كتب المعلق في صحيفة "واشنطن بوست" إيشان ثارور، تقريرا حول التغيرات في
السعودية، وصعود الأمير
محمد بن سلمان، الذي خيم على أجواء الشرق الأوسط.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى قرار العاهل السعودي
الملك سلمان في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، بترفيع ابنه البالغ من العمر 31 عاما ليحل محل ابن أخيه الأمير محمد بن نايف، البالغ من العمر 57 عاما، بشكل جعله أقوى شخصية سياسية في البلد، وفي المركز الثاني ليحل محل والده الكبير في العمر.
ويلفت الكاتب إلى أن أنصار ابن سلمان يرون أن التغيير ضروري؛ نظرا لدعواته الناشطة للتغيير في البلاد، أما أعداؤه فينعتونه بالمتهور والاندفاعي، ويخشون أن يقود صعوده إلى السلطة إلى نزاعات جديدة في الشرق الأوسط.
وتنقل الصحيفة ما كتبه أحد الصحافيين، بأن هذا الإعلان "يعلم أول مرة يقوم فيها حاكم سعودي منذ الملك عبد العزيز بن سعود، بتعيين ابنه وليس شقيقه وليا للعهد"، وأضاف: "هذه هي المرة الثانية منذ إنشاء المملكة في عام 1932 يتم فيها اختيار أحد أحفاد ابن سعود وليا للعهد وملكا محتملا في المستقبل".
وينوه التقرير إلى أن تعيين الملك لابنه في منصب الولاية لم يكن مفاجئا، كما يقول الخبراء والصحافيون، مفضلا إياه على ابن أخيه، الذي له علاقة قوية مع الأجهزة الأمنية في البلد، مستدركا بأن المسألة كانت مسألة وقت، ففي نيسان/ أبريل قام الملك بتعديل حكومي، وأصدر مراسيم لتقوية موقع ابنه، نائب ولي العهد، وإضعاف موقع منافسه، حيث تقول كريستين سميث ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشنطن: "لقد توقعنا تحولا في السلطة منذ وقت ومركزة السلطة في يد الملك سلمان وابنه".
ويقول ثارور إن "الرياض حاولت تقديم صورة سلسة عن انتقال السلطة، رغم التنافس والمظالم العائلية، حيث تم بث لقطات للأمير ابن نايف وهو يبايع ابن عمه في حفلة منظمة، وحصل ولي العهد الجديد على البيعة من أفراد العائلة والناس في مكة ليلة الأربعاء، وتلقى الأمير التهاني من قادة الدول، بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، الذي اتصل بالأمير، وناقش معه سبل قطع دعم الإرهاب".
ويضيف الكاتب أن "ترامب هو طبال السعوديين منذ وصوله إلى البيت الأبيض، وهي أخبار رحبوا بها بعد سنوات من التوتر مع إدارة باراك اوباما، التي فتحت مجالا للحوار مع إيران، بشكل أغضب السعوديين".
وتورد الصحيفة نقلا عن مدير برنامج الخليج والطاقة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، قوله إن "تعيين (م ب س/ محمد بن سلمان) يؤكد تحسن علاقات العمل مع واشنطن، بعد التوترات التي حصلت أثناء إدارة أوباما، بسبب الملف النووي الإيراني"، لكنه حذر من أن العلاقات المستقبلية "لن تكون بالضرورة منسجمة".
ويفيد التقرير بأنه منذ تولي محمد بن سلمان أدوارا كبيرة في ظل والده، فإن السعوديين تبنوا موقفا متشددا في المنطقة، فموقف الأمير من إيران اتسم بالتشدد، وكان مهندس الحملة المثيرة للجدل والقاتلة في اليمن ضد المتمردين الحوثيين، وكان وراء الحصار المفروض على قطر، مشيرا إلى أنه قد يأتي وقت تتباعد فيه المصالح الأمريكية والسعودية.
ويذكر ثارور أن بروس ريدل من معهد "بروكينغز" يرى أن التحركات الأخيرة للرياض "مزقت التحالف السعودي التقليدي"، مشيرا إلى أن الدور الذي تطمح إليه السعودية لتكون في مقدمة القوى السنية يتعرض لتهديد، "حيث سارعت تركيا لدعم قطر، وأظهرت إيران أنها حليفة لقطر، ووقفت عمان وباكستان موقفا محايدا".
وتنقل الصحيفة عن المحلل ديفيد هيرست من موقع "ميدل إيست آي" في لندن، قوله: "عندما وصل الأب والابن للسلطة، بعد وفاة الملك عبد الله، كان هناك أمل بأنهما سيوحدان السنة، ويقدمان لهم القيادة التي يحتاجونها بشدة، وبدلا من ذلك فإنهما قاما بشرذمتهم، وزرع حالة الاستقطاب".
ويشير التقرير إلى لقاء أجراه الكاتب ديفيد إغناطيوس مع الأمير، حيث قال: "أنا شاب و70% من مواطنينا هم شباب"، وأضاف: "لا نريد أن نعيش في الدوامة التي نعيش بها منذ 30 عاما، ونريد نهاية هذه المرحلة الآن، ونريد أن يستمتع السعوديون بالأيام المقبلة، والتركيز على تطوير مجتمعنا، وتطوير أنفسنا، أفرادا وعائلات، ونحافظ على عاداتنا وتقاليدنا في الوقت ذاته"، إلا أن النقاد يقولون إنهم بانتظار تحول كلامه إلى واقع.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن ريدل قدم تحليلا قاتما، حيث يقول: "لدى الملك السلطة والسيطرة الكاملة، واختياره لابنه سيؤدي إلى إثارة هادئة وشكاوى داخل العائلة والمؤسسة الدينية، وليس تحديا، وستكون الكلفة البعيدة الأمد لهز شرعية خط الخلافة، وسط انخفاض أسعار النفط وتوترات إقليمية، مثيرة للقلق، وسيرث الأمير بلدا يتعرض للضغوط في الداخل والخارج".