ظاهرة التطرف والعنف في المنطقة. ولكن، في واقع الأمر، تتجاوز هذه الخلافات الأسباب الدينية، حيث تعتبر التطورات السياسية الأخيرة السبب وراء اشتداد العداوة.
وأوضحت الصحيفة أنه ومنذ سنة 2000، شهد الخليج العربي حالة من المد والجزر، الأمر الذي ساهم في إنهاء العزلة التي كانت تعيشها إيران. في بداية القرن الجديد، اهتز العالم على وقع هجمات 11 من أيلول/ سبتمبر التي زعزعة العلاقات السعودية الأمريكية. وفي مرحلة تالية، ساهم التدخل الأمريكي في أفغانستان والعراق في فتح الأبواب أمام طهران للتوغل في المنطقة. وفي أعقاب ذلك، مثّل الاتفاق النووي الإيراني ضربة مدوية بالنسبة لأبو ظبي والرياض، ما دفعهما لغض الطرف عن تجاوزات منافسهم الشيعي.
وأضافت الصحيفة أن عزل
قطر، يعد الأزمة الأسوأ بين ممالك النفط منذ الغزو العراقي للكويت سنة 1990. وفي الأثناء، لا يمكن إلقاء مسؤولية الانقسام بين ممالك شبه الجزيرة العربية على عاتق الرئيس الأمريكي، وذلك نظرا للخلافات التي تشوب علاقات الدول الأعضاء في صلب مجلس التعاون الخليجي. في الحقيقة، يتمثل جوهر هذه الأزمة الخليجية في القصة التي دأبت السعودية على الترويج لها، والتي تفيد بأن إيران هي المسؤول الأول عن الشر في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن السبب وراء انزعاج السعودية من قطر، يعزى بالأساس إلى دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، وتعاطفها مع ثورات الربيع العربي. فضلا عن ذلك، أعلنت الدوحة عن استعدادها لإجراء محادثات مع إيران، مما أثار حفيظة القادة في السعودية. وفي الوقت ذاته، حرصت قطر على تأكيد استقلال قرارها السياسي عن السعودية.
ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم أنه فيما يتعلق بتمويل الجماعات الإرهابية مثل تنظيم الدولة أو تنظيم القاعدة، أو التقارب مع إسرائيل، لا تعد قطر استثناء مقارنة ببقية دول الخليج العربي. بالإضافة إلى ذلك، لا تعد قطر الدولة الوحيدة التي ترتبط بعلاقات بإيران، "فبمجرد التمعن في السياسة الخارجية لدبي سندرك أن هذا الاتهام مثير للسخرية".
وأوردت الصحيفة أنه وبغض النظر عن أهداف السعودية وحلفائها، يمكن الجزم بأن استراتيجية الرياض قد خلفت في الوقت الحالي نتائج عكسية لا غير. كما أن مقاطعة قطر، لن تحل المشكلة، بل ستدفع بالدوحة إلى أحضان إيران التي عرضت عليها خدماتها بالفعل.
وقالت الصحيفة إن هذه الأزمة تعزز مصالح طهران، التي شعرت براحة بليغة أثناء متابعتها لهذه الأحداث التي قوضت وحدة واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي. من جانب آخر، أضعفت الأزمة الجديدة التي تشهدها دول الخليج؛ الجهود الرامية إلى الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة. كما يمكن أن يزعزع ذلك التعاون التركي السعودي لدعم المعارضة السورية.