كتب الدبلوماسي الأمريكي والسفير السابق في إسرائيل دانيال شابيرو مقالا في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، عن موقف الرئيس الأمريكي الداعم لحصار
قطر، الذي فرضته
السعودية والإمارات.
ويحلل الكاتب في مقاله، الذي جاء تحت عنوان "
ترامب ترك السعودية تأمر وتنهى على أمريكا"، الطريقة غير المنسقة التي قام بها التحالف السعودي بمعاقبة قطر، بطريقة أضرت دبلوماسيا وعسكريا بالولايات المتحدة.
ويقول شابيرو في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إن "التحرك السعودي
الإماراتي بشأن قطر، وإن كان يعبر عن مطالب مقبولة، ولدى الولايات المتحدة رهانات في هذه المشادة، إلا أن الكثيرين من حلفاء الولايات المتحدة (وربما كان يعني إسرائيل)، تساءلوا: من يقرر؟ من يقرر عندما تعرض الولايات المتحدة مصالحها للخطر حتى عندما تكون هناك أهداف سياسية مشروعة؟".
ويرد الكاتب قائلا إن "السعودية وحلفاءها قامت بمفاجأة الولايات المتحدة، ودون تحذيرات مسبقة، بقرار عزل قطر، وفرض حصار عليها، مع أنها شريك للولايات المتحدة، وتستقبل حوالي 10 آلاف جندي أمريكي في قاعدة العديد".
ويعلق شابيرو قائلا إن "هذه السياسات ستؤثر فعلا على عمليات الطيران الأمريكي من القاعدة القطرية، وتقوض الجهود الأمريكية، التي قامت على ضرورة حماية الوحدة الخليجية، وما زاد من الضرر هو المطالب الغامضة التي تطالب قطر بالاستسلام قبل إعادة العلاقات الطبيعية معها".
ويشير الكاتب إلى صورة عن هذه المطالب، بما ورد في مقال سفير الإمارات العربية المتحدة في واشنطن يوسف العتيبة، الذي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، حيث قال فيه إن على قطر الاعتراف بأن "الدوحة أصبحت مركزا ماليا وإعلاميا وأيديولوجيا للتطرف، وعليها اتخاذ إجراءات حاسمة للتعامل مع مشكلة التطرف، ووقف التمويل، وأن تتوقف عن التدخل في شؤون جيرانها الداخلية، وتقضي على حملة التحريض والراديكالية".
ويقول شابيرو إن هذا لا يعني أن الشكاوى ضد قطر ليست دون أساس، مشيرا إلى أنه من خلال عمله في المنطقة، شعر مثل بقية الدبلوماسيين، بحالة إحباط من ازدواجيتها، ويقول: "فمن ناحية تستقبل قطر مركز العمليات الجوية المشتركة التابع للقيادة المركزية، الذي تقوم من خلاله بتنسيق العمليات الجوية من أفغانستان إلى العراق وسوريا، وتشتري قطر المعدات العسكرية المتقدمة الأمريكية الصنع، بشكل يخلق وظائف في صناعة الدفاع الأمريكية، وتعد من أهم مزودي الطاقة للدول الغربية الرئيسة، وهي على الأقل، وإن كانت بصفة شكلية، جزءا من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وتدعمه دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يتعامل مع تنظيم الدولة وإيران وسوريا".
ويضيف الكاتب: "ومن جهة أخرى، فلدى قطر تاريخ غير جيد في دعم وتزويد الجماعات المتطرفة، مثل جبهة النصرة والجماعات الأخرى داخل المعارضة السورية، أو المنظمات الفلسطينية، مثل حركة حماس، التي تتخذ مقرا لها في الدوحة منذ عام 2011، وكثيرا ما اشتكت الولايات المتحدة من هذه العلاقات، إلا أن إثبات التمويل الإرهابي من خلال المعايير القانونية عادة ما يكون صعبا".
ويلفت شابيرو إلى إزعاج قطر للسعودية ومصر، من خلال دعم الإخوان المسلمين، وما تمثله قناة "الجزيرة"، بصفتها صوتا للإسلاميين، مشيرا إلى أن قطر تشترك مع إيران في حقل للغاز، واحتفظت معها بعلاقات أوثق من علاقات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
ولا ينفي الكاتب أن أمريكا لا تشترك بقائمة الاتهامات التي وجهتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين لقطر، مستدركا بأن "المشكلة هي الطريقة التي قامت من خلالها هذه الدول بشن حملة على قطر".
ويرى شابيرو أنه "من غير المنطقي شن حملة اقتصادية غير منسقة على قطر، وفرض مطالب قصوى لا يمكن تحقيقها على المدى القريب، فإن تصرفا كهذا يؤثر على مصالح الأمن الأمريكية، ولهذا السبب حاول وزير الخارجية ريكس تيلرسون، التوسط بين الأطراف، ودعا قطر لوقف دعم التطرف، وعدم التصعيد من التحالف السعودي، فيما حذر العسكريون الأمريكيون من آثار الحصار السلبية على عمليات الجيش الأمريكي من قاعدة العديد ضد الجهاديين".
وينوه الكاتب إلى أن البحرية الأمريكية قامت بمناورة عسكرية مع قطر؛ لتظهر استمرارية التعاون، ووقع وزير الدفاع جيمس ماتيس مع نظيره القطري اتفاقية لتزويد قطر بـ72 مقاتلة، من نوع "أف-15"، بقيمة 12 مليار دولار.
ويجد شابيرو أن "هذه الخطوات هي الخطوات المنطقية التي تقوم بها أي إدارة تتصرف بحذر، لا بالكلمات الطنانة"، في إشارة إلى تغريدات ترامب، التي هاجم فيها قطر، ودعم السعوديين.
ويقول الكاتب إن "على الولايات المتحدة أن تكون واضحة مع قطر لتنهي دعمها للتطرف في سوريا والجماعات الفلسطينية، بما في ذلك طرد قادة حركة حماس من الدوحة، وتخفيف حدة نقدها الموجه لجيرانها، حيث إن الفشل في تحقيق هذا الأمر يعني التفكير بنقل القاعدة العسكرية في العديد، التي تعد منفعة للأمن القطري، كونها دولة أكثر تعاونا، مع أن نقل القاعدة يحتاج لأشهر".
ويذهب شابيرو إلى أن التوقعات بابتعاد قطر عن إيران تظل أقل واقعية، خاصة أنهما تشتركان في مصادر الغاز ذاتها، لافتا إلى أنه يمكن لقطر أن تخفف من تقاربها مع طهران.
ويعتقد الكاتب أن "أساليب التحالف السعودي كشفت في هذا النزاع عن الخلافات في المواقف بين الولايات المتحدة وهذه المجموعة من الحلفاء، وأجبرتنا على التأكيد أن لا أحد يمكنه الإملاء على الولايات المتحدة كيفية حل النزاعات، فالحملة غير المنسقة أضرت بمصالحنا، بدفعها قطر أكثر للتعاون مع إيران، التي زادت من دعمها لقطر، بإرسال شحنات طعام لها، ولتحل محل خطوط الإمدادات التي أغلقتها السعودية، وتقوم الدول الأخرى، مثل روسيا وتركيا، باستغلال الانقسام الذي كشف عنه بوضوح بين الولايات المتحدة وشركائها".
ويقول شابيرو إن "هذا لا يعني فقط أنه يجب التركيز على قطر وضرورة تغييرها لسياساتها، بل إنه يجب أيضا على واشنطن وضع حدود مع السعوديين، الذين لديهم تاريخهم في دعم وتمويل التطرف، والطلب منهم ومن حلفائهم وقف عزل قطر، وحل الأزمة دبلوماسيا، ويجب عليهم أن يفهموا أنه ليس بإمكانهم الإملاء على الولايات المتحدة أي خطوات تضر بمصالحنا وبقواتنا".
وبخلص الكاتب إلى القول إنه "يجب أن يظهر تيلرسون وماتيس وبوضوح تام: عندما تتعرض مصالح أمريكا للخطر، فإننا نقوم بالتشاور مع حلفائنا، لكن الولايات المتحدة هي التي تقرر".